ترتيب من ولي العهد الكويتي ورئيس الوزراء لمعاجلة الأزمة في الكويت بعد انسحاب الغانم

النشرة الدولية –

قالت مصادر سياسية كويتية إن إعلان مرزوق الغانم الرئيس السابق للبرلمان الكويتي، وأحد أقوى الشخصيات السياسية في الكويت، عدم الترشح للانتخابات المقررة في 29 سبتمبر، يأتي ضمن ترتيب من ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ورئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الصباح ابن أمير البلاد من أجل معالجة الأزمة السياسية في الكويت.

وأضافت المصادر السياسية الكويتية أن الشيخ مشعل والشيخ أحمد، الرجلان القويان في السلطة، يعملان على نزع فتيل الأزمة من خلال معالجة أسبابها والأطراف المؤثرة فيها، وأن انسحاب شخصية خلافية مثل الغانم خطوة مهمة لتهدئة الصراعات مع المعارضة من جهة، وداخل الأسرة الحاكمة من جهة ثانية، معتبرة أن الغانم هو أحد واجهات الصراع الخفي بين فاعلين في الأسرة الحاكمة الذين يسعى كل جناح منهم لفرض تسوية سياسية خادمة له ويوظف عناصر في البرلمان لتحقيقها.

ولم تستبعد المصادر أن يقوم ولي العهد ورئيس الوزراء بالضغط على عناصر من الأسرة الحاكمة لدفعها إلى التراجع عن أجنداتها الخفية وتحريك واجهات خادمة لها من خلال البرلمان أو وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

انسحاب الغانم دليل على أن الصراع وصل إلى مرحلة معقدة جدا وشرسة ولا يستطيع مرزوق ولا غيره أن يعمل فيها

وأشارت هذه المصادر إلى أن الغانم يعرف أنه لا يقدر على الاستمرار في موقع الفاعل الرئيسي في المشهد في وجود الشيخ مشعل والشيخ أحمد ولا يقدر على الوقوف بوجه رغبتهما في بناء علاقة هادئة بين الحكومة الكويتية والبرلمان الجديد للتفرغ لمعالجة مخلفات الأزمة الاقتصادية الحادة التي أثرت على وضع الكويتيين.

وخلال السنوات القليلة الماضية كان الغانم هدفا مباشرا للنواب المعارضين الذين رفعوا شعار “رحيل الرئيسين” كمطلب أساسي للإصلاح في البلاد، في إشارة إلى رئيس البرلمان مرزوق الغانم ورئيس الوزراء الذي استقال بالفعل، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح.

وكانت أوساط مقربة من الغانم قد أشارت إلى توجسه من تكليف الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة بسبب غياب التواصل بينهما، على عكس العلاقة التي كانت سائدة بين الغانم ورئيس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح.

وتشير الأوساط إلى أن الغانم كان وجه انتقادات للشيخ أحمد خلال الفترة القصيرة من توليه وزارة الداخلية، على خلاف ما هو معهود، حيث نادرا ما ينتقد رئيس مجلس الأمة وزيرا في الفريق الحكومي، واستمراره على رأس مجلس الأمة سيزيد من حدة الصراع مع الحكومة الجديدة ورئيسها القوي.

وعُرف الغانم، الذي تولى رئاسة البرلمانات المتعاقبة منذ 2013، بقربه من الأمير السابق الشيخ صباح الأحمد الصباح، ورغم أنه كان رئيسا للمؤسسة التشريعية إلا أن المعارضة كانت تتهمه دوما بموالاته للحكومة محملين إياه مسؤولية الكثير من المشكلات التي عانت منها البلاد خلال الفترة الماضية.

وأعلن الغانم في حسابه على إنستغرام أن قراره بعدم الترشح للانتخابات القادمة “يراعي ظروف كل مرحلة ومتطلباتها.. تاركا للأحداث القادمة أن تكشف عن بعض الحقائق المغيّبة”.

وقال “إن عدم ترشحي هو قرار مرحلي، ستعقبه بمشيئة الله عودة ذات تأثير أقوى.. إن هذا القرار المرحلي لا يعني إطلاقا ابتعادي عن المشهد السياسي، ولا انصرافي عن واجبي الوطني”.

.

وقوبل قرار الغانم بعدم الترشح بالترحيب من قبل معارضين. وغرد النائب السابق المعارض بدر الداهوم تحت وسم “رحيل الرئيسين (رئيس البرلمان ورئيس الوزراء السابق) مطلب شعبي تحقق”. وقال الداهوم “وبإذن الله سيسحق الشعب كل أتباعه.. وحلفائه في صناديق الاقتراع قريبا غير مأسوف عليهم”.

بينما طالب النائب السابق فيصل المسلم الشعب الكويتي بالعمل على عدم إعادة الغانم مستقبلا أو من يرثه في سياساته قائلا “الحمد لله على فضله.. ومبروك للشعب الكويتي فعله”.

لكن المحلل السياسي ناصر العبدلي اعتبر أن مرزوق الغانم “ترك الساحة لقناعته أن هذه الفترة لا يمكن العمل ولا الإنجاز خلالها بسبب شراسة الصراع بين أطراف الأسرة الحاكمة”.

وقال العبدلي إن الغانم يمكن أن يمارس دورا خارج الساحة البرلمانية وإن “هذه الخطوة دليل على أن الصراع وصل إلى مرحلة معقدة جدا وشرسة ولا يستطيع مرزوق ولا غير مرزوق أن يعمل فيها”.

وعانت الكويت خلال السنوات القليلة الماضية من توتر العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما أعاق خطوات مهمة للإصلاح الاقتصادي والمالي.

ويتمتع البرلمان الكويتي بنفوذ أكبر مما يحظى به أيّ مجلس مماثل في دول الخليج العربية الأخرى، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الحكومة والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.

وبعد صراع طويل بين الحكومة والمعارضة أعلن ولي العهد الشيخ مشعل، الذي يتولى معظم صلاحيات أمير البلاد، في يونيو حل مجلس الأمة (البرلمان) والدعوة لانتخابات عامة جديدة وفقا للدستور، وهي الخطوة التي لقيت ترحيبا واسعا من المعارضة باعتبارها انتصارا لمطالبها.

وأكد ولي العهد في كلمته في حينها “إننا لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه المختلفة ليكون المجلس سيد قراراته”.

وشهد انتخاب البرلمان السابق للغانم رئيسا له جدلا واسعا بين نواب البرلمان وفي المجتمع، حيث اتهمت المعارضة الحكومة بالتصويت له وإيصاله إلى رئاسة البرلمان، ولم تعلق الحكومة على هذا الأمر، بينما رأى الغانم أنه حقق نصرا مستحقا وفقا للدستور والقانون.

وفي يوليو تم تعيين الشيخ أحمد نواف رئيسا جديدا للوزراء ليحل محل رئيس وزراء الحكومة المستقيلة الشيخ صباح الخالد، وهو ما اعتبره مراقبون بداية لمرحلة جديدة من العمل السياسي في الكويت.

وفي الثاني من أغسطس صدر مرسوم أميري بحل مجلس الأمة رسميا، وفي 28 من ذات الشهر صدر مرسوم أميري آخر بدعوة الناخبين لاختيار أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) في 29 سبتمبر في خطوة جاءت لإكمال المسار الذي وعد به ولي العهد.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى