“زانتيب” العصر الحالي أشرس من “زانتيب” سقراط
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

يصنعون الحاضر باستشراف  المستقبل، يرفضون الواقع على أمل بناء حاضر أجمل، هؤلاء هم الفلاسفة الذين مات الكثير منهم في أقبية السجون وتم تكفير الكثير منهم، فالفلسفة تنير الدروب في عصور تعشق الظلام ولشعوب ارتضت انحناء الظهور وتنكيس الرؤوس، وعانا غالبية الفلاسفة من عقوق الزوجات ونكران أفعالهم كون هرم  ماسلو في الاحتياجات أساس حياتهن، فيما القناعة التي قد تصل للزهد طريق الفلاسفة، وهاتان طريقان لا تلتقيان لذا كانت حياة غالبيتهم جحيم بلا عواطف.

بالمناسبة ليس هذا هو الموضوع، لذا سأغادر أرض الفلاسفة الممتدة لقرون طويلة واكتفي بمشاهدة الحاضر وان أبحث فيه عن سقراط بل عن زانتيب زوجة سقراط التي حولت حياته لجحيم لا يمكن الخروج منه إلا بالموت، وفي هذه العصر تكثر أمثالها ممن عملن على تحويل حياتهن الزوجية إلى جحيم كونهم يملكن صفات زانتيب وبالذات صوت الرعد الذي نسمعه في شتى العمارات السكنية، فيما غالبية الرجال هادئون ينتظرون سقوط المطر على طريقة سقراط، حيث وجدوا الفلسفة في الصمت في عصر يستحق أن يُطلق عليه “عصر زانتيب”.

في هذا العصر تحولت صفات عديد النساء لصفات رجولية شرسة تنعكس على سلوكهن، وبالذات بعد أن عبثت المنظمات  الدولية بعقول غالبيتهن في قضايا بحقوق المرأة حسب المفهوم الغربي، ليشعرن ان من حقهن فعل ما يُردن  ليتحول العديد منهن من نساء إلى سجانات يجب أن يعرفن كل صغيرة وكبيرة عن أزواجهن وعن حسابه البنكي والرمز السري للهاتف الخلوي وكل ما يدور في عائلته، وفي ذات الوقت تعتبر هذه أسرار خاصة بالمرأة لا يجوز معرفتها وهي من المُحرمات على زوجها، ليصل الشك إلى ان الذين صنفوا زانتيب بأنها من أسوء النساء سيتأكدون ان سقراط كان في نعيم قياساً بالرجال المتزوجين من بعض نساء عصر الانفتاح.

لقد ثبُت ان سقراط كان ذكياً ومستشرفاً حتى وصل استشرافه لأبعد من قرنين ونصف من عصره، ليجيب تلميذ عنده حين سأله عن رغبته في الزواج، ليرد سقراط : ” إن ظفرت بزوجة عاقلة صرت سعيداً ، أما أن وقعت في براثين زوجة طائشة مناكفة صرت فيلسوفاً مثلي”، وفي عصر الانفتاح سيصبح الكثير من الرجال فلاسفة أو موتى وربما في مستشفيات الأمراض العقلية حيث يشكلون الغالبية.

ولا يعني كل هذا ان سقراط بريء، فاذا لم يهتم لهرم ماسلو في الماضي فقد اهتم غالبية فلاسفة وأنصاف وأرباع الفلسفة والمتفلسفين في العصر الحديث باظهار صورتهم كفلاسفة لجمع العشيقات حولهم، وهو ما يجعل من حق زوجاتهم أن يتحولن لصورة طبق الأصل عن زانتيب، حتى يصبحن قادرات على التصدي لخمول فلاسفة العشق والكسل والنفاق الذين يتشبهون بسقراط لاعب كرة القدم البرازيلي.

آخر الكلام:

اختلفت الروايات عن موت سقراط، فهناك من يقول أنه مات شنقاً وآخرون يقولون انه انتحر، لكن في كلتا الحالتين لم يستطع سقراط أن يهزم زانتيب أو يغير سلوكها حتى وفاته، وهو ما يجعل الانتحار بهدوء طريق فلاسفة الدجل الحديث، فيما الفلاسفة العقلاء يملكون القدرة على احتواء الآخرين.

على امتداد العالم لا أقصد زانتيب بذاتها إلا من شكت بنفسها.

زر الذهاب إلى الأعلى