منار عبد الكريم قطيني: ترى بأنّ أمة إقرأ لا تقرأ ومنتوجها في حال كساد تام

كلماتي امتداد لأنوثتي الحالمة والرقيقة والحساسة

النشرة الددولية –

حاورها – صفوان الهندي –

اتخذت من الحرف ملاذا لها ، سكبت كل قواها لتخرج كل ما في جعبتها من أحاسيس ، لم تهرب من الواقع بل غاصت فيه بحبر قلمها  لتكتب لنا روايات ونصوصاً شعرية تبقى خالدة في ذاكرة ، من يقرأ كتاباتها يجد أن اللغة مطواعة بين يديها, تحرك دفتها كيفما شاءت، نتيجة ثقافة وموهبة متأصلة لديها, إنها ابنة الشام الأبية منار عبد الكريم قطيني, دعونا نغوص في أعماق أفكارها وأحساسها لنستخرج أعذب الكلام وأصدقه.. تابعوا معنا:

*- كيف دخلت مجال الكتابة الأدبية؟ حدثينا عن بداياتك وتجربتك في هذا الميدان؟

بدأت الكتابة في عمر ١٤ عاماً عندما شعرت بأنّ لديّ الكثير من الأحاسيس والمشاعر المفرطة ,وكنت أحب تدوين تفاصيل حياتي الصغيرة وبعض الخواطر في دفتري الوردي متأثرة بالقراءة والاطلاع على الكثير من الروايات العربية والعالمية .. فالكتابة موهبة وممارسة القراءة هي من يطورها ويصقلها

*- لغتك كالتطريز بالحرير، جميلة بصياغتها ساحرة بتناغمها وملونة بصورها، فما الذي يميزها وأين تكمن خصوصيتها؟

أنا إنسانة بسيطة أبدي الاهتمام بكل شيء حولي وأحوله إلى فضاء واسع وهذا ماجعلني أصور العالم بطريقة فيها بعض الجنون وكلماتي هي امتداد لأنوثتي الحالمة والرقيقة والحساسة جداً وعلاقة عشق وخلق وهوية لامتناهية

*- في كلا الروايتين ” حالة خاصة جداً ” و ” حدود المدن” تقمصت لسان الرجل على الرغم من ميولك للأدب النسوي.. لماذا؟

الأساس في الأدب أن تكون للمبدع القدرة على تمثل الشخصية وتقمصها فيكتب بلسانه أدق التفاصيل عن تلك الشخصية ويجسد الأنا بحيث يجعل القارئ يشعر بأن الروائي كتبها بلسانه فقط ,أنا أرى أنه من السهل جداً الكتابة بلسان الرجل لأن الرجال الشرقيين متشابهين ولكن المصيبة هي كتابة الرجل بلسان امرأة لأنها أكثر غموضاً وأقلّ وضوحاً , اما سبب كتابة روايتي على لسان رجل يعود بالدرجة الأولى على خصوصية الكاتبة ومدى تأثرها وتفاعلها مع محيطها فيما يخص البطل والحالة التي كان يعيشها

*- في روايتك الأخيرة “خرز الأقدار” عكست الواقع العام لأسوء مامرّ على حياة السوريين وهي سنوات الحرب, فكيف استطعت المعالجة بالنظر إلى وجود حالات تداخل ومتغيرات اجتماعية كثيرة ؟

قد تكون هذه الرواية من أكثر الروايات التي عانيت في كتابتها وأصبت بالكآبة وبكيت أكثر مماكتبت وسط الخراب والموت والتحولات المؤلمة للواقع الذي فرضته الحرب .. الكتابة هي شكل من أشكال المقاومة ومن هنا تنشأ مهمة الكاتب حين يسعى إلى تضميد هذه الجراح وتناول حياة المظلومين والمنكوبين ومواجهة آلة الشر والقتل بالقلم والعقل , وزرع الحب والسلام والأمن والنبل والصدق والقيم الإنسانية في ضمير الشعوب كي تبقى رسالة راسخة في ضمائر الأجيال القادمة أيضاً وهي مهمة أي أديب البحث عن معنى لحياة إنسانية أقل بؤساً وظلماً

*- صدرت لك ثلاث مجموعات قصصية للأطفال وأربع روايات وديوان واحد نصوص نثرية , فما هو المجال الأقرب لوجدان منار ؟

بالنسبة لي بعد أن كتبت عدة أجناس أدبية وجدت أنّ الرواية هي الأقرب إلى النفس وأهم مايميز الرواية عندي عن باقي الأجناس الأدبية أنها تمنحني متعة حقيقية ونشوة روحية بعمقها وتماهيها مع الشخصيات التي تصبح كأنها عائلة لك تعيش معها وتشاركها همومك وأحزانك فنحن نمارس في الرواية كلما هو يتسع في مفهوم الخيال والأحلام والجمال والحب والاستكشاف والتنقيب عن جوهر الافكار والأسئلة التي تدور في رأسك

