مرتزقة بوتين يثيرون الرعب في مالي… “ذبح الناس والبحث عن الذهب”

النشرة الدولية –

هذا العام، انتشر مرتزقة فاغنر إلى جانب القوات المالية في جميع أنحاء الولايات الوسطى والشمالية لدولة مالي في غرب أفريقيا. ومنذ مارس، تورط مقاتلون روس في ست مذابح مزعومة على الأقل، كما تقول صحيفة، وول ستريت جورنال، نقلا عن ناجين ومسؤولين غربيين ومسؤولين من الأمم المتحدة ومنظمات لحقوق الإنسان، مما تسبب في فرار عشرات الآلاف من الأشخاص عبر الحدود إلى موريتانيا، بسبب الرعب الذي يحدثه هؤاء المرتزقة.

وتقول الصحيفة، في تقرير للصحفيين، بينويت فوكان، وجو فاركينسون، إن موريتانيين أيضا تم اعتقالهم خلال مداهمة شنتها القوات المسلحة المالية بالتعاون مع مرتزقة مجموعة فاغنر.

وتقوم روسيا بالتبرع بمعدات عسكرية وأسلحة لقادة المجلس العسكري، كان آخرها دفعة في وقت سابق من هذا الشهر وصلت مالي عبر مطار باماكو.

ومنحت روسيا مقاتلات نفاثة روسية وطائرات هليكوبتر حربية للدولة التي تحارب مسلحين أصوليين منذ أكثر من عقد.

وتقول الصحيفة إن ما لم يظهر في حفل التسليم الذي نقله التلفزيون المحلي، كان القاعدة المتضخمة لمجموعة فاغنر، وهي الشركة العسكرية المرتبطة بالكرملين التي نشرت حوالي 1000 مرتزق في مالي مقابل المال وإمكانية الحصول على امتيازات تعدين مربحة.

ويقود المجلس العسكري مالي بعد انقلاب في عام 2020، وبعد فترة وجيزة من الحفل، تلقى العقيد عاصمي غويتا، الرئيس العسكري للبلاد، مكالمة هاتفية من فلاديمير بوتين.

صورة مقتطعة من فيديو منشورة على وكالة أسوشيتد برس.. تظهر جنودا يدفنون جثثا في مالي
صورة مقتطعة من فيديو منشورة على وكالة أسوشيتد برس.. تظهر جنودا يدفنون جثثا في مالي

“إعدامات”

وقال محققو الأمم المتحدة في تقرير غير منشور اطلعت عليه صحيفة وول ستريت جورنال إن قوة مشتركة من المقاتلين الماليين و”ذوي البشرة البيضاء” داهمت مجموعة من الرعاة قرب الحدود مع موريتانيا وأعدمت العشرات منهم.

وبينما وقع الحادث كجزء من عملية ضد المسلحين، فإنه لم يكن هناك قتال وقتها وكان الرعاة غير مسلحين، كما قال الناجون للصحيفة في مقابلات.

وقال مسؤولون أمنيون غربيون للصحيفة،  إن فاغنر أرسلت جيولوجيين لاستكشاف المناطق الغنية بالموارد في جنوب غرب ووسط مالي قبل أن ترسل مرتزقتها، مضيفين أن التوقيت يشير إلى أن فاغنر تستخدم القوة العسكرية لطرد السكان من المناطق التي يعمل فيها “الجهاديون” حتى تتمكن الشركة من الوصول إليهم، وتقوم بالتنقيب والتعدين.

ونقلت الصحيفة عن آنا بورشفسكايا، وهي زميلة تركز على روسيا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قولها إن “مالي هي حلقة الوصل بين بلد لديه موارد طبيعية مهمة وحكومة ضعيفة، حيث يمكن لروسيا توفير خدماتها للحكومة والحصول على إمكانية الوصول [إلى الموارد] من خلال فاغنر”.

ولم ترد فاغنر ولا الكرملين على طلبات للتعليق إلى الصحيفة، وكذلك لم يرد المجلس العسكري والقوات المسلحة ووزارة التعدين في مالي على طلبات للتعليق. وقال وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، لمجلس الأمن الدولي في يونيو حزيران “لا نعرف شيئا عن فاغنر”.

وتقول الصحيفة إن مالي واحدة من قائمة متنامية من الدول الأفريقية حيث يسعى بوتين المعزول إلى الاستفادة من شبكة من الحلفاء خارج الحكومة لإبراز القوة وزيادة الإيرادات.

وتعمل مجموعة فاغنر الآن في مالي وسوريا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، وفقا لتقرير الصحيفة، مع وجود ما يقدر بنحو 5000 رجل متمركزين في القارة.

ويدير الشركة، يفغيني بروزين، المعروف باسم طباخ بوتين بسبب عقود تجهيز الطعام التي يمتلكها مع الكرملين، وفي عهده أصبحت فاغنر أداة رئيسية للنفوذ الروسي والإيرادات البديلة في مناطق الصراع البعيدة، وفقا للحكومة الأميركية ومجلس الاتحاد الأوروبي، وكلاهما فرض عقوبات على الشركة.

