مير حسين موسوي يكشف خفايا النظام الإيراني في كتاب: يسعى إلى التوريث ودمر سوريا وتسبب بظهور “داعش”

النشرة الدولية –

النهار العربي –

ستار خفايا النظام في إيران يتمزق شيئاً فشيئاً، واللافت أن التمزق لا يقتصر على “مؤامرات” الأعداء، فهناك من بين صفوف أصدقاء النظام وأبنائه الأوائل من يساهم في ضرب جوانب من الستار، وقد يكون آخرهم مير حسين موسوي رئيس وزراء الإيراني الأسبق.

تزامناً مع اليوم العاشر من محرم الذي يحظى بدلالات رمزية عند الشيعة في محاربة الظلم، أصدر مير حسين موسوي قائد “حركة الخضراء” من محل إقامته الجبرية مقدمة لكتابه المترجم إلى اللغة العربية تحت عنوان “نحن دائماً الخضراء”، كشف فيها عن الكثير من خفايا البلد، ليتسبب بصدمة كبيرة لمسؤولي النظام.

دور إيران السلبي في ما حل بدول المنطقة من قتل وتشريد وخراب ونشوب النزاعات الطائفية، وتأكيد محاولة المرشد توريث الحكم، وأيضاً نعت الضباط الإيرانيين المقتولين في سوريا بالمرتزقة، من أهم المحاور التي تطرق إليها المرشح لرئاسة البلد في عام 2010 في نص نشره قبل بضعة أيام.

يعتقد الإعلامي مهدي مهدوي آزاد أنه “لم يسبق لأي سياسي إيراني أن تفوّه بمثل هذا الكلام، إنه كلام فيه شجاعة منقطعة النظير، إذ حتى الأشخاص والرموز الذين كان النظام يبذل قصارى جهده لإضفاء القدسية عليهم لم يسلموا من نقد مير حسين الصريح”.

