اندلاع مواجهات بعد وفاة إيرانية أثناء احتجازها بسبب الحجاب
النشرة الدولية –
لليوم الثاني تتواصل الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية على خلفية وفاة فتاة احتجزت من قبل شرطة الآداب بسبب طريقة ارتدائها للحجاب، مما أثار غضبا شعبيا وتساؤلات بشأن مدى قدرة السلطات على مواجهة الاحتجاجات المتكررة التي باتت “تقوض النظام”، وفقا لمراقبين.
واندلعت احتجاجات في عدة أحياء في طهران، ليل الجمعة، بعد إعلان وفاة الشابة، حيث هتفت الحشود “الموت للديكتاتور” و “الموت لخامنئي” ، في إشارة إلى المرشد الأعلى لإيران، وفقا لمقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، الجمعة، أن الرئيس إبراهيم رئيسي طلب فتح تحقيق في وفاة شابة خلال احتجازها من قبل السلطات.
وتوفيت مهسا أميني بعد دخولها في غيبوبة إثر اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق التي تطبق القواعد الصارمة الخاصة بارتداء الحجاب، في حادثة أشعلت احتجاجات الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع يوم الجمعة.
وفي الشهور الماضية حث نشطاء حقوقيون النساء على المجاهرة بخلع الحجاب، فيما يعرضهن لخطر القبض عليهن بتهمة تحدي قواعد الزي الإسلامي في وقت تشدد فيه السلطات الدينية حملة على ما تسميه “السلوك غير الأخلاقي”.
وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أمثلة على ما يبدو أنها إجراءات شديدة الوطأة اتخذتها وحدات شرطة الأخلاق ضد النساء اللائي خلعن الحجاب.
Video footage shows heavy security presence just outside Tehran’s Kasra hospital, where Mahsa Amiri died today after slipping into a coma while in police custody three days earlier.pic.twitter.com/uAzIGj3CI6
— Kian Sharifi (@KianSharifi) September 16, 2022
والسبت تواصلت الاحتجاجات في غرب إيران خلال جنازة الشابة في حين استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وظهر المحتجون في مقاطع مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يرددون هتافات مناوئة للحكومة بعد أن جاءوا من المدن المجاورة وتجمعوا في مدينة سقز الكردية مسقط رأس أميني.
وظهر رجل واحد على الأقل مصابا في رأسه في مقطع مصور حيث أمكن سماع شخص آخر يقول إنها إصابة بالخرطوش.
This is the real Iran, Security forces in Iran’s Saqqez opened fire at peaceful protesters following the burial of #Mahsa_Amini.
Several protesters have been injured.
First Hijab police killed a 22 Yr old girl and now using guns and tear gas against grieving people.#مهسا_امینی pic.twitter.com/IgUdFEnJCS— Masih Alinejad 🏳️ (@AlinejadMasih) September 17, 2022
ويؤكد الباحث في الشأن الإيراني حسن راضي الأحوازي أن “الاحتجاجات لا تزال مستمرة في طهران وسقز، حيث تطورت إلى تمزيق صور خامنئي وهتافات ضده وضد الديكتاتورية”.
ويقول الأحوازي لموقع “الحرة” أن “قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي ضد المحتجين، مما تسبب بسقوط 15 جريحا، حالة اثنين منهما حرجة”.
ويضيف الأحوازي أن “جميع المؤشرات تتوقع استمرار الاحتجاجات وتصاعدها في الأيام المقبلة، خاصة وأن الأحزاب الكردية المؤثرة في المنطقة دعت جميعها إلى الخروج في احتجاجات واعتصامات الاثنين المقبل”.
وكانت أميني في زيارة إلى طهران مع عائلتها عندما أوقفتها الأربعاء وحدة الشرطة المكلفة فرض قواعد اللباس الصارمة على النساء بما في ذلك الحجاب.
وقال التلفزيون الإيراني الرسمي الجمعة عن مهسا، “للأسف ماتت ونقلت جثتها إلى معهد الطب الشرعي”.
ونقلت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، بما في ذلك موقع “إيران وير” وصحيفة “شرق” عن أسرتها قولها إنها نُقلت إلى المستشفى في غيبوبة هذا الأسبوع بعد ساعات قليلة على اعتقالها وقد توفيت.
ولم يتضح فورا ما الذي حدث في الفترة بين وصول الشابة إلى مركز الشرطة ثم نقلها الى المستشفى. وأفادت قناة “تصوير 1500” التي تراقب الانتهاكات في إيران بأن الشابة تلقت ضربة على رأسها.
وأظهرت صورة ومقطع فيديو لأميني تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس، وهي مستلقية على سرير في المستشفى والدم ينزف من أذنها مع كدمات حول عينيها.
Mahsa Amini, 22, is in a coma after being tortured by Iranian authorities.
This would be unacceptable no matter what, but the fact that she was arrested for improper wearing of the hijab makes it even more horrifying.
Please join me in sharing her name and story.#مهسا_امینی pic.twitter.com/FEB6BYfIZO
— Leah Remini (@LeahRemini) September 15, 2022
وقال العديد من الأطباء الإيرانيين على تويتر إنه على الرغم من عدم تمكنهم من الوصول إلى ملفها الطبي، إلا أن النزيف من الأذن يشير إلى إصابتها بارتجاج في الدماغ نتيجة إصابات في الرأس، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وأثارت وفاة أميني غضبا واسع النطاق بين العديد من الإيرانيين العاديين وكذلك بعض المسؤولين وكبار رجال الدين والمشاهير والرياضيين.
