النزوح غير الشرعي يستبيح لبنان.. “الحدود فلتانة والحكومة متلكّئة”
النشرة الدولية –
هنا لبنان – ريمان ضو –
الحكومة متلكّئة عن إيجاد الحلّ والمطلوب ذهاب وفد رسمي لزيارة سوريا سريعاً، ولأكثر من مرّة إذا لزم الأمر لتوقيع بروتوكول لعودة النازحين وضبط الحدود.
تصدّر المشهد في الآونة الأخيرة تفلّتٌ غير مسبوق عند الحدود اللبنانية – السورية، ولكنه ليس بجديد. فالتهريب بين البلدين عبر المعابر غير الشرعية الممتدة على مساحة كبيرة بين السلسلة الشرقية بقاعاً وحتى الحدود شمالاً لم يتوقّف يوماً.
إلّا أنّ التهريب هذه المرة مختلف، إذ نشطت هذه العصابات لتهريب البشر بدلاً من البضائع، من مختلف الأراضي السورية إلى الداخل اللبناني، وربما من لبنان إلى الدول الأوروبية. وذلك بسبب الوضع الاقتصادي المتردّي في الأراضي السورية ومحاولة السوريين الهرب منها، إضافةً إلى تصاعد الاحتجاجات في السويداء.
وتبدأ كلفة عملية التهريب من 150 دولاراً للفرد الواحد وتتصاعد تبعاً لنوعية الأشخاص الذين يريدون عبور الحدود.
وقد أدّى ذلك إلى تأهب أمني وتشديد على المعابر غير الشرعية في المناطق الحدودية، مقابل لا مبالاة رسمية. فمن يتابع التعاطي الرسمي مع هذه الظاهرة الخطيرة يرى أنّ الحكومة غافلة عما يحدث، فقد تنحّى وزير الخارجية والمغتربين عن رئاسة الوفد اللبناني إلى سوريا، لأنّ “برستيجه” أهمّ من ترؤّس وفد وزاري، فهو مولجٌ بالبحث عن حلول لهذا الملف في اللجنة الوزارية العربية السداسية، المنبثقة عن القمة العربية الأخيرة، هكذا اجتماعات تليق بالوزير عبدالله بو حبيب!
أمّا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فبدا وكأنّ له “ثُلثي الخاطر” فوافق على تنحّي بو حبيب من دون أن يعيّن وزيراً بديلاً لرئاسة الوفد لزيارة دمشق، علماً أنّ اللّجنة تضمّ ثلاثة زملاء لبو حبيب في التيار الوطني الحر. وحده وزير المهجرين عصام شرف الدين يرفع الصوت عالياً ويجري الاتصالات اللازمة لحثّ المسؤولين على اتّخاذ خطوات رادعة.
يقرّ شرف الدين في حديثه لـ “هنا لبنان” بأنّ الحكومة متلكّئة عن إيجاد الحلّ والمطلوب ذهاب وفد رسمي لزيارة سوريا سريعاً، ولأكثر من مرّة إذا لزم الأمر لتوقيع بروتوكول لعودة النازحين وضبط الحدود.
وبرأي شرف الدين، عودة النازحين بحاجة إلى قرار سياسي وتواصل وتنسيق على أعلى المستويات مع القيادة السياسية السورية.
وتعليقاً على ما شهده الأسبوع الماضي، قال الوزير شرف الدين إنّ حركة النزوح مخيفة وإذا استمرّت بهذه الوتيرة قد تتجاوز أعداد النازحين الجدد غير الشرعيين المليون نازح، وبالتالي من الممنوع التساهل معهم.
أمّا في ما يتعلّق باللقاء الأخير الذي حصل في السراي الكبير بحضور الأمين العام للمجلس الأعلى للدّفاع والمدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري، أشار شرف الدين إلى أنّه اقترح التشدّد في ضبط الحدود والأهمّ تفكيك شبكات التهريب الناشطة على الحدود، لافتاً إلى أنّ هذه الشبكات منظّمة ومحميّة من دون أن يستبعد فكرة فرض عقوبات على أيّ نازح جديد غير شرعي وعلى أيّ لبنانيّ يساهم بتهريب وإيواء أي نازح جديد وذلك بالتنسيق مع البلديات.
ويشدّد شرف الدين على أنّ الجيش يقوم بواجباته ولكنّه يحتاج إلى ٤٠ ألف عنصر ليستطيع ضبط الحدود بينما هناك فقط ٨ آلاف عنصر فقط، وقد أوقف الجيش اللبناني ٢٢ ألف نازح تمت إعادتهم إلى سوريا ، وأمل أن يكون النقاش في جلسة مجلس الوزراء جدّيًّا وأن تتّخذ قرارات فعالة وجدية لتفادي الأسوأ.
ووسط مؤشرات تشي بعدم حصول لقاء قريب على أعلى مستوى بين السلطات اللبنانية والسورية، يبدو أنّ الجيش وحده في هذه المعركة، من خلال مراقبة الحدود والتشدد بذلك لمنع عمليات التهريب، والوقوف بوجه دخول السوريين خلسة.
فخلال الأسبوع الماضي فقط، أوقف الجيش اللبناني حوالي 1100 سوري تسلّلوا إلى داخل الأراضي اللبنانية، ويؤكد مصدر أمني لموقع “هنا لبنان” أنّ “الجيش في حالة موجهة مع حالات التهريب غير الشرعي اليومية، ويتم التعاطي ضمن الإمكانيات المتاحة وبكل الوسائل البشرية والمادية لمواجهة موجة النزوج الجديدة وهو يعزز وجوده على الحدود ليلاً ونهاراً، وبجهوزيّة شبه تامّة، ليس على طول الحدود فحسب، بل حتّى على الطرقات الداخليّة، في محاولات جادّة لوقف هذا الدفق البشري الذي لم تشهده الحدود في عزّ الأزمة السورية.”
ويشرح أنّ “العمل على مواجهة هذه الظاهرة المتجدّدة يتمّ عبر خطّين: منع التهريب من خلال الحواجز على الحدود عبر أبراج المراقبة والدوريات والكمائن، وحتى من خلال الحواجز في الداخل لتوقيف من لا يملك أوراقاً قانونية، ليتمّ ترحيلهم في مرحلة لاحقة. والخطّ الثاني عبر ملاحقة المهرّبين، علماً أنّ معظم هذه العصابات موجود في الداخل السوري، فالجيش كان قد قام بتوقيف عدد كبير من المهربين وأحالهم إلى القضاء لمحاسبتهم، لكن هؤلاء عادوا إلى ممارسة أعمال التهريب بعد الإفراج عنهم”.
ويشير المصدر الأمني إلى أنّ “عمليات التهريب ناشطة في الشمال أكثر من باقي المناطق، وذلك بسبب الطبيعة الجغرافية للأرض، فهناك نحو أربعين معبراً غير شرعي يسيطر عليها الجيش من خلال نقاط ثابتة، ويقفل هذه المعابر من خلال سواتر ترابية وحواجز ودوريات أمنية”.
لكن المصدر يستدرك بالقول إنّ “كل نقطة حدود تحوّلت إلى معبر غير شرعي لمرور وتهريب السوريين، على طول 370 كيلومتراً من الحدود اللبنانية السورية المشتركة، إذ تحوّل كل نهر أو سهل إلى معبر للسوريين وبالتالي بات من الصعب ضبط كل النقاط”.