“كوفيد-19” أنقذ الكوكب فمن القاتل المُنقذ القادم
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
غريب هذا الإنسان، فكورونا فتكت بالبشرية وقتلت الآلآف منهم، لكنها في ذات الوقت قامت بحماية الأرض من خطورة الإنسان المتوحش الموغل في نهب ثرواتها والمستبد في التعامل معها، واليوم ندفع ثمناً أقل من التوقعات، وغداً سيكون الثمن أكبر وأعنف إذا لم تتغير طريقة تعاملنا مع أمنا الأرض، فبفضل “كورونا” أغلق العالم المطارات وأوقف السيارات والمصانع فتراجعت نسبة الحموضة في الجووتراجعت حدةالأمطار الحمضية في العالم، وعاد جزء من بهاء الأرض لها وتحسنت صحة طبقت الأوزون، وأصبح الهواء أنقى، وظننا ان البشر سيتعلمون الدرس وأن “كوفيد-19” ليس بقاتل للبشرية بل منقذ لحياة لكوكب الارض وما عليه الإنسان وحيوان وشجر وبحر، وتوقعنا أن البشر سيقومون باحترام الأرض وسيقللون من انبعاث الغازات الضارة من المصانع والسيارات والطائرات وسيفعلون اتفاقيات الحفاظ على البيئة، لكن الجشع لم يتوقف بل عاد أشد وأقوى عقب نهاية الجائحة، ليعود الوضع البيئي أسوء من قبل كورونا، وكأن الإنسان بجشعه وطمعه يتحدى الكوكب ويكتب مصيره بطمعة.
ففي هذا العام ضرب الجفاف القارة الأوروبية في أسوء صورة له منذ خمس قرون، ليتراجع منسوب المياة في الأنهار التي تشكل عصب الحياة الزراعية والإقتصادية بفضل النقل البحري، كما تراجع منسوب الأنهار في غالبية القارات وبعض من هذه الأنهار الصغيرة اقترب من الجفاف الكُلي، لترتفع درجة الحرارة بصورة غير مسبوقة ليسقط المئات قتلى بسبب ارتفاعها، لتصيب لعنة التغيرات المناخية العام أجمع، ففي الوقت الذي كان الجفاف يصيب جزء من العالم تسببت الفيضانات في وفاة المئات في بلاد أخرى، فيما تتزايد الحرائق في الدول الشجرية وبالذات أوروبا وشمال افريقيا، ليخرج الخبراء في الأمم المتحدة بتقرير دولي بأن العالم في خطر، وان المطلوب احترام خصوصية الأرض وغلافها الجوي قبل ان تحدث الكارثة الكبرى.
وحين نخوض في الحلول العلمية المقترحة لإنقاذ الأرض من قسوة الإنسان، نجد أن الأولية تتمثل بوقف انبعاثات الغازات الضارة، وهنا نجد أن جميع الحلول بيد الإنسان عدا البراكين الخارجة عن سيطرة الإنسان، وبالتالي فان من يتسبب في قتل الإنسان هو الإنسان، لنجد أن الإنسان هو العدو الأول للكوكب وللبشرية ولنفسه أولاً، وأنه حين فقد السيطرة على نفسه وتصرف بطريقة هوجاء مع كوكبة جاء فايروس “كوفيد -19” كمنقذ للجميع ناشراً وباء “كورونا” للتوقف حركة سكان الأرض ليلتزمون ببيوتهم وتتتوقف المصانع وحركة السيارات ليتم تنقية الكوكب من شوائب البشر، وندرك أن القادم قاتم مُظلم بسبب جشع رأس المال الذي يبحث عن المليار النقي الصالح للبقاء على هذا الكوكب، والمصيبة ان هذا المليار يضم جميع الأشخاص الذين كانوا السبب في موت الأرض وتدمير غلافها الجوي، لذا يبدو اننا في طريقنا لوباء جديد يتسبب في قتل مليارات البشر حتى تنجو الأرض، وهذا أمر سيحدث حالياً أو لاحقاً وبقوة صناعية أو طبيعية وبالذات حين تشعر الأرض أنها في خطر لتدافع عن نفسها ضد أعدائها من البشر.
أخر الكلام:
الإنسان بطبيعته يعتبر العدو الأكبر للإنسان وللمكان الذي يتواجد فيه، لذا تكثر الجرائم والسطو والقتل والحروب لأجل أمور في غالبيتها اقتصادية، وحتى توفر حياة ارستقراطية للبعض وليس لأجل البقاء، لذا سيظل الانسان يحارب الانسان والطبيعة ليفرض قوته، فاخترع الأسلحة النووية التي ستعيد الكوكب صحراء جرداء، ليبقى الفكر القاصر المريض بسلطة السيطرة هو الخطر على الكوكب.