وأدان الكثيرون العنف الواضح ضد الفتاة وطالبوا أيضا بوضع حد لمضايقة النساء واحتجازهن لعدم التزامهن بقواعد الحجاب.
وكتب نائب الرئيس الإيراني السابق محمد علي أبطحي تغريدة على تويتر قال فيه إنه “حتى الادعاء بأن أميني أصيبت بجلطة دماغية يعد كافيا لجعل أجيال من الإيرانيين تكره الدين وتعاليمه”.
حتی خبر توجیه وارشاد همراه با سکته و کمای #مهسا_امینی کافی است تا چند نسل از هرچه دین داری، توجیه وارشاد هست متنفر شوند.
— Mohamad Ali Abtahi (@abtahi_m) September 15, 2022
ونشر أسطورة كرة القدم الإيرانية وكابتن المنتخب الوطني السابق علي دائي صورة لأميني على صفحته على إنستغرام مع تعليق قال فيه: “ماذا فعلت (أميني) للبلد؟ ابنتي تسأل عما حدث، ماذا يمكنني أن أخبرها؟”.
وقال جيك سوليفان، مستشار للأمن القومي للرئيس جو بايدن، على تويتر، “يساورنا قلق عميق إزاء وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، التي أفادت التقارير بأنها تعرضت للضرب أثناء احتجازها على أيدي شرطة الأخلاق الإيرانية”.
وأضاف سوليفان أن “موتها لا يغتفر. وسنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين على مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان”.
We are deeply concerned by the death of 22-year-old Mahsa Amini, who was reportedly beaten in custody by Iran’s morality police. Her death is unforgivable. We will continue to hold Iranian officials accountable for such human right abuses. #MahsaAmini مهسا_امینی#
— Jake Sullivan (@JakeSullivan46) September 16, 2022
وهذه ليست الحالة الأولى البارزة في إيران التي يتوفى فيها معتقل في ظروف مريبة، ففي 2012 توفي الناشط العمالي ستار بهشتي بعد تقديم شكوى رسمية تفيد بأنه تعرض للتعذيب في السجن.
وتوفيت المصورة الصحفية الكندية الإيرانية زهرة كاظمي في عام 2003 إثر ضربات على الرأس أثناء احتجازها لدى قوات الأمن.
ويرى محمد مجيد الأحوازي أنه “في الآونة الأخيرة دخلت النساء والفتيات الإيرانيات على خط المواجهة من خلال توسيع مطالبهن بالمزيد من الحريات الاجتماعية والمدنية ومنها مواجهة الحجاب الإجباري، مما دعا النظام الايراني إلى تصعيد قمعه واعتقالاته للنساء”.
ويبين الأحوازي أن “هناك تصادم بين النظام والنساء، وهذا يعد نقطة تحول لأنه غير مدفوع بدوافع سياسية، بل بدوافع اجتماعية تمثل أبسط الحقوق المدنية من خلال منع النساء من ارتداء الملابس التي يرونها مناسبة”.
ويتوقع الباحث الإيراني “استمرار مثل هكذا احتجاجات”، كما أن “استهدافها مباشرة لرأس النظام سيؤدي إلى اسقاط هيبة النظام ومكانته، خاصة في ظل الأنباء التي تتحدث عن تراجع صحة خامنئي مما سيشجع الناس على الخروج في الاحتجاجات ضد النظام”.
وتأتي وفاة أميني وسط جدل متنام داخل إيران وخارجها بشأن سلوك شرطة الأخلاق المعروفة باسم “دورية الإرشاد”.
This is a small part of the horror that we live every day Because of the mandatory hijab
For the sin of being a girl in an Islamic country#Mahsa_Amini #مهسا_امینی pic.twitter.com/latkm9XUMa— حدیثی که میفرماید: (@H_a_d_i_s_h) September 16, 2022
ففي يوليو، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لامرأة تقف أمام إحدى عربات شرطة الأخلاق مطالبة بالإفراج عن ابنتها. وظلت المرأة المحجبة ممسكة بالمركبة حتى بعد انطلاقها قبل أن تُفلِتها بعد أن زادت سرعتها.
بعد الثورة الإسلامية عام 1979، ألزم القانون جميع النساء بغض النظر عن الجنسية أو المعتقد الديني بوضع حجاب يغطي الرأس والرقبة.
ولكن عددا من النساء تخلين عن الالتزام الصارم به خلال العقدين الماضيين وبدأن بالكشف عن خصل من شعرهن، خصوصا في طهران والمدن الكبرى.
ونشرت الناشطة الحقوقية الإيرانية، مسيح علي نجاد، مقطعا مصورا على تويتر مع تعليق قالت فيه إن “نساء سقز خلعن حجابهن احتجاجاً على مقتل أميني، والآن حان دورنا في جميع أنحاء إيران والعالم لإزالة رمز القهر وضرب رأس الديكتاتور”.
زنان سقز در اعتراص به قتل #مهسا_امینی حجاب از سر برداشتند حالا نوبت ماست در سراسر ایران و جهان که نماد ظلم از سر برداریم و بر فرق سر دیکتاتور بکوبیم. مردم به جای هشتگ علیه گشت ارشاد آگاهانه تصمیم گرفتند به خیابان بیایند و علیه نماد زور و داعش فریاد بزنندpic.twitter.com/ActEYqOr1Q
— Masih Alinejad 🏳️ (@AlinejadMasih) September 17, 2022
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مدير مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك، هادي غائمي، القول إن “القمع اليوم، وخاصة ضد النساء، وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق لأن الدولة خائفة من الشابات ومطالبهن بالتغيير”.