الكاتبة شمم الجبوري تفوز بالمركز الخامس في المسابقة الدورية الثالثة عن قصة الارجوحة
النشرة الدولية –
فازت الكاتبة، شمم الجبوري، بالمركز الخامس في المسابقة الدورية الثالثة، منحها فريق، كن كاتباً، عن قصتها المعنونة “الأرجوجة”.
تالياً النص لقصة “الأرجوحة”
الأرجوحة
جلستْ أمام شاشة الكمبيوتر، دخلتْ على محرك البحث”جوجل” كتبت اسمها.. ظهرت النتائج، قصائد لها نشرت في مواقع مختلفة، بحثت أكثر، لا جديد..
_ ما إن تطبعين مجموعتك الشعرية سأكون أول من يكتب عنها..
هذا ما قاله أحد النقاد، ليس وحده من وعدها بذلك، كثير منهم قطعوا لها الوعود إذا ما أصدرت كتابا يحتوي خيرة قصائدها. أين هم؟ لقد وفت بوعدها فعليهم أن يفوا بوعودهم أيضا.
هل من نقص يعتري “مجموعتها”؟ لم يبع أي منها، لمحت النسخ مركونة في زاوية المكتبة القريبة من بيتها، لم تنقص واحدة. دارت بعدها على بقية المكتبات، رأتها رابضة في أماكنها تعلوها الأتربة. أين الخلل إذن؟ أجمع النقاد والأكاديميون والشعراء على موهبتها المتقدة، وإندفاعها في تحقيق ماتصبو إليه وتطورها الواضح في كتابة الشعر
لا تزال تعليقاتهم تتذيل القصائد.
_ تعتنقين اللغة..كما يعتنق الناس آلهاتهم..وينمو الخيال في أحضان روحك..ليتسرب عبر مسام آهاتك..ولنا نحن القراء..ما نستطيع إليه سبيلا..
_ الله الله …
روعة من العنونة إلى التوطئة إلى آخر كلمة ..
شكرا على المتعة أيتها الشاعرة ..
مودّتي و تقديري.
_الجسدُ قامةُ العشقِ ، والروحُ دمُ الجلد حين يحترق….
تلك آيات بينات حين تفتّق عن ساق الرغبة لتنهل من الروح كؤوساً حمراء في مجمرةٍ العشق .
_على مَنْ يتوغلُ في غاباتك أنْ يتسلح بمنظار يفتح مغاليق الظلام عن عيون الذائقة وإلا يقع فريسةً سهلةً لذئاب روحهِ وهي تبحث عن نهشٍ سهل
المُضمر في رداء الظاهر يحتاج إلى مستكشّف ماهر لا ناظر من الخارج
محبتي..
تراها محض مجاملات؟ لكنهم يقسمون بأغلظ الأيمان على جودة ما تكتبه. أين هم؟ لم كل هذا الإهمال؟ أين ذهبت رسائلهم التي كانت تترى عليها؟ كتب لها أحدهم ذات يوم:
_شاعرتنا الجميلة التي تزين صورتها البهية جل قصائدها وهي ترتدي قميصها الأسود، وينساب شعرها الفاحم كما الشلال..
فيما قال آخر:
_ نظراتك أختي الكريمة لها وقع السهام، توحي بقسوة وعنف يكتنفك، فكلما قرأت لك نصا أنهيته متأملا بجمال عينيك..
لعلهم كانوا معجبين بالصورة لا بما تكتبه صاحبة الصورة. رسائلهم ذات مقدمات غزلية، تتبعها قراءات نقدية تعج بكل صنوف الإطراء. منهم من اخترع لي فلسفة بعينها، فأسماني فيلسوفة الشعر الحديث.. الله أكبر .. ينصر دينك.. عظمة على عظمة.. والمشكلة أنني صدقته فرحت أكثر من التفلسف في أحاديثي الخاصة مع الأصدقاء والصديقات.
لم يُصدقني أحدهم القول، ومن المؤسف إنني صدقتهم ووزعت عليهم النسخ. أصدر أحدهم كتابا نقديا تناول به عددا من الشعراء الشباب، بيد أنه حجب اسمي ولا كأنه من قال لي بالحرف الواحد:
_لسوف يدوي اسمك في فضائنا الشعري كما تداول إذن المرء أنمله العشر.
أفهموها بأنها جريئة و كلما تجاوزت التابوهات سترتفع مكانتها أكثر، وأن الفعل الأيروتيكي في النص الأنثوي هو بؤرة استقطاب التلقي والتفاعل معه. فشرعت تمعن في قصائد إباحية تخطت بها المحظور وتمردت على كل المحرمات والأعراف والتقاليد. صفقوا لها وقالوا بأنها تكتب شعرا أيروسيا عجزت عنه كل من سبقنها من الشواعر الكبيرات. لم يسبق لها أن سمعت بمصطلح “الايروسية” بيد أنه أعجبها لا لكونه يوحي برمز الفحولة من طرف خفي، ولكن لأنه يعتبر الكتابة الجنسية فنا معترفا به.
وصفت في إحدى قصائدها القبلة بالمعركة بين الشفاه، فتخاصم أعضاء المنتدى إزائها، منهم من قال تجديد شعري يدل على فلسفة جديدة في “القبل” ومنهم من ادعي ابتعادها عن الرومانسية والحب الهادئ إلى صدام ومعركة. وهي بينهما جذلة تستذكر قول المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها..
بيد أنها لم تنم، هم الذين نامت عليهم كل حيطان المعمورة، ولم يكتبوا عنها شيئا، ولم يقيموا لها ندوة شعرية ولا حتى حفل توقيع لكتابها الوحيد..
لم تكتف بالغزل فكتبت شعرا سياسيا، شتمت به الحكومة وأعلنتها علي السياسيين حربا شعواء، ليس لموقف معين، ولكن لكسب أكثر عدد من القراء.. نفس التصفيق ونفس التطبيل الأجوف الذي لم يكن سوى فقاعات سرعان ما تختفي مع اختفاء القصيدة من الصفحة الرئيسية في موقع الكتروني.
أين هي الآن؟ لم تزل أمام شاشة الكمبيوتر، تقرأ قصيدة لها وتستذكر نجاحات افتراضية لم تصبح حقيقية قط..
شغف يتلاشى تباعاً، اصدارات تصارع ذرات الغبار على الرفوف .