د. ريم برجي أصغر طبيبة أسنان محاضرة في المؤتمر الأوروبي

طموح أكبر من أن يتجاهل الوطن

النشرة الدولية –

منذ دخولها الجامعة كطالبة في كلية طب الأسنان، أدركت الشابة أن “البسمة الساحرة” هي التي ستحملها الى واسع الأفق وتحقق لها الرضا الذي تسعى اليه عن ذاتها…. ليست المرة “بسمتها” وروحها المرحة فقط، بل “البسمة” التي سترسمها على وجوه الكثيرين وتعيد إليهم نعمة ” الابتسام” بثقة بعد أن يغادروا عيادتها أو مركز أبحاثها وتدريبها في مجال تجميل وترميم الأسنان (Esthetic and Prosthetic Dentistry)…. هناك حيث يعانق الشغف العزيمة، يتدفق من ينابيع الموهبة شلال من حرص ومتابعة، ليخط بيمين ما كلت سعياً لتطوير ذاتها وتحديث معارفها حتى صقلت شخصية واثقة تفرض حضورها في أرقى القاعات والمؤتمرات وتبهر بإنجازاتها من لهم باع طويل في مجالات اقتحمتها، على صغر سنها، وأثبتت تفوقها وتألقها، أكاديمياً، علمياً، بحثياً، عملياً، تطبيقياً ومواكبة… هناك في عيادة ومركز أبحاث الدكتورة ريم سلام برجي…

تفوق دراسي وعملي

بسجلها الحافل بالتألق الأكاديمي، التفوق الدراسي، والتميز التطبيقي في جامعة القديس يوسف في بيروت (اليسوعية)، استطاعت الدكتورة ريم برجي أن تثير اهتمام دكاترة كليتها، محاضريها والمشرفين عليها. ومع مشروع التخرج المتميز الذي قدمته مع نهاية سنيها الخمس في كلية طب الأسنان في العام 2018، بشهادة المشرفين عليه في الجامعة بأنه استحق عن جدارة وصفه بأنه من “أهم وأروع” أبحاث ومشاريع التخرج التي قدمها أي طالب على منصات اليسوعية. فهي لم تكن “طالبة مجتهدة” فحسب، بل أثبتت “موهبة” فذة في صقل “الأسنان” والبحث الدقيق عن أي من مسببات آلامها، تشخيص الحالة بسرعة ودقة، وإتمام العلاج المطلوب بالسرعة القصوى والدقة الأعلى…

تروي “الدكتورة برجي”، “لفتني اختصاص ترميم وتجميل الأسنان اكثر من غيره، رأيت فيه مجالاً مميزاً لم يجرؤ على خوضه إلا قلة قليلة من أطباء الأسنان الجدد (خصوصاً في مدينتي صور)، ما سيفرض علي تحديات أكبر لأكون من خيرة رواده… ولأني لطالما أحببت أن أستطيع مساعدة الآخرين وأن أحدث فارقاً إيجابياً في حياتهم، فكرت في منحهم “ضحكة حلوة”… فبالإضافة الى المهارات كافة للعناية بالأسنان وصحتها التي سيمتلكها، التخصص في ترميم وتجميل الأسنان يمنحك قدرة اكبر على إعادة رسم “ابتسامة” ساحرة وطبيعية على وجه من فقدوها لسبب من الأسباب (أسباب خلقية، حوادث، تراكم الجير أو تعب السن واللثة…)… من “Hollywood Smile” ثم ما تبعها من تطورات تقنية وطبية سريعة أحدث في المجال… من قشرة السيراميك، التبييض، تلبيس الأسنان الضعيفة أو تلبيس الزرعات، “وجبات الأسنان” الثابت منها والمتحرك وغيرها… جميع هذه الحالات تسمح لي كطبيبة بان أرى سعادة تعود لتغمر مريض أو مريضة حرموا من ابتسامتهم لفترة طويلة… أعيد لهم ثقتهم بنفسهم وبجمال اطلالتهم لينطلقوا بحب وفرح للحياة من جديد ويضخوا “الروح الإيجابية” في محيطهم أيضاً دون أن يشعروا”…

