النسخة اليونانية من فضيحة «ووترغيت»
بقلم: ذا أوبزيرفر

النشرة الدولية –

في بداية شهر أغسطس الماضي، انتشر خبر عن فضيحة مدوّية: بدأت عاصفة سياسية قوية تجتاح اليونان بسبب التنصت على اتصالات عضو البرلمان الأوروبي، نيكوس أندرولاكيس، حيث كان هذا السياسي اليوناني يخضع للمراقبة خلال فترة ترشّحه لرئاسة «باسوك كينال»، ثالث أكبر حزب في اليونان، وصولاً إلى يوم انتخابه.

تزامن هذا الخبر المزعج مع انتشار أنباء عن قضية تنصّت أخرى ضد الصحافي ثاناسيس كوكاكيس، وقد انتشرت تفاصيل هذه القضية في العلن للمرة الأولى في أغسطس 2022، ومنذ ذلك الحين، زادت الأدلة على حصول هذا النوع من المراقبة، بما في ذلك التنصت على هاتف كريستوس سبيرتزيس، مسؤول رفيع المستوى في حزب «سيريزا» المعارِض، إنه خبر مقلق لأنه يضع أبرز حزب في المعارضة وجميع الشخصيات الرائدة فيه تحت المراقبة.

لكن لم تكن هذه التطورات كافية لكسر صمت وسائل الإعلام اليونانية، رغم الشكاوى المتكررة من الصحافي الذي تعرّض للتنصت، أو المعلومات التي كشفها جزء من الصحافة اليونانية، أو إصرار البعض على متابعة التطرق إلى هذا الموضوع.

بدأت مؤشرات التدهور الديموقراطي تتّضح منذ فترة، وحاول النظام الذي يتجه إلى الانهيار اليوم أن يستخف بأهمية الجلسة التي تعقدها اللجنة البرلمانية للتحقيق في استخدام برنامج «بيغاسوس» وما يعادله من برامج التجسس للمراقبة، مع أن اللجنة قررت تأجيل نقاش كان مقرراً حول بولندا بسبب هذه الجلسة بالذات.

تكلم الصحافيون الذين تعرّضوا للتنصت عن تجاربهم خلال الجلسة، لكن كان غياب الأجوبة من جانب المسؤول الذي يمثّل الحكومة اليونانية موقفاً محرجاً وصدامياً وفارغاً من الناحية المؤسسية. لقد وصلت اليونان إلى هذه الحالة بسبب حكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس اليمينية البديلة، فبدأت بنود مثل بولندا تنافس المسائل الأخرى على أجندة اللجان التي تجري تحقيقات حول الشوائب الديموقراطية، كذلك أصبح تدهور الوضع قريباً، نظراً إلى القصص التي تنشرها الصحافة الدولية في صفحاتها الأولى حول «الانحدار نحو الاستبداد» والتصدعات الدائمة والمتفاقمة داخل الحزب الحاكم.

بدأ عدد من النواب يتخلى عن خط الحزب بحذر، بما في ذلك رئيس وزراء سابق، لقد انطلقت المسيرة التي تنذر بإخراج ميتسوتاكيس من الساحة السياسية، وتتّضح هذه النزعة في محاولاته ابتزاز حزبه، وتحويل أعضاء حكومته إلى متواطئين، وإضعاف أي تحقيق برلماني حول الفضائح الأخيرة.

أدى اختلال توازن الحكومة إلى إصدار تصريحات عامة غير مسبوقة، على غرار الموقف الذي أطلقته شقيقة رئيس الوزراء، دورا باكويانيس، وهي نائبة ووزيرة خارجية سابقة، فقد حذرت هذه الأخيرة من إصدار أحكام صارمة لسجن من يفبرك الأكاذيب حول قضايا التنصت، وحتى الحلفاء التقليديون في بروكسل بدؤوا يسحبون دعمهم لميتسوتاكيس على ما يبدو.

في غضون ذلك، كسر نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، صمته الذي دام أياما عدة، فأدلى بتصريحات مدروسة وحذرة حيث أبقى نفسه على مسافة مما يحصل، وأعلن مواقف غير مألوفة من ميتسوتاكيس، حتى أنه أطلق تحذيراً لافتاً في السطور الأخيرة من مقالة كتبها في الصحيفة المحافِظة «كاثيميريني». من الواضح أن ميتسوتاكيس أصبح في أيامه الأخيرة، فهو يواجه موجة متوسّعة من الاستياء الشعبي بسبب ارتفاع الأسعار وأزمة الطاقة المرتقبة، كذلك، تزداد المخاوف ومشاعر انعدام الأمان وسط المواطنين اليونانيين لأنهم ما عادوا يثقون بأن اتصالاتهم تحافظ على طابع الخصوصية، وفي الوقت نفسه اتّضح أول المؤشرات على اندلاع حرب وحشية بين مجموعات المصالح، وحرب أهلية بين المسؤولين الحزبيين والورثة المحتملين لمنصب ميتسوتاكيس.

أفضل ما يستطيع رئيس الوزراء فعله إذاً هو اللجوء إلى صناديق الاقتراع في أسرع وقت للتعويض عن الإخفاقات الأخيرة، إنها خطوة ضرورية لحماية الديموقراطية في اليونان وأوروبا في آن.

زر الذهاب إلى الأعلى