عندما يربك النشامى «غوغل ترانسليت»!
بقلم: بشار جرار
النشرة الدولية –
الدستور الأردنية –
مع العمر والأهم المعرفة والخبرة، تترفّع النفس عن الخوض فيما لا يستحق موضوعا أو شخصا. شكرا لمبادرة أم الصحافة الأردنية – الدستور- الغرّاء على اهتمامها بملف الإشاعة وهو في كثير من الأحيان ملف مكافحة الجريمة لا بل الخيانة. عندما تخرج حرباء وأحيانا أفعى من وكرها بـ «هاشتاغ» يحاول التطاول على الأردن ادعاء أنه «مش بخير» يتماثل أمام خاطري ذلك «الأزعر» الدخيل على حارتنا في سبعينات القرن الماضي. كان سعيا إلى الشهرة وشرف الاشتباك مع «الكبار» يفتعل مشكلة أو يحدث جلبة تستدعي الرد. أيامها كان «الأمن الوقائي» يعرف بـ «التعقيب» ويعرف كيف «يتعقّب» يتعامل مع تلك الأشكال – طبعا ضمن الأعراف والقوانين وحسب الأصول..
كلما سمعت فحيح تلك الأصوات النشاز، مثل أمام خاطري ذلك «المتعوس» الذي تبيّن أن أفضل الطرق للتعامل معه هو التجاهل. رذل الرذيل فيه منافع كثيرة لو علمها «شلة» ال «هاشتاغات بإيعاز» لما أقدموا عليها. ترى هل التجاهل هو الحل أم أن الأمر يستدعي اشتباكا من نوع ما؟
منذ نحو عامين، عرفت في عالم تويتر أردنيين نشامى غيارى اختاروا الاشتباك. هم مع الوطن دائما و «مع القائد» أبدا. لسان حالهم ليس ذلك الرد الصبياني الذي نسمعه أحيانا في الشارع: إنت بتعرف مع مين بتحكي؟ وإنما تعريف أولئك المتطاولين المسيئين وفيهم جاحدون حاقدون غرباء تمسحوا بأسماء أردنية إخفاء لهويتهم وعناوينهم وهي كما يقال «معروفة لدينا». لدينا هنا تعود لأهل البلد وكبارها..
العبرة ليس «مع» مين وإنما «عن» مين تحكي؟ عن الأردن الذي ما عرف البعض قدره ولا حقه وإن كان من القائلين «الأردن لينا حقا علينا». وليسمح لي إخوتي الأكارم في مجمع اللغة العربية الأردني بقيادة الحبيب المحب أستاذنا خالد الكركي، بعض الرد في منصات التواصل «غير الاجتماعي» يبيح المحظورات اللغوية كلها في حمأة الحمية الوطنية للجم وإخراس بعض قليلي الأدب والمروءة..
أبلغ ما يكون الرد بلسان أردني مبين. وأحلاه وأغلاه ذلك الذي يتضمن كلمات أو تعبيرات من اللهجات الفرعية الأردنية التي لا يعلمها سوى أهلها والأردنيون إلى حد الثمالة حميّة ونخوة وافتخارا. كلمات تربك «غوغل ترانسليت» في القدرة على الترجمة، وتحرج مشغليه من غير الأردنيين وغير العرب، و»اللبيب بالإشارة يفهم».. تعبيرات تحرق المرتزقة فتعريهم من «التلطّي» بالأردنيين الأقحاح حبا وانتماء «من شتى الأصول والمنابت» كما كان يقول حبيبنا العظيم الحاضر أبدا في قلوبنا وعقولنا الحسين الباني، طيب الله ثراه.
شرفت أثناء خدمتي المدنية في مرحلة مبكرة من حياتي المهنية بالتعرف على طفيليّ في أردنيته صفاء وبهاء لا ينسى. كان يقول: الأردني وخاصة المتصدي للشأن العام عليه إتقان اللهجات كلها حتى يمتلك ناصية الرد على أي مسيء. وكان يضرب المثل الآتي -قبل زمن الفضائيات ومنصات السوشال ميديا- لمن «يتلطّوا» بالشأن الأردني، مدعين الغيرة على البلاد والعباد. «اللاطي» (مزيف متخفي أو متواري عن الأنظار) وهو عادة «ملطوط» (مسروق)، سرقوا منه شرفه الوطني، فلا غرابة أن يسرق الإنجاز ويسترق المعنويات عبر اشتباك مفتعل لغايات ما هو أخطر من الإشاعة ألا وهي الفتنة وهي أشد من القتل..
آن أوان التخصص في معرفة متى يكون التجاهل هو الحل ومتى يكون الخلل.. آن أوان غض النظر عن المتصدين لهذه المعركة حبا وطواعية. لا بل آن أوان تمكينهم من أدوات التدخل والرد السريع تماما كما هي في المفهوم العسكري.. عشقنا كان وما زال عسكريا بأداء عسكري أيضا وأحيانا مدنيّ.. ويا حسافة علّي لا صال ولا جال!