مير حسين موسوي
سوريا أولى الضحايا
“إن شجون سوريا المستمرة حتى يومنا هذا، ملايين المشردين ومئات الآلاف من القتلى والمعوقين، ظهور داعش في هذا البلد ونشوب الحروب الطائفية، وبتبع هذا كله تدهور الأوضاع في دول المنطقة وحتى في إيران نفسها، هي في مجملها ليست سوى نتاج لعملية تحريف المفاهيم النبيلة التي تبنتها الجمهورية الإسلامية في إيران”، بهذه العبارات ومن دون أي حذر حمّل رئيس وزراء إيران في حقبة قيادة “الخميني” مسؤولية ذنوب لا تُغتفر للنظام الإيراني.
واستمر موسوي كاتباً: “النظام الإيراني بتدخله غير المبرر تسبب بظهور المنظمات الإرهابية، لا سيما داعش في سوريا”. وجاء كلام مير حسين بمثابة تأييد لما صرح به قبل بضعة أيام أحد كبار قيادات الحرس الثوري من أنه عند دخول قوات إيران العسكرية إلى سوريا لم يكن هناك أي وجود لـ”داعش” (علماً أن النظام الإيراني يستخدم حجة مكافحة تنظيم داعش كمبرر لوجوده العسكري في سوريا).
ويرى موسوي أن “كبرى خطايا النظام الإيراني هي تشويه الحقائق، وإلباس ثياب أسمى المفاهيم على نياته المشؤومة، ومن بين تلك المفاهيم السامية التي تم تحريفها هو الربيع العربي الذي كان عنواناً لطموح شعوب المنطقة المتعطشة للحرية والحياة الكريمة، ولمن طفح بهم الكيل من الظلم والاستبداد والمجالس الشكلية”.
يعتقد مهدي آزاد أن “هناك بوناً شاسعاً بين كلام تتداوله وسائل الإعلام أو تدّعيه القوى المعارضة للنظام، وبين ما يؤكده رجل من مؤسسي النظام الأوائل ومن كان يتولى لزمن طويل أهم منصب تنفيذي في البلاد، لا سيما في سنوات بالغة الخطورة هي فترة الحرب الإيرانية العراقية”.
مؤامرة لتوريث الحكم 
“أخرج للملأ إن كنت صادقاً وأخبر الناس أنك لم تسعَ الى توريث الحكم لابنك مجتبى”، بهذه العبارات تحدى موسوي في نصه مرشد الثورة علي خامنئي، فلم يجد خامنئي ولا حتى شبكة إعلام النظام الواسعة رداً يخرجون به إلى الشعب الإيراني، فانزاح الستار عن تلك النيات المبيتة التي حاول خامنئي لأكثر من عقد الاحتفاظ بها طي الكتمان.
ويشير مير حسين موسوي إلى محاولات المقربين من المرشد وبيته لتبرير خلافة مجتبى، الابن الثاني لخامنئي، بعد وفاة أبيه، ويكتب: “يقولون إن مجتبى سيتولى قيادة البلد بعد وفاة أبيه، فليخرسوا، هل عاد زمن الحكومات الاستبدادية ثانية ليخلف الابن أبيه لإدارة البلد؟”.
يعتقد المحلل السياسي رضا علي جاني أن “إبعاد كل من له مؤهلات لخلافة خامنئي أو حتى حذفهم الجسدي عزز عند الكثير من المراقبين للشأن الإيراني وجود مؤامرة لتحويل الجمهورية إلى حكم وراثي، ومثل هذا الكلام كان يهمس به بين مسؤولي النظام منذ فترة غير قصيرة، إلا أن نص موسوي أدخل المرشد في تحد قد يبطل مؤامرة كان يعمل على حياكتها منذ 13 عاماً”.
يقول الناشط السياسي ياسر مير دامادي إنه بحسب المادة 111 من القانون الأساسي، في حال عجز المرشد من القيام بواجباته، يقوم مجلس الخبراء بعزله واختيار شخص آخر لتولي قيادة البلد، غير أنه رغم الأخبار المؤكدة عن مرض خامنئي ما زال هو يتولى سدة الحكم، أما الإدارة الحقيقة فهي بيد ابنه مجتبى. إذاً خوف مير حسين موسوي من تحويل الجمهورية إلى حكم وراثي هو أمر في محله”.
الأمير الفاشل
وقد تكون أكثر فقرة صادمة في نص مير حسن موسوي هي تلك التي نعت فيها أحد أكبر قيادات الحرس حسين همداني المقتول في سوريا، والذي يسعى النظام إلى إضفاء القدسية عليه، بـ”القائد الفاشل والذي مات بعيداً من الوطن دفاعاً عن مستبد آخر عرف بسفكه للدماء وقتله للأطفال والأبرياء”.
وأضاف موسوي مطالباً أنصار النظام بالاعتبار من النهاية التعيسة لهمداني ومن يحذو حذوه، وذكّر بـ”أن الأنظمة المستبدة، مقابل ما تعطي لمرتزقيها من فتات تسلبهم كل ما يملكون، وأن مساعي النظام في إضفاء تسميات نبيلة على هؤلاء ليس سوى تشويه للمعاني السامية، كما أن حزب الله ليس سوى حزب سيئ الصيت يسعى النظام لإلباسه أسمى العناوين”.
ويعتقد الكاتب أميد خلجي أن موسوي “يحاول من خلال هذه النصوص التصدي لأهم مقاصد النظام ألا وهي إضاعة قدرة التمييز بين الخير والشر عند الشعب الإيراني وشعوب المنطقة على حد سواء، وذلك عن طريق كشف محاولات النظام تشويه المعاني النبيلة واستخدامها في ما لا يليق، وقد تكون محاولة ترجمة كتابه الأخير إلى العربية هي بهدف المساعدة في تبين حقيقة هذا النظام في محيطه العربي والإسلامي”.
البنيان المتهالك
يقول الصحافي حميد أحمدي إن “ضعف النظام وسيره المتسارع نحو الهاوية هما السبب الرئيس في تخلي أبناء النظام عنه، لا سيما من كان لهم دور كبير في تأسيسه، فالنظام أصبح كالبناء المتهالك الذي يحبذ الجميع الخروج منه والابتعاد عنه”.
ويصف الناشط السياسي علي رضا جاني ما جاء في نص مير حسين موسوي بأنه “ضربة في الصميم”، إذ إن “مثل هذه الاعترافات والتراجعات، لا سيما من أنصار النظام الأوائل، تستطيع أن تحدث خرقاً في هالة الخوف التي يحاول النظام إلقاءها على الشعب الإيراني”.
وأنهى رئيس “حركة الخضراء” نصه بتمنيات للشعب الإيراني بـ”أن ينشأ الأطفال في هذا البلد بعيداً من سطوة السلاح، وأن ينجلي الليل الدامس عن هذه الأرض ويرى هذا البلد وجه الشمس الساطعة بعد طول الظلام”.

 

Back to top button