تظاهرات حاشدة في الشمال السوري احتجاجاً على دعوات وزير خارجية تركيا للمصالحة مع دمشق
دعا ناشطون في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة للنظام السوري في شمال وشمال غرب سوريا الى تظاهرات حاشدة الجمعة، احتجاجاً على تصريحات لوزير خارجية تركيا مولود تشاوش أوغلو دعا فيها الى “مصالحة” بين دمشق والمعارضة لتحقيق “سلام دائم”.
وقال تشاوش أوغلو الذي كانت بلاده في بداية النزاع السوري في 2011 من أبرز داعمي المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس، “علينا أن نجعل النظام والمعارضة يتصالحان في سوريا، وإلا لن يكون هناك سلام دائم”.
وأثارت تصريحاته غضب معارضين سوريين. وصدرت تباعاً دعوات لخروج تظاهرات عقب صلاة الجمعة في كبرى مدن الشمال السوري كأعزاز والباب وعفرين وجرابلس التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل سورية موالية لها، تحت شعار “لن نصالح”.
وصدرت كذلك دعوات مماثلة للتظاهر في مدينة إدلب (شمال غرب) الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى أقل نفوذاً، وللتجمع قرب المعابر الحدودية مع تركيا.
وشهدت مناطق سورية تحركات غاضبة ليلاً. ففي مدينة الباب، تجمّع العشرات رافعين رايات المعارضة ومرددين شعارات مناهضة لتركيا.
وقال مصوّر لوكالة فرانس برس إن المتظاهرين أحرقوا علما تركيا وأزالوا الأعلام التركية المرفوعة في أنحاء الباب. وتجمّع العشرات كذلك قرب معبر باب السلامة مع تركيا، مرددين هتاف “الموت ولا المذلة”.
وصدر الجمعة بيان توضيحي عن المتحدث باسم الخارجية التركية تانجو بيلغيتش أكد فيه أن بلاده “ستواصل المساهمة بقوة في الجهود الرامية لإيجاد حل دائم” للنزاع في سوريا “بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري”.
وذكّر بـ”الدور الرائد”الذي لعبته بلاده لناحية تثبيت اتفاقات وقف إطلاق النار في سوريا وبـ”الدعم الكامل الذي قدمته للمعارضة وهيئة التفاوض طيلة العملية السياسية” التي اعتبر أنها “لا تمضي قدماً حالياً بسبب مماطلة النظام”.
وكان تشاوش أوغلو قال الخميس إنه بعد مرور 11 عاماً على اندلاع النزاع السوري، “مات كثيرون وغادر عديدون بلدهم. يجب أن يتمكن هؤلاء من العودة، بمن فيهم الموجودون في تركيا. لهذا، يتعيّن أن يكون هناك سلام دائم”.
واعتبر أن مسار أستانا موجود “من أجل التوصل الى حلّ عبر الدبلوماسية والسياسة في سوريا”.
وتجري أنقرة منذ سنوات محادثات مع طهران وموسكو، أبرز داعمي دمشق، في إطار مسار أستانا الهادف الى إيجاد تسوية سياسية للنزاع، بموازاة جهود الأمم المتحدة في جنيف. وأدت اتفاقات تهدئة ضمن هذا المسار الى وقف هجمات عسكرية واسعة نفذتها قوات النظام السوري خصوصاً في إدلب.
ونفى تشاوش أوغلو وجود أي تواصل مباشر راهناً بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، رغم مطالبة روسيا بذلك منذ زمن طويل، على حد قوله. لكنه أشار الى عودة التواصل مؤخراً بين أجهزة استخبارات البلدين بعد انقطاع.
وكشف عن لقاء قصير جمعه مع نظيره السوري فيصل المقداد في بلغراد في تشرين الأول/أكتوبر أكد خلاله أن “الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج” من الأزمة، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة “القضاء على الإرهابيين”.
وتلوّح تركيا منذ أيار/مايو بشنّ هجوم على منطقتين تحت سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال سوريا. وأكد تشاوش أوغلو أن بلاده “ستواصل قتالها ضد الإرهاب في الميدان في سوريا”، بموازاة جهودها للتوصل الى حل سياسي.
وتصنّف تركيا المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على منطقة واسعة في شمال وشمال شرق سوريا “إرهابيين”، وتخشى أن يستقوي المتمردون الأكراد في تركيا بهم.
وتسبّب النزاع في سوريا بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
وكالات