الديمقراطية الكويتية الى أين؟
بقلم: الإعلامية ليلى القحطاني

النشرة الدولية –

لا شك بأن التجربة الديمقراطية في الكويت، مختلفة منذ نشأتها، حتى مع تشابه المجتمع المجتمعات الخليجية الأخرى من النواحي الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية.

وتنفرد الكويت بين أنظمة الحكم الملكية بالخليج، بنموذج سياسي قائم على المشاركة السياسية النسبية، ومنذ أوخر القرن الثامن عشر ساهم بناء النظام السياسي للكويت عبر التوافق بين العائلات، فاستلم آل الصباح الحكم مقابل إدارة الأمر بالشورى دون السلطة المطلقة، ما أدى إلى ترسيخ نموذج خاص بالإمارة الخليجية والذي تطور عبر الزمن، لينتج عنه أشكال أكثر نضوجاً.

وحتى في مرحلة ما قبل إقرار الدستور الكويتي كان جرى تاسيس أول مجلس للشورى عام ١٩٢١، وإن كان استمر لشهرين فقط ، إلا أنه شكل علامة فارقة ومهمة في طريق الديمقراطية الكويتية لاحقا، المجلس يومها كان ترأسه حمد الصقر وتكون من 12 عضوا جرى اختيارهم بالتزكية فى عهد الشيخ أحمد الجابر.

النظام السياسي الكويتي يتسم بخصائص تميزه إلى حد بعيد عن العديد من الأنظمة العربية، فعلى الرغم من الإحاطة الإقليمية غير المنفتحة سياسيا ، لكنه يلاحظ قدرته على الاستمرارية بقدر نسبي من الانفتاح السياسي الداخلي الذي ظل يفرض نفسه على الحياة السياسية منذ ما يزيد عن 90 عام .

كانت هذه المؤشرات على أن المجالس التي هي في واقع الحال شبه منتخبة، وكانت حركة شعبية فاعلة، مع وجود قوى معارضة سياسية قادرة على التأثير والفعل في تحريك الأوضاع نحو مزيد من المشاركة السياسية، ولعل واحدة من أبرز أسباب تلك الظاهرة السياسية التي تخبو وتعود، هي ظروف النشأة التي تأسس بموجبها المجتمع السياسي الكويتي . حيث نشأ المجتمع انطلاقا من تفاهم ودي دون أن تقوم قوى اجتماعية أو سياسية بفرض إرادتها على الأخرى ، وقد أدى ذلك إلى ملاحظتنا لقلة استخدام العنف في حل النزاعات السياسية.

الديمقراطية كانت عبرت العديد من المنعطفات  الخطرة على دولة الكويت،

طمع الجيران بالكويت البلد الصغير والغني والذي تحكمه هوامش من العمل الديمقراطي تجلى خلال حكم شاه إيران، واستمر في حكم ملالي الثورة، وكان في العهد الملكي، ولم يغب في عهد البعث الصدامي البائد،

منذ استقلال الكويت عام 1962 وحتى اليوم ظلت الكويت مختلفة، فقد عرفت دستورا عصريا، وبشّرت ولادتها بإمارة ديمقراطية نسبيا وسط الصحراء، وعاشت تجربة برلمانية غنية سمحت بمُكاسرة سياسية بين النواب والحكم حتى وإن كانت نتيجتها حجب الثقة، واستجواب رؤساء حكومات من الأسرة الحاكمة، وهذا تجديف عكس التيار في المنظومة الخليجية، وتراث وقيم لا ترغب بتعميمها وانتشار عدواها دول الجوار.

لكن العديد من المخاوف، اصبحت تشكل قلقاً واضحاً مع تعاقب عديد المجالس النيابية وظهور ما يسمى بالاسلام السياسي.

ففي الفترة التي سبقت غزو صدام رفضت القوى النيابية خاصة تيار الاسلام السياسي وجود معاهدات حماية وقواعد عسكرية وبارجات تردع اي محاولة لتهديد الامن الداخلي ودفعت البلاد ضريبة باهظة بغزو صدام للكويت وابتلاعه لها

في مرحلة ما بعد تحرير الكويت، ادخل الصراع النيابي بين التيارات والتكتلات البلاد في ظلام اقتصادي تعطلت على اثره حركة التنمية الاقتصادية والصناعية بسبب رفضهم لعدد من الصفقات العالمية فيما انتقلت تلك الشركات للامارات والسعودية.

وما يحدث الان هو فجور وخصومة بلغت اوجها بين اقطاب من الاسرة وبينهم وبين بعض التجار ستدفع الكويت ثمنها سنوات تأخر قادمة وربما حتى امن الكويت يتعرض للتهديد في منطقة ملتهبة عسكريا حولها.

والمعارضة تعارض في الغالب مناكفة وتعارضاً لمصالح فردية وشعارها حماية الدستور وهم في الغالب أكثر مخترقيه، وقضايا الفساد تزكم رائحتها الأنوف، وكل يوم تتكشف قضية فساد أكبر من سابقاتها.

مما لا شك فيه بأن تجربتنا الديمقراطية القديمة العريقة، كانت قد نجحت بخلق وعياً شبابياً يعرف حق المعرفة دوره ومسؤولياته، مع ضرورة التجاوز عن الانقسامات وتجاوز الحراك الشبابي هاجس وانقسامات السنة والشيعة.

زر الذهاب إلى الأعلى