أول الفجر ..

فوز حمزة

عندما دخلت حديقة حينا.. كانت الشمس توشك على المغيب  .. تلفت حولي لعلي ألمح أحدًا من الجيران أو الأصدقاء .. قلت لنفسي: يالغبائي .. مَن يفكر في الخروج من بيته  في مثل هذا الجو الكئيب ؟! ..

هبت ريح خريفية  تمايلت على إثرها أغصان الأشجار  .. خشخشة الأوراق وأنا أدوس عليها بقدمي تركت فيّ إحساسًا غريبًا لا أعرف تفسيرًا له..

اتجهت صوب شجرة الجوز العجوز التي أحب الجلوس قربها  والتي بدت أطول من ذي قبل .. ثمة طائر قد سبقني إلى المكان.. لمحته واقفًا على حقيبة من الجلد بنية اللون موضوعة على مقعد خشبي تحت الشجرة .

أسرعت الخطى  وحملت الحقيبة التي كانت من النوع التي يحملها رجال الأعمال .. تبدو ثقيلة .. انتابني  فضول لأعرف ما بداخلها .. تبدل الفضول إلى إندهاش عند رؤيتي لرزم من المال كثيرة داخل الحقيبة .. ضممتها الى صدري و جلت ببصري في المكان لأطمئن أن لا أحد يراني  ..

فكرت في عد النقود.. من شدة فرحتي لم أتمكن من عدها وبدلًا من ذلك  أخذت أفكر في الأشياء التي ساشتريها بهذه الأموال التي هبطت عليّ من السماء ..

قلت لنفسي :

ساستبدل هاتفي السامسونج  القديم  بآيفون حديث ثم أسافر إلى اليونان فهذه البلاد لطالما سحرتني .. بعد لحظات  .. بدت لي فكرة السفر سخيفة في هذا الوقت  وقلت  ساستبدل الهاتف واشتري قلادة من الذهب وأغير أثاث المنزل أما الباقي سأسدد ديوني الكثيرة به  ..

وأنا على هذه الحال عثرت بين الأموال على ورقة صغيرة مكتوب فيها رقم هاتف وعنوان ..

ما العمل الآن ؟..

هذه الورقة الدخيلة ألغت كل ما خططت له .. وقفتْ شاخصة بيني وبين ومشاريعي  .. لكن عقلي  الشيطاني همس لي .. أنتِ غير ملزمة بفعل أي شيء .. الفرصة تأتي مرة واحدة في العمر .. أما قلبي الذي يبحث دائمًا عما يتعبه  .. لم يعجبه هذا الرأي  فحدثني برقة : لا تستمعي إلى شيطانكِ ..  ربما صاحب المال استدانه ليحل به مشكلة .. أو اقترضه من بنك ذو فائدة عالية  .. كوني طيبة واتصلي به .. لم تطل المعركة بينهما وكان النصر لقلبي .. اتصلت بصاحب  الرقم وأخبرته بأمر الحقيبة والمال ..

لم تصدق عيني ما ترى .. شاب في غاية الوسامة والأناقة .. له وجه نوراني  لم تر عيني شبيه له .. يرتدي جلبابًا أبيض ويلف حول رقبته شالًا أخضر .. لا أدري من أي مكان  هبط  فلم أسمع له صوتًا أو همسًا ..  يبدو أن اليوم يوم سعدي .. هذا هو الرجل الذي طالما حلمت به ..عيني وشت بما في  قلبي الذي  كان ينبض بسرعة ميل في الدقيقة  ..  لابد أنه شعر بما فيّ تلك اللحظة  .. أمسك بيدي ..

يا إلهي ! .. ما الذي يحصل لي؟ ..

أحقا هذه السعادة التي اتنفسها الآن هي ملك لي وحدي ؟

هل جاد الزمان أخيرًا بما أريد واتمنى ؟

أخبرته وأنا أسير معه  أنه حلم لم أجرؤ من قبل أن أحلمه !!

لم  تمضِ أيام قلائل إلا وجدته يطلبني للزواج ومع الخاتم  قدم لي راكعًا مال الحقيبة هدية الزواج ..

دموع الفرح بللت وسادتي ..

كانت الساعة السادسة فجرًا حينما اتصلت بصديقة لي لأخبرها بما رأيت .

زر الذهاب إلى الأعلى