إختراعات خاصة من الجامعة في عيادتها في صور

ثم تضيف، “ومع التطور التقني الهائل والمتسارع في مجالنا، خصوصاً في جامعتي اليسوعية، اصبح بإمكان المريض مشاركة طبيبه في “تصميم” ابتسامته وضحكته الجديدة عبر برمجيات معينة (Softwares) تأخذ بعين الاعتبار شخصية المريض، صوره، وغيرها من المعلومات التي ستساهم في “خلق” صورة البسمة التي يريدها وتليق به وبتكوين وجهه وأسلوب حياته… فأنا في عيادتي اليوم في صور استخدم جهاز تصوير خاص ابتُكر من قبل طبيب في جامعتي لنكون من أوائل مستخدميه في المنطقة، وينال رضا وإعجاب جميع المرضى الذين جربوه في عيادتي”.

ولأن سر الطبيب الناجح هو القدرة على مواكبة التحديثات والبقاء على اطلاع محلياً ودولياً، ولما كانت برجي قد أثبتت مهاراتها وقدراتها الفذة في المجال، اختارها الطاقم الأكاديمي والطبي في الجامعة اليسوعية لتصبح زميلتهم، بعد أن تميزت على مقاعد الدراسة وفي العيادة. “بالإضافة إلى عملي في عيادتي، أنا الآن أتابع عملي الإضافي في الجامعة اليسوعية، حيث شرفني الأساتذة المواكبين لي بتعييني مشرفة لتقديم الدعم اللازم للطلاب الجدد في المجالات التطبيقية (Practical and Clinical Work)، حيث أساعد الطلاب الجدد على تطبيق ما تعلموه من تقنيات (كالحفر وغيرها…) على نماذج معينة (Model)، كما أشرف على أداء طلاب السنة الرابعة والخامسة الذين باتوا قادرين على متابعة حالات المرضى في عيادات الجامعة اليسوعية، كطبيبة إختصاص منذ لحظة تخرجي من التخصص في العام 2021”.

باحثة علمية وأصغر طبيبة أسنان محاضرة في المؤتمر الأوروبي

وعلى الرغم من كل تلك الإنشغالات، تصر برجي على متابعة أبحاثها العلمية الخاصة، حيث نشر لها حتى الساعة 26 بحثاً علمياً في مجلات علمية مرموقة، كما تتابع حالياً بحثاً جديداً سينشر قريباً. ولعل سيرة الطبيبة الجنوبية الشابة (27 سنة) الغنية بالإنجازات هي التي استرعت إنتباه القيمين على أهم مؤتمرات طب الأسنان السنوية في أوروبا والذي عقد في بلغاريا في تشرين الأول 2021 ، حيث دعيت لتكون أصغر طبيبة محاضرة ونالت منهجيتها العلمية ودقة استنتاجاتها إعجاب القيمين والمشاركين من أطباء أسنان من حول العالم. ثم يومض التحدي في عينيها، “في عصرنا الحالي، تخطى المريض كل التصورات المسبقة وبات يبحث عن طبيب أو طبيبة لديهم من الكفاءة والخبرة، الاطلاع العلمي الواسع ومواكبة التطور التكنولوجي المتسارع والمهارة في تطبيق تلك العلوم والتقنيات لتحقيق غايته. .”.