*- أين موقع الرواية العربية في الأدب العالمي من وجهة نظرك، ولماذا لم ينل روائي عربي حظه من العالمية منذ جائزة نوبل التي فاز بها المصري نجيب محفوظ؟

حسب تصوري المتواضع أنّ الخلل والسبب في ذلك يرجع إلى أنّ أمة إقرأ لا تقرأ ومنتوجها في حال كساد تام ويكمن أيضاً في نقص الترجمة من وإلى العربية , أعتقد أنّ عدم نيل أي أديب جائزة نوبل أنّ الغرب مازال وحتى الآن يستهدف العقل العربي وأن الأديب العربي أقل من أن يستحق جائزة نوبل

*- هل تستطيع منار الكتابة بحرية، أم أنها مقيدة بعادات وتقاليد وفوضى مجتمعية؟

للأسف الشديد مازال مجتمعنا العربي ينظر بنظرة دونية للمرأة مهما كانت درجة وعيها وشهاداتها .. وهذه التابوهات التي تقول بأن المرأة لاتصلح الا للبيت والإنجاب وتربية الأولاد كانت إحدى الأشكالات التي أثرت على حياتي وكتاباتي في فترة ما

ولكن مع إصراري وقوة إرادتي والرغبة الملحة استطعت أن أتجاوز بعض هذه الإشكالات مع التحفظ بعدم تجاوز الخطوط الحمراء والتعمق في لب المواضيع وصلبها ,فركوب الجرأة في كتابات المرأة يجعلها مع مواجهة غير مأمونة مع تيارات فكرية متصلبة ولعل هذه النظرة الذكورية هي من تحد من إبداع المرأة التي لا أراها أقلّ فكراً وأدباً وثقافة عن الرجل, ربما نحن بحاجة إلى صمود أكثر وصبر ومطاولة وتحدي وتضحيات حتى ننال مانستحق في النهاية من مكانة أدبية وقيمة إنسانية

*- ما مصدر شخصيات نصوصك الإبداعية ؟

الانسان ابن بيئته والحقيقة أنّ كل شخصيات منار استوحيها من المحيط واستعين بها من خلال الأحداث والمجريات التي تمر بحياتي وهي التي تفرض نفسها على الكاتب وتتلبسه وكأنها شخصيات من لحم ودم تسيطر عليه وتكتب نفسها وأحياناً أخترع شخصيات كمًا يشاء نصي الأدبي

*- هل أنت مزاجية في الكتابة؟

الكتابة لديّ عملية مزاجية كأن أكتب اليوم ويمضي عليّ أياماً وشهوراً لا أمسك فيها القلم ,أحب أن أكتب في لحظات الهدوء والسكينة وأفضل الكتابة في مناخ شتوي وطقس ماطر إذا كان لديّ مزاج داخلي في الكتابة

*- ما الظروف التي يمكن أن تمنعكِ من الكتابة؟

لا أعتقد أنّ هناك ظروف يمكن أن تمنعني عن الكتابة إلا الموت, فعلاقتي بها ليست علاقة عابرة أوعلاقة آنية ,هي علاقة عشق أبدي وهي الروح الناطقة فكيف نستغني عن أرواحنا

*- لمن تقرأين من الأدباء؟

قائمة كبيرة من الكتب والكتاب سأذكر بعضاً منهم .. تولستوي .. همنغواي.. هاني الراهب .. حنة مينا .. عبد الرحمن منيف .. أليف شافاك.. أحلام مستغانمي

*- ذكرت في إحدى المقابلات أنك تسعين لرسم خارطة عمل مستمرة لك على الرغم من ابتعاد القارئ عن عالم الكتاب عموماً لأسباب عدة.. فهل استطعت القيام بذلك؟

اليأس  يعني الفشل وأنا قادرة على خلق نفسي وتطويرها من خلال التحديات وإثبات الذات ومواجهة كل الظروف والصعوبات والسعي الدؤوب لصياغة رؤى جديدة تحفز الشباب على القراءة والمطالعة ونحن في النهاية نكتب حتى تصل كلماتنا كل أصقاع العالم ونزرع الحب والأمل والسلام وننفع به غيرنا وأنفسنا

*- هل وصلتك عروض لتحويل أحد أعمالك إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني؟

لا.. لم تصل لي أية عروض

*- هل أضاف العالم الافتراضي شيئاً جديداً إلى الأدب والثقافة في نظرك؟

من حسناته أنه يصل إلى عدد كبير من القراء إذا ماقارناه بالمجلات والجرائد عدا عن الترويج والانتشار السريع

*- ماذا تكتبين الآن؟

أكتب النصوص النثرية والشعر فقط, أما الرواية  مشروع مؤجل حالياً استراحة محارب كما يقولون

*- البطاقة الشخصية والأدبية

منار قطيني كاتبة روائية لديّ مجموعتين قصصية للأطفال وأربع روايات ونصوص شعرية مطبوعة .

Back to top button