الذئاب المنفردة والراعي الغافل
بقلم: بشار جرار
النشرة الدولية –
هزتنا أخبار جرائم وكوارث الأسبوع الماضي في عدد من الدول العربية من بينها الأردن وسورية. احتراما لواجب العزاء، ولأن المصاب مصابنا، لن أذكر بالاسم أيا من تلك المآسي، وجميعها كان بالإمكان تفاديها لو..
و”لو” هنا ليس كما يقال “تفتح باب الشيطان”. العكس تماما، “لو” هنا تفتح باب الرحمان وتسد باب الشيطان. وما أكثرهم شياطين هذا الزمان، زمان العولمة واليسار المنحلّ المتوحّش. الجرأة على الله، الجرأة غير المسبوقة حتى في عصور ما قبل رسالات السماء التوحيدية، هي من الأسباب الرئيسية لتفشي الإدمان والجرائم وأخطرها قتل الناس بما فيها النفس -الانتحار- وبمن فيهم الأقارب والجيران حتى صغار السن منهم..
صحيح أن الدولة بنظامها السياسي وأذرعه التشريعية والقضائية والأمنية هو المسؤول عن استتباب الأمن، إلا أن الراعي الأول والأساسي و”الرسمي” لجميع أولئك الضحايا هم الوالدان، فالأسرة، فالجيرة، فالعشيرة، فالمجتمع برمته خاصة في قياداته الروحية. وعتبي على هذه الأخيرة على قدر المحبة، كبير. ينشغل بعضهم -ولا يجوز أن نعمم- بالسياسة والتجارة الصريحة أو المقنّعة، يبالغون في إعادة تفسير النصوص المقدسة فيعقّدوها ويعزلوها عمدا أو جهلا عن “الرعية” عن الخراف الذين أوكلوا السهر على رعايتها وبذل الأرواح والأموال رخيصة في سبيلها.
كتبت مرارا في التحذير من “الذئاب المنفردة” سياسيا وأمنيا، لكن هذه هي المرة الأولى التي أكرس مقالة للرعاة المؤتمنين افتراضيا على خرافهم – عيالهم – بكل ما أوتوا من أسباب القوة وأهمها القوة الروحية والمعرفية المتخصصة بعلوم التربية والنفس والاجتماع، لا بل وحتى أسباب السلامة العامة من الحوادث بجميع أنواعها من حوادث الطرق وحتى الأمان من حرائق المنازل والاختناق جراء تماس كهربائي أو انقلاب مدفئة تقليدية لا تعرف العائلات المستورة سواها.
لا يظلمني أحد فيسيء الظن بسبب تسمية بعض الرعاة بالغافلين. أنا أعزيهم ولا ألومهم، وأعمل على إبعاد تلك المآسي عن جميع الرعاة وأنا منهم كأب وهي أعظم “مسؤولية” يتحملها الإنسان. علينا كآباء وكأمهات وكمعلمين وكزملاء عمل اليقظة التامة والدائمة. ثمة “ريد فلاغز” (أعلام حمراء) أو مؤشرات وشواخص نستطيع من خلالها استشعار الخطر، فنحسن العمل على تفاديه والتصدي له بكل أسباب القوة. في عالم اليوم -الساقط روحيا إلا من رحم ربي-، لا مجال للطيبة والسذاجة. “حرّص ولا تخوّن” كما يقال. احمي أولادك وجيرانك. كن يقظا رابضا مرابطا كالأسد عند باب بيتك ووطنك. احذر من القريب الغريب، من “الحملان الذئاب”، فالتراخي عن أي من البابين سيفتح باب الآخر لكل شياطين الأرض. ولا مانع من شرورهم سوى الله ربي، وربك، رب الأرباب، رب العالمين للناس أجمعين. ثمة وحدة تضافرية تضامنية تعاضدية لأمننا جميعا، هذا القارب واحد لا يجوز السماح لأي من ركابه بخرقه في غفلة من الراعي أولا والربّان ثانيا..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
عنوان الكاتب علىTwitter