من اين ياتي الشاعر الشاب الكويتي عمر الخالدي بالحرية؟

النشرة الدولية –

الخبر – ريتا بولس شهوان –

من اين ياتي الشاعر الشاب الكويتي بالحرية، ليتكلم عن لغة جسد المرأة، فيمارس الحرية من خلال التماهي مع لغة النص الذي يكتبه ولا يكتفي من الواقع. أول نص كتبه كان في عمر الـ ١٤ سنة وتمرس فيها عن 18. استفاد من التشجيع ومن الحروب ليطور نفسه. من أدوات الدفع الإيجابي الكثير كان خاله الذي ترك تشجيعه بعد أن اكتسب اسلوباً شائكًا خاصا به كما أصدقائه في الحياة وزملائه في الكلية. فاخذ القراءة زاوية يقول: “عادة ما أحاول قراءة نفسي من خلال الشعر والرواية والموسيقى وقبل ذلك كله الفكر والفلسفة والأديان لكني لا أجد ما يكفي من أي شيء فأعود إلى نفسي وأكتب ما أكتب.. في هذه الأيام أقرأ ليانيس ريتسوس الشاعر اليوناني وكريستيان بوبان الروائي الجميل وغيرهما.”

س / انت غارق في لذة المراة، من اين اكتسبت جراة الالفاظ لتتخطى التقاليد ؟

قبل البدء أحب أن أوجه شكراً خاصاً لكِ أستاذة ريتا على بادرتك الكريمة، في الواقع لا أحب أن أقدم نفسي للآخرين بأني غارق في لذة المرأة لأني في النهاية مجرد فنان آخر على مسرح العالم وأصابع الفنان وقلبه غير الفنان في ذاته، وكذلك القصائد والنصوص التي يرسمها الفنان والشاعر بكلماته هي غيره في الواقع، القصائد كائنات حية مستقلة بذاتها وهي الغارقة في لذة المرأة لا أنا، أما عني فأنا غارق في الأبدية وحدها، وهذا ليس بكلام منمق يُقال ليُقال فقط بل حقيقة، إذ الشاعر والفنان ليس هو من يأتي بقصائده أو يبتكرها، القصائد موجودة في كل شيء من حولنا لكنها تحتاج لمن يتلمّسها فقط ثم يعبّر عنها بألفاظ تشبه إلى أقصى حد ممكن شعور المتمّلس للأشياء.

إذن القصيدة عبارة عن تلمُّس لا أكثر ولا أقل. ومن هنا كان للمرأة حيِّزٌ واسع من الشعر الذي أكتبه وأحس به، لأن في كل عضو منها قصيدة نائمة وربما قصائد وفي كل شهقة أو نفس يتردد في رئتيها ويصعد إلى عينيها لحن موسيقي مختلف يحتاج لمن يتلمّسه ويكتشفه فقط. هكذا تكتمل المرأة القصيدة.

أما الشق الآخر من السؤال فقد اكتسبت هذه الروح من الراحل الكبير نزار قباني وله الفضل بعد الله في خروجي من أزمة نفسية شديدة كادت تقتل جسدي وهو في ريعان شبابه.

س / كيف واجهت قيود المجتمع والصدى؟

لم أستطع مواجهة أي شيء، هربت فقط، وفضلت الهروب دائماً على مواجهة الأعراف والتقاليد والعادات ودواخل الناس النفسية ورغباتهم. أما الصدى فأقول كما قال الراحل محمود درويش: “أنا مَلِكُ الصدى” يعني أنني صداي ولا أحتاج لأي صدى آخر.

س / تتكلم كثيرا عن جرح، تحاول ان تعبر عنه، نحاول ان نقرا ثناياه، كانها امراة، طفولة، لوعة الفراق عن المراة، ما الفكرة التي تريد ايصالها؟

يظل الشاعر شاعراً حتى ينكشف فإذا انكشف ماتت أسطورته وصار مجرد كاتب عادي، لذلك لا أستطيع البوح بما وراء هذا القلب وهذه القصائد لكني أستطيع أن أقول إن الحياة عبارة عن جرح، وهذا الجرح يتمثل كما يحلو له، مرة في المرأة ومرة في الطفولة ومرة في لوعة الفراق ومرة في الأفكار التي (لا) نريد إيصالها، أما وظيفتنا نحن في هذه الحياة فهي أن ننجرح لا غير..!

س / هل تتكلم عن جرح فراق الابن عن الام؟

أحاول في كثير من الأحيان ألا أكتب ما لا أحس به، يعني أنني ذاتيٌّ بامتياز – إن صح التعبير – فيما أكتب، ووالدتي سلمها الله لي لا تزال في قلبي وفي عيني كل يوم ولا أنوي أن أموت قبل وقتي، أعني أنني لا أنوي أن أفارق حياتي، أعني أمي.

س / نجد رمزا مسيحيا واضح كعين الشمس، اكان صورة مريم العذراء البهية او شموخ الكنيسة ، لم اخترت التناص من صورة الكنيسة ورموزها؟

أنا كإنسان أولاً ثم مؤمن ثانياً أعتبر الأديان السماوية جميعها مصدر إلهام أولي ومعتاد، لكن الذي لفتني لرمز الكنيسة ودعاني لاستعماله في قصائدي هو المشهد المعتاد الذي نراه حين نسافر للبلدان البعيدة ونصعد أحد جبالها ثم نصادف كنيسة كبيرة وقديمة ومهجورة.. في هذه الحالة تحديداً أحس باغتراب ووحشة لا مثيل لها ثم يتسلل إلى رأسي صوت محمود درويش وهو يهمس بشفافيته العالية :

“تُنسى كأنك لم تكن

ككنيسة مهجورة تُنسى

تُنسى كمصرعِ طائرٍ

وكوردةٍ في الثلج تُنسى”

س / من جهة ترمز للطهارة ومن جهة اخرى تغوص في اللذة لم هذا التناقض وسر الاعتراف المسبق بالخطيئة؟ وهل تعتبر الحب خطيئة اصلا؟

هذا السؤال أعتبره قسوة أن يخطر في بال أحدهم يا ريتا، قسوة غير معتادة لكنها معقولة، لا يمكن أن يكون السبب الذي قامت عليه السموات والأرض خطيئة، أعني الحب، بهذه الطريقة تماماً أعتبر نظرتي إليه وفي الجامعات العالمية العريقة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية اليوم نجد سؤال الأخلاق يأخذ حيزاً كبيراً من البحث الفلسفي والنفسي ولو التفتوا لفكرة الحب التفاتة حقيقة لاستطاعوا الإجابة عن كثير من إشكالاتهم وتساؤلاتهم، على شرط أن يكون الحب حقيقياً يعني أن يكون في موضعه الصحيح ولأسبابه الصحيحة. أما عن الطهارة فهي لا تعارض اللذة بوجه من الوجوه بل اللذة من كمال الطهارة لكن لقومٍ يتلذذون.

Back to top button