لا عملية سياسية بلا تغيير
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

يُوصف الدستور الكويتي بأنه «دستور جامد»، فتغييره أو تنقيحه شبه مستحيل من دون توافق.

وقد حاولت السلطة تغيير الدستور مرتين؛ الأولى عبر «لجنة النظر في تنقيح الدستور» عام 1980، في غياب المجلس، والثانية عام 1982، بعد تغييرها الدوائر الانتخابية إلى 25 دائرة، ومع أنه تم التصويت بالموافقة على التنقيح، فإنها أيضاً لم تنجح. أما محاولاتها تغييره بشكل غير مباشر، عبر قوانين غير دستورية، فلم تتوقف منذ 1965 وحتى اللحظة.

شيئان لا يتغيران في العملية السياسية الكويتية، الدستور، وميزان القوة لمصلحة السلطة/ الحكومة/ الأسرة. عدا ذلك، فالكثير من الأمور تغيّرت وستتغير، وتتحكم الظروف السائدة مجتمعياً وإقليمياً، وشخصية الحاكم، في درجة وقوة وطبيعة التغيير.

ومع أن خطاب 24 يونيو 2022 لسمو ولي العهد، مَثّل انطلاقة تاريخية نحو التغيير من الأعلى، وهي الأكثر جدية، إلّا أن التغيير كان حاضراً.

فصدور الدستور مثلاً، الذي جاء نتاجاً لمتغيرات إقليمية، وتوافق شعبي – حكومي، كان بداية الانتقال من الحالة السائبة إلى الحالة المؤسسية. تلاها محاولات لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، في تردد سياسي من قِبَل السلطة، كان لها أن تعطّل المجتمع وتعوق التقدم، ونتج عنها التراجع الملحوظ في كل المؤشرات.

كانت حقبة خطوة للأمام وخطوتان إلى الخلف، فالمجتمع بحاجة إلى رؤية واضحة، فمن غير الملائم أن يكون تعزيز الديموقراطية هدفاً رئيساً من أهداف خطة التنمية، ثم تأتي السلطة بعد إعداد الخطة، سنة 1976، وبشكل مفاجئ وقسري لتحلّ مجلس الأمة وتعطل العمل بالدستور، وتتوقع أن يستقر المجتمع ويتقدّم؛ فإما أن تكون الرؤية ديموقراطية، أو غير ديموقراطية، أما الحالة الرمادية فلا تقيم إلّا مجتمعاً متعثّراً.

وخلال حقبة التردد تلك، حدثت تغيّرات كبيرة، منها مثلاً لا حصراً، فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء، وإقرار الحقوق السياسية للمرأة، وتغيير الدوائر الـ 25، وغير ذلك، تجاوزت 15 متغيراً، بناء على دراسة قمنا بها، إلا أنها لم تغيّر من طبيعة النظام السياسي بشكل كبير، فلا يزال بإمكان الحكم أن يعيد العجلة إلى الوراء متى شاء، دون ضوابط من أي نوع، لا دستورية أو غير دستورية، ولكن بقرار سياسي.

في هذا الإطار جاء خطاب سمو ولي العهد دافعاً للعملية السياسية إلى الأمام في اتجاه التغيير، فلا عملية سياسية جدية من دون تغيير يتوخى تحسين الأداء، وقد أضاف زخماً شعبياً كبيراً، لعله يكون رافعة للمزيد من التركيز في التوافق والنتائج المفيدة للمجتمع، وهو ليس بالأمر العسير، مادامت هناك قدرة ورغبة في التغيير.

Back to top button