اللعب بالخرائط الجغرافية «خط أحمر»
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

هل الوقت مناسب لتغيير الحدود الخاصة بإيران وانسلاخ محافظة أذربيجان عنها كما يروج البعض؟ أم أن اللعب بالخرائط الجغرافية يقع تحت طائلة الخطوط الحمراء؟

 

المسألة تتعدى إيران وحتى أذربيجان وهي التي تعرضت إلى اختبار صعب أخيراً أثناء النزاع بينها وبين أرمينيا حول حدود ناغورني كاراباخ.

 

تاريخياً واجهت منطقة أذربيجان عدداً من الغزوات، واحتُلت من قبل التركمان ثم الصفويين والعثمانيين إلى أن انقسمت إلى أذربيجان الروسية وأخرى الإيرانية، ومنذ عام 1936 ضمها الاتحاد السوفياتي وبقيت 70 سنة تحت حكم السوفيات.

 

ما حصل في منطقة القوقاز وإيران من تغيرات في الحدود جرى في العالم العربي، فقد كان مسرحاً للعديد من خطط التقسيم وإعادة الرسم، لكن في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتدمير أوروبا، انتهى المفهوم التقليدي للدول المستعمرة وخرجت بريطانيا وفرنسا من المنطقة بعدما قطَّعتا أوصالها ورسمتا الحدود بين الدول، ونشأت كيانات جديدة اتفقت الدول الكبرى على المحافظة على حدودها، ونالت استقلالها من الأمم المتحدة، وباتت هذه الدول ذات سيادة مطلقة.

 

على المستوى العربي بقيت إسرائيل حالة شاذة، دولة مُستعْمِرة فرضها الغرب الأوروبي، واستمرت بالتوسع والهيمنة وعلى حساب الشعب الفلسطيني والعربي وبدون حدود مرسومة ومعروفة حتى الآن، ومع ظهور مصطلح «الشرق الأوسط الكبير» أيام إدارة جورج دبليو بوش عام 2004 وبالتفاهم مع الحليف الأول في المنطقة، وهو إسرائيل، ومهندسها شيمون بيريز، اكتسب المصطلح بعداً سياسياً لا علاقة له بالجغرافيا، بحيث بات يضم إيران وإسرائيل وتركيا وباكستان!

 

لعبة التغيير في الخرائط الجغرافية، من اختصاص الدول الكبرى متى تلاقت مصالحها، يمكن أن يحدث التغيير، أما عدا ذلك فتبقى مجرد اختبارات بالونية وذات طابع سياسي، ولعل أحد أشهر متخصصي الجغرافيا السياسية في العالم، روبرت كابلان، صاحب كتاب «انتقام الجغرافيا»، يعتبر أن الجغرافية هي التي تصنع السياسة والتحالفات والأحلاف العسكرية منها والسياسة، لكنها لا تغير من الواقع الجغرافي شيئاً.

 

محركات ودوافع الصراعات في الشرق الأوسط وفي الإقليم الخليجي تتخذ في الغالب شكل التحالفات وتتبدل بحسب الظروف، ففي نظرة على التغييرات التي طرأت على الحدود منذ مئة عام تقريباً وكما جاء في عنوان أحد التقارير لموقع «الجزيرة نت» «من سايكس بيكو إلى تيران» سيجد المراقب أمامه عددا من الخرائط الجغرافية التي وضعت على أيدي خبراء التقسيم وتوزيع الأراضي لا سيما أصحاب المدارس الاستعمارية في كل من فرنسا وبريطانيا.

 

يجمع الخبراء والمفكرون الاستراتيجيون على أن الحدود المرسومة والقائمة في منطقة الشرق الأوسط الكبير، باقية كما هي، ولم يحن الوقت إلى اللعب بها أو إعادة رسمها أو توزيعها بعد، سواء في أذربيجان الإيرانية أو غيرها من دول الخليج العربي وبلاد الشام، فلا لواء إسكندرون سيعود إلى سورية ولا الموصل ستستعيدها تركيا، وأقرب مثال ظاهر أمامنا ما أقدم عليه صدام حسين عندما غزا الكويت عام 1991، وكانت غلطة عمره، دفع حياته ثمناً لمغامرته عندما أراد أن يلعب ويعيد رسم الخريطة الجغرافية للعراق، وكان الفشل حليفه ولكل من يعبث بالحدود والجغرافيا في المنطقة.

Back to top button