خطأ نائب المدير العام
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
في أبريل 2022 تم تشكيل لجنة لمناقشة فكرة إلغاء «كلية الصحة العامة»، ودمجها مع كلية العلوم الطبية المساعدة، التي تختلف عنها في التخصص.
***
أثار قرار الجامعة، أو بالأحرى، قرار رئيس لجنة الدمج ضجة وألماً وقلقاً لدى قطاع واسع من المعنيين بالأمر من أطباء وخبراء تغذية ومتخصصين في البيئة والأوبئة، من أمثال د. هلال الساير رئيس الهلال الأحمر، ومديرة إدارة التوعية في الهيئة العامة للغذاء د. منى الصميعي، واختصاصي الصحة العامة د. محمد السعيدان، واستشارية التغذية في هيئة الغذاء والتغذية، السابقة، د. نوال الحمد، وغيرهم، فإغلاق هذه الكلية يعني ببساطة وقف تأهيل وإعداد كوادر متخصصة في مجال الصحة العامة، خصوصاً في الوقت الراهن، الذي يشهد فيه العالم انتشاراً لأوبئة وفيروسات وأمراض طارئة، أربكت حياة الناس وهزت اقتصادات الدول، ولا ضمان لعدم عودة كورونا، وإن بصورة مختلفة، وغالباً بشكل أقوى، ولذا وضع مقرر «الصحة العامة» ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، هذا غير حاجة المؤسسات الحكومية المعنية بالصحة في البلاد إلى مخرجات الكلية، الأمر الذي يستدعي المحافظة على هذا الكيان التعليمي مستقلاً، ليتمكن من توفير الكوادر المتخصصة، فإلغاؤها هدر للمال العام، فمن الاستحالة محاربة الأوبئة مستقبلاً من دون متخصصين من خريجي هذه الكلية. كما أن خطط افتتاح العديد من المستشفيات تتطلب متخصصين في مجالات الصحة العامة، لما لهذا الأمر من أهمية، فالكلية تعتبر رافداً مهماً لمد القطاع الصحي بالكوادر المتخصصة، فضلاً عن أهمية الكلية ذاتها في تدريب الأطباء على مجالات الصحة العامة!
***
يتساءل معنيون بالأمر عن السبب وراء هذا القرار الخاطئ تماماً، خصوصاً أنه اُتخذ بمعزل عن كبار العاملين في الكلية، بمن فيهم عميدها. كما أن عملية ضمها، بأقسامها الخمسة، إلى كلية أخرى، سينتج عنها حتماً اضمحلالها إلى قسم في بيئة لا علاقة لها بالصحة العامة، في ظل غياب تام لمنطق الدمج، بل بناء على قرار لجنة يفتقد بعض أعضائها الحد الأدنى من التخصص، وعُرف عن أحد قياديها المؤثرين ، تساهله في كل ما يتعلق بالصحة العامة، واعتقاده أن «كورونا» كانت مؤامرة، وما كان يجب أخذها بجدية!
سنواجه حتماً وقريباً جداً مخاطر صحية وبيئية نتيجة إلغاء هذه الكلية، وسيتعرض الوضع الصحي لفراغ لا يمكن ملؤه، علماً بأن هذا الدمج ستنتج عنه تكلفة عالية، ومعدل دوران وظيفي مرتفع، مع الافتقار إلى الحافز لدى أصحاب العقود المؤقتة من غير المواطنين. إضافة إلى أن كل ما استثمرته الدولة من وقت وجهد ومال سيضيع هباء، وستهدم كل الجهود التي بذلت لسنوات في تأسيس هذه الكلية الحيوية، وسيضيع ما تم استثماره في المتخصصين الكويتيين من خريجي أفضل الجامعات العالمية.
إن التحديات التي تواجه الكويت من انتشار العادات الغذائية غير الصحية، وأنماط الحياة التي تتسم بقلة الحركة والتدخين، وارتفاع معدل انتشار الأمراض المزمنة، مثل السمنة والسكري من النوع 2 والقلب والأوعية الدموية، وانتشار السرطان، إضافة إلى خطر الأوبئة والأمراض المعدية والتلوث، وتغيّرات المناخ، جميعها وغيرها تتطلب تدخل وزير التعليم العالي ووزير الصحة لوقف قرار إلغاء كلية الصحة العامة!