طموح أكبر من أن يتجاهل الوطن

تستحيل الصرامة والجدية في شرحها عن البرمجيات والتقنيات الحديثة التي تقدمها في عيادتها في صور إلى تناغم من شغف وحب عند سؤالها عن المكان الأحب إلى قلبها: بين عيادتها الخاصة في صور ومراكز الدراسات والتدريب في الجامعة. فتؤكد، “منذ لحظة تخرجي بامتياز وتقدير مشرف جداً، عدت بسرعة الى مدينة صور لأفتتح فيها عيادتي منذ أواخر نيسان 2021. خطوتي بالنسبة للكثيرين كانت “ضرب جنون” في ظل أزمة كورونا المستفحلة في البلاد وأزمات لبنان الاقتصادية، وخصوصاً مع حصولي على عرض عمل مغر جداً للعمل في مجال تخصصي في الخارج… لم أبال بكل ذلك بقدر حنيني إلى مدينتي وحبي لوطني وإصراري على إجتراح الفرق والتميز هنا…. أحب عيادتي ومرضاي وأكتسب منهم كل يوم خبرات ومعارف جديدة أستفيد منها في أبحاثي العلمية المستمرة وفي تدريب طلابي في الجامعة… وتوازياً، أحب عملي الأكاديمي في الجامعة حيث أواكب أيضاً أحدث التقنيات وأبقى على اطلاع مستمر وشامل محلياً ودولياً بتواصلي مع اهل الاختصاص، وبذلك يكتسب طلابي أيضاً خبرات إضافية لربما لم أتعلم أنا نفسي لما كنت طالبة، خصوصاً ان معظم طلابي من عمري تقريباً….ثم أعود وأنقل الجديد الذي تعلمته إلى أهلي في صور لينالوا الخدمة الأفضل التي يستحقون”

“في عيادتي هنا مع التقنيات الحديثة فيها وحدها في المنطقة، يستطيع المريض التقاط صورة خاصة لأسنانه وتحديد حجم السن الذي يريد، و”يرسمه ويلونه” كيفما أحب لينال النتيجة طبق الأصل عند تطبيقها….  هذا هو الفارق بين طبيب أسنان عام سيختلف أداؤه وقدرته على الإبداع والإتقان مقابل طبيب متخصص في الترميم والتجميل… عندما ألمس الرضا في نفوس مرضاي أشعر بسعادة غامرة…. ولذلك، دائماً ما أشجع طلابي ومحيطي على الإصرار والتشبث بالأمل… ففي السنة التي اعتبرتها البشرية الأسوأ اقتصادياً وصحياً واجتماعياً، أنا تخرجت بالاختصاص الأحب إلى قلبي، سجلت عدداً كبيرا من الأبحاث العلمية المرموقة باسمي على صغر سني، نالت أطروحة تخرجي التقدير الزاخم من أهم أهل الاختصاص، افتتحت عيادتي الخاصة، باشرت التدريب والاشراف الجامعي في أفضل جامعة على مستوى اختصاص طب الأسنان في لبنان، أصبحت أصغر طبيبة محاضرة في المرتمر الأوروبي… وما كنت لأحقق كل هذا لولا

إيماني بنفسي وإيمان من هم حولي بي وبقدراتي عموماً، وبتطلعي الى مثلي الأعلى في الحياة الذي حصلت منه على القدر الأكبر من الدعم والتشجيع المعنوي والعلمي والطبي في مسيرتي المهنية… كما أني اتابع رسالة الدكتوراه حالياً تحت اشرافه لتطوير مهاراتي ومعارفي أكثر في المجال. لا بد أن نعطي أنفسنا فرصة ولبلدنا فرصة أيضاً….ونتعلق بطموحاتنا حتى تحقيقها… وأنا ما زال أمامي الكثير الكثير الذي أسعى بكل إصرار لتحقيقه”.

السر: “الضحكة الحلوة”

إذاً هو الإصرار على نهل المزيد من العلم كلما نالت منه رشفة وعزيمة على صقل مهاراتها بتقنيات فريدة مميزة…. ببسمتها الزاخرة بطموح لامتناهٍ وأنامل بها خطت وتخط “آيات” من لوحات “طبية” ترضي مرضاها وتبلسم آلامهم، تتسلل إليك في حضور الدكتورة ريم برجي نفحات من أمل وافتخار بطبيبة لبنانية مبدعة تخط اسماً “ناصع البياض” في سماء الوطن الحالكة والملبدة بالهموم…. وتتأكد من عدم صوابية ما قالوه يوماً أن لكل باب مقفل مفتاح…. ففي زخم الحياة وكثرة مشاغلها ومتاعبها، تبدد برجي تلك المقولة: “جميع الأبواب تفتح بمفتاح واحد أقله ثم بمفتاحها الخاص….. كل ضائقة، كل يوم عصيب، كل أزمة ثقة، كل إرهاق ومعاناة…. كله يتبدى وينفرج أمام “الضحكة الحلوة”، فلا تحرموا أنفسكم منها”.

Back to top button