ويقول الكرملين إنه ليس له صلة بفاغنر، لكن وسائل الإعلام الرسمية الروسية كانت في الأشهر الأخيرة مليئة بالتقارير الصحفية حول “مآثر الشركة البطولية في أوكرانيا” وفقا للصحيفة.

وتقول الصحيفة إن الشركة تقدم مساعدة عسكرية قوية لحلفاء الكرملين دون توريط الكرملين رسميا.

شبكة كبيرة

ويسافر مرتزقة فاغنر بانتظام على متن طائرات عسكرية روسية في أفريقيا، حسبما قال جليب إيريسوف، ضابط إشارات سابق في سلاح الجو الروسي انشق إلى الغرب، للصحيفة، فضلا عن مسؤولين أمنيين غربيين.

وفي مالي، تطورت فاغنر بهدوء لتصبح شبكة أكبر بكثير، وعملت في التعدين وتوفير المستشارين السياسيين الذين يقدمون خدمات استخراج الذهب، وتقديم المشورة بشأن الحملات السياسية وتضليل وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لوزارة الخزانة الأميركية.

وكانت موزمبيق قد استأجرت الشركة في عام 2019 لسحق فرع لتنظيم داعش، لكنها أجبرت على التراجع بعد أن أسر المسلحون العديد من مقاتليها وقطعوا رؤوسهم، حسبما يقول مسؤولون غربيون وأفارقة.

وألغت موزمبيق عقد الفريق. وفي موريتانيا، احتجت منظمات مدنية على مقتل مواطني البلاد على يد الشركة في الجانب الآخر من الحدود.

والمخاطر كبيرة بشكل خاص في مالي، وهي دولة غنية بالمعادن بحجم كاليفورنيا وتكساس ومونتانا، والتي عصفت بها الصراعات مع المتمردين العرقيين الطوارق، ومؤخرا الجماعات الأصولية العنيفة.

وبعد عام من استيلاء فصيل عسكري موال لروسيا على السلطة في عام 2021، بدأ الفرنسيون في سحب قواتهم البالغ عددها 1000 جندي. وسرعان ما فترت العلاقات بين مالي وواشنطن.

وفي أبريل، رفضت وزارة الخارجية الأميركية طلب المجلس العسكري استيراد جهاز إرسال واستقبال من الدرجة العسكرية لناقل القوات التوربيني الوحيد من طراز C-295 “بسبب مخاوف تتعلق بالسياسة الخارجية”، وفقا للوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة.

ووقعت فاغنر عقدا في ديسمبر كانون الأول 2021 مع المجلس العسكري وافقت فيه على المساعدة في مكافحة المتطرفين الإسلاميين مقابل 10 ملايين دولار شهريا حسبما يقول مسؤولون أمنيون غربيون ومسؤولون في الأمم المتحدة.

وسرعان ما تبين أن لديها طموحات مالية أخرى تتجاوز جمع راتب شهري لمقاتليها المرتزقة، وفقا للصحيفة..

ومالي هي رابع أكبر مصدر للذهب في أفريقيا. وتمتلك مالي أيضا احتياطيات كبيرة من النفط والمنغنيز واليورانيوم والليثيوم، وهو معدن يستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وفقا لوزارة التجارة الأميركية وهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

وتتفاوض الحكومة مع فاغنر بشأن امتيازين لتعدين الذهب في جنوب مالي، وفقا لحمة آغ محمود، زعيم الطوارق والوزير المالي السابق.

وهذا الصيف، تحركت قوات فاغنر بالقرب من إنتاهاكا في الشمال الشرقي، موقع منجم ذهب غير رسمي عملاق يعمل به القرويون، حسبما قال زعيم آخر من الطوارق، ومسؤولون أمنيون غربيون.

وقال هؤلاء الأشخاص إن الجيش المالي والجماعات المتمردة المحلية لديها ترتيب للسماح للقرويين بالعمل في المنجم مقابل نسبة مئوية من الإنتاج.

وقالوا إنه تم جلب فاغنر إلى تلك الصفقة، مما قد يمنح الشركة الروسية إمكانية الوصول إلى حصة في تدفق عائدات الذهب في المنطقة.

وقال مسؤولون غربيون إن تجار الذهب السودانيين الذين هيمنوا لفترة طويلة على التجارة عبر مساحات شاسعة من مالي غادروا نتيجة للعمليات العسكرية وحل محلهم روس يبيعون الذهب في دبي عبر وسطاء.

وفي مارس نفذت مجموعة فاغنر مالي عملية أسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 500 شخص، في بلدة مورا في وسط مالي، وفقا لناجين ومسؤولي الأمن الغربيين ونشطاء حقوق الإنسان.

وتقول حكومة مالي إنها قتلت في مورا 203 إرهابيين مرتبطين بتنظيم القاعدة، وقالت إن الرجال لقوا حتفهم على الأرجح متأثرين بجروح ناجمة عن طلقات نارية أثناء القتال.

 

زر الذهاب إلى الأعلى