كيف اختفت 36 مليون دولار من خزينة موريتانيا؟
النشرة الدولية –
أعلنت المفتشية العامة للدولة الموريتانية، اكتشاف 13.8 مليار أوقية أي قرابة ٣٦.٦ مليون دولار، تم صرفها بطريقة “غير سليمة” خلال الشهور الستة الماضية في واحد من أكبر المبالغ المعلنة خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثار جدلا واسعا حول مسار محاربة الفساد في هذا البلد المغاربي.
وأفصح المفتش العام، خلال مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء، عن نتائج عمل 16 بعثة من أصل 19 غطى تفتيشها 60 مليار أوقية قديمة خلال الفترة المذكورة، موضحا أن البعثات زارت 178 تجمعا سكنيا وعاينت 180 منشأة أو نشاطا للتأكد من الإنجاز واحترام دفاتر الشروط.
وقال المفتش إن مبلغ 2.7 مليار أوقية (قرابة ٧.١ ملايين دولار) ألزم مختلسوها بردها وتجري استعادة بعضها، وأحيل البعض للسجن، فيما تم التحفظ على 8 مليارات أغلبها فواتير وهمية منها 2.4 مليار، أي نسبة 30 في المئة، تم إلغاؤها ويجري التحقيق في باقي المبالغ.
وحول هذه الأرقام، قال المحلل السياسي الهيبة ولد الشيخ سيداتي إن الأرقام التي أعلنتها مفتشة الدولة “مخيفة جدا”، إذ أن التقديرات تشير إلى “قرابة ٦٠ مليار أوقية قرابة (١٦٠ مليون دولار) شملها التفتيش تم صرف جزء كبير منها بطريقة غير سليمة” في مؤشر “على عمق الفساد ومجالاته في البلاد” خلال هذه الفترة.
وأضاف، في حديث مع “أصوات مغاربية”، أن نسبة كبيرة تقارب ٨ مليارات أوقية قديمة (…) من هذه المبالغ كانت عبارة عن “فواتير وهمية” تم إلغاء ثلثها وما زال “التحقيق مستمرا في الثلثين الباقيين”، معتبرا أن ذلك يدل على طريقة “النهب وأن بعض الموردين ورجال الأعمال مساهمون في اختلاس وتبديد المال العام”.
واعتبر المتحدث نفسه أن أعظم مشكلة في هذه القضية هي أنها “جريمة بلا مجرمين”، حيث إن المفتش العام للدولة “لم يعلن اسما واحدا من المشمولين في قضية استرداد الأموال خلال الشهور الثلاثة الماضية”، مشددا على أنه “في ظل المقاربة الحالية التي تتمثل في الاكتفاء باسترداد الأموال وعقوبات إدارية خفيفة بدل السجن، لا يمكن القضاء على الفساد” في هذا البلد المغاربي.
وكانت المفتشية العامة للدولة أعلنت إحالة 20 شخصًا إلى السجن، بسبب تورطهم في عمليات فساد ورفضهم إعادة الأموال التي تطالبهم المفتشية بها، بعد أن كشفت التحقيقات ضلوعهم في اختفائها.
وفي نفس السياق، قال الخبير والمحلل الاقتصادي محمد الأمين عبد الحميد إن مسار مكافحة الفساد الحالي في موريتانيا “إيجابي ويجب البناء عليه في المستقبل”، مشيرا إلى أنه “لأول مرة تتحدث المفتشية العامة للدولة عن أرقام واضحة وعن مبالغ مستردة وأخرى قيد البحث في البلد”، مبرزا ن محاربة “ظاهرة الفساد مهمة لتجاوز العجز قي الموازنة”.
وأضاف ولد عبد الحميد، في حديث لـ”أصوات مغاربية”، أن هذه الخطوات “مبشرة وعلى الدولة أن تنتهج سياسية العصا والجزرة في التعامل مع ملفات الفساد” وأن “تستمر في سياسة شاملة وفي جميع المؤسسات تكافؤ المسؤولين وتحسن من ظروفهم وأن تطبق عقوبة كبيرة على المفسدين”.
وكانت وسائل إعلام موريتانية تحدثت خلال الأسبوع الماضي عن اختفاء ٢٠ مليار أوقية (٥٣.١ مليون دولار) لكن المفتشية في مؤتمرها الصحفي نفت ذلك بشكل قطعي مقدمة تفاصيل اعتبرتها نماذج من حقيقة ما يتم الحديث عنه.
وأكد المفتش العام أن ما “أنفقت فيه المليارات المتحدث عنها هو موازنات لمشاريع يجري العمل عليها، تتعلق إحداها باتفاقية بمبلغ 10.4 ملايير أوقية بين وزارة المياه والهندسة العسكرية أبرمت على وجه الاستعجال”.
وقال المفتش إن الهدف من هذه الاتفاقية كان توسيع شبكة المياه في العاصمة، مضيفا أن من يسافر هذه الأيام على طريق الأمل (الرابط بين العاصمة والمدن الشرقية من البلاد) سيلاحظ “الأنابيب الممتدة من ما يعني بحسب المسؤول أنه “لا مجال للحديث عن تبخر المليارات”.