الصين.. شعب العمل والترابط
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
أخوض تجربة مختلفة جداً، بوجودي في جمهورية الصين الشعبية لتمثيل الكويت في البرنامج الذي يقيمه مركز التعاون الإعلامي الصيني الدولي، وتحت إشراف الجمعية الدبلوماسية العامة الصينية. فرغم كل التجارب التي عشتها على صعيدي الدراسة والعمل في حياتي، فإن وجودي بين الشعب الصيني تجربة مميزة للغاية.
فهذا الشعب الودود، برغم صعوبة اللغة، وعدم امتلاكه، كباقي شعوب العالم، لغة أخرى بطلاقة للتواصل مع الآخرين، فإنه وبسبب الرغبة في الاندماج مع العالم والانفتاح على الآخر يحاول بشتى الطرق التواصل، اجتماعياً، واقتصادياً، وثقافياً، وبجهد ومثابرة كبيرين.
أولى الملاحظات التي شدتني في هذا الشعب، خلال وجودي منذ شهر تقريباً في بكين، أن الصينيين شعب عمل، فالجميع بلا استثناء يعملون، فمن غير المألوف أن تجد أحداً في الشوارع بعد التاسعة صباحاً، فالجميع منشغلون نوعاً ما. بينما في الوقت ذاته، يقدرون أوقات الترفيه، ففي عطل نهاية الأسبوع ترى الأسر جميعها على مختلف مستوياتها ترتاد أماكن الترفيه والمجمعات والحدائق وغيرها.
وكان لافتاً أن الشعب الصيني يشبهنا في الترابط الأسري، وهو ما أثار استغرابي، فالأسرة مهمة للغاية، لدرجة أن الطالب عند تخرجه في الثانوية العامة لأبويه دور مهم في تحديد تخصصه الدراسي، فضلاً عن اهتمام الأجداد بالأحفاد، وغيرها من مظاهر تبين مدى الترابط الاجتماعي والأسري للصينيين، وهو ما قد ينبع من ارتباط هذا الشعب إلى الآن بعاداته وتقاليده القديمة، فالحداثة والتطور والتكنولوجيا لم تلغ هذه العادات، بل مستمرة معها من دون أن تتعارضا.
وضمن فترة وجودنا هنا، نخضع لدورات تدريب في أماكن عمل عدة، فكانت هذه التجربة الأكثر ثراء لي حتى الآن، فما لمسته علاقة مميزة للصينيين بمراكز عملهم، فالثقة أساس التعامل بين الرئيس والمرؤوسين، فضلاً عن أن مركز العمل يتيح سبل الراحة التامة للموظف، شرط أن ينجز عمله. فعلى سبيل المثال، للموظف الحق في أخذ قيلولة بعد استراحة الغداء، وله الحق في أن يرتاح متى احتاج ذلك، شرط أن ينجز عمله الموكل إليه في الوقت المحدد.
جميلة هي الصين، وعظيم هذا الشعب الذي تحول من الفقر إلى شعب على الأقل «مرتاح» اقتصادياً، لديه كل ما يحتاجه، ولدى هذه الدولة وهذا الشعب الكثير لنستفيد منه، من قيم العمل ولغة التكنولوجيا والتطور وحب التعلم من الآخر.
ورغم الصعوبة في التواصل مع الشعب الصيني، بسبب اللغة، فإنني سعيدة بهذه الفرصة وهذه التجربة، ولنا حديث يتجدد عن مشاهدات جديدة، فرحلتنا لم تنته بعد.