عبء الرعاية الصحية
بقلم: إيمان حيدر دشتي
النشرة الدولية –
في حديث مع طبيبة كويتية تعمل في أحد المستشفيات الحكومية صباحا، وفي عيادة بمستشفى خاص مساء، تطرقنا إلى تجربتها في المستشفيات الخاصة، حتى وصلنا بالحديث إلى المطالبات الخاصة بالمرضى ممن يحملون وثائق تأمين صحي لتغطية بعض الحالات المرضية مع شركات التأمين، وعن رفض الشركات لبعض الفحوصات، وإصرار شركات التأمين على التدرج بالفحوصات الصحية وانتظار ظهور النتائج الأولية، ومن ثم النظر في أي إجراءات إضافية.
وقد عقبت الدكتورة قائلة: «من يومها تعلمت ألا أطلب جميع الفحوص المخبرية أو الأشعات من مراجعيّ في المستشفيات الحكومية، ففي كثير من الأحيان تدل النتائج الأولية على انعدام الحاجة للتوسع بطلب تلك الفحوص، فبذلك وفرت على الدولة تكاليف لتلك الفحوص، وحتى لا أعرض المريض لنوبة من القلق والهلع من وراء الكم الهائل من الفحوصات، واستبدالها بالفحص السريري المتأني وتوجيه أسئلة دقيقة».
إن الخدمات الصحية سواء حكومية أو أهلية تعتبر من الخدمات الأكثر كلفة بالعالم، أعلى من التعليم أحيانا، ومع تداخل المزايا المقدمة من الحكومة والشراكة مع القطاع الخاص، بصورة تغطية المتقاعدين بوثيقة تأمين صحي أو ضمان صحي للوافدين، تواجه المراكز الصحية سواء الحكومية أو الخاصة تحديات كثيرة.
فمع هذه النماذج المختلفة، لم يعد زيادة قسط التأمين من قبل شركات التأمين أو التوجه لزيادة رسوم العلاج على الوافدين من قبل الحكومة هو الحل الأمثل، بالتأكيد لا يجب أن تصبح الرعاية الصحية عبئا على الدولة، بل إن الرعاية الصحية يجب أن تكون في متناول جميع من يحتاجها، فهي حق ينص عليه الدستور وتكفله جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
بتنا نحتاج إلى نموذج إداري متطور أو أسلوب إدارة آخر، لإصلاح الخلل في نظام التعاقدات بين أطراف مقدمي الخدمة، فلا يقتصر التعاقد على كفاءة الخدمات العلاجية بل يجب أن يشمل النظام المالي والإداري، لربما ربط الملف الصحي بين المراكز الصحية الخاصة والحكومية للمستفيدين من عقد تأمين عافية عامل لتفادي إعادة الفحوص وازدواجية العلاج، مع عدم المبالغة في استخدام التقنية التشخيصية باهظة التكاليف في غير حاجتها كعامل تنافسي بين مقدمي الخدمة، والاستفادة من وجود بدائل للأدوية باهظة الثمن بأخرى أقل كلفة، مع إيجاد فرص لتدريب جميع العاملين في المجال الصحي على التدرج بالفحوص، وكذلك فحص جودة الخدمات الصحية والرقابة الذاتية، إلى جانب تفعيل جهاز رقابي على جميع أطراف الخدمة، فالعناية الصحية الجيدة تشمل عنصرين أساسيين هما الإدارة والتمويل.