بعد تهديد بوتين بـ «النووي»… الغرب يأخذها على محمل الجد وفرار جماعي للروس إلى تركيا وأرمينيا وأذربيجان

النشرة الدولية –

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية للجيش، وتعهد باستخدام كل وسائل الدفاع لحماية روسيا من محاولات الغرب لتدميرها.

بعد الهزائم الأخيرة التي تكبدتها قواته في شرق أوكرانيا، خصوصاً في منطقة خاركيف «شمال شرق»، على يد الجيش الأوكراني المدعوم من الغرب، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، بأول تعبئة للجيش منذ الحرب العالمية الثانية، وساند خطة قد تفضي لضم مساحات شاسعة من أوكرانيا، وأنذر الغرب بأنه لم يكن يخادع عندما قال إنه مستعد للجوء لأسلحة نووية للدفاع عن روسيا.

وفي خطاب وجهه إلى الأمة، قال بوتين إنه وقع أمراً ببدء التعبئة، وان القوات المسلحة سوف تستدعي جنود الاحتياط فقط، وتزودهم بالتدريب الإضافي، إضافة إلى جميع المميزات التي يتمتع بها من يخدمون في الجيش، معتبراً أن كييف ابتعدت عن مباحثات السلام، وتتعامل وفقا لأوامر حلفائها، وبدلاً من التفاوض عززت جيشها بجنود قام حلف شمال الأطلسي (الناتو) بتدريبهم، والكثير منهم من النازيين الجدد المتطرفين.

وشدد بوتين على أنه «إذا تعرضت وحدة أراضينا للتهديد فسنستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبنا، هذا ليس خداعاً»، وأنذر أولئك الذين يحاولون ابتزاز روسيا بالأسلحة النووية من أن «الرياح قد تهب باتجاههم»، لافتاً إلى أن روسيا تملك أسلحة دمار أكثر تطوراً مما لدى دول الناتو.

وأعلن بوتين دعمه الصريح لاستفتاءات تجرى في الأيام المقبلة في مساحات شاسعة من أوكرانيا تسيطر عليها القوات الروسية فيما ستعد الخطوة الأولى لضم تلك المناطق رسمياً لبلاده.

وطلب مسؤولون في جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك، المعلنتين من جانب واحد، واللتين اعترف بهما بوتين قبل الغزو مباشرة، ومسؤولون عينتهم روسيا في منطقتي خيرسون وزابوريجيا إجراء تصويت على الانضمام لروسيا. وقال بوتين: «

لا يسعنا سوى أن نستجيب لرغبتهم المخلصة في تقرير مصيرهم بأنفسهم». ويمهد ذلك الطريق لضم رسمي محتمل لمناطق تشكل نحو 15% من الأراضي الأوكرانية.

وقال الغرب وكذلك أوكرانيا إن خطة الاستفتاءات غير قانونية مع التعهد بعدم الاعتراف بالنتائج.

ونص المرسوم الصادر عن وزارة الدفاع على سريان قرار التعبئة فوراً، كما ألزم كبار المسؤولين في كيانات روسيا الاتحادية بضمان تجنيد المواطنين للخدمة العسكرية من أجل التعبئة بالعدد المطلوب والآجال التي تحددها وزارة الدفاع لكل كيان من الكيانات المكونة لروسيا الاتحادية. ومنح المرسوم العاملين في المجمعات الصناعية العسكرية الحق في تأجيل التجنيد للتعبئة على أن تحدد الحكومة لاحقا فئات مواطني روسيا الاتحادية الذين يُمنحون حق التأجيل وإجراءات منحه.

وفي تصريحات منفصلة، قال وزير الدفاع سيرغي شويغو، إن روسيا تمتلك موارد بشرية ضخمة ومرسوم التعبئة الجزئية سيشهد استدعاء 300 ألف من قوة الاحتياط البالغ قوامها نحو 25 مليون شخص، بهدف إعادة السيطرة على الأراضي المحررة في أوكرانيا، مبيناً أنه لن يتم استدعاء الطلاب ومن خدموا كمجندين.

وأوضح شويغو أن «خط التماس، أو ما يمكن تسميته بخط الجبهة، يزيد على 1000 كيلومتر، ويجب تأمينه من الخلف والتحكم في هذه المناطق والتعبئة الجزئية تتم على هذا الأساس»، مؤكدا أن روسيا لم تعد تحارب أوكرانيا، وإنما الغرب ككل، وأشار إلى وجود 70 قمراً اصطناعياً عسكرياً و200 قمر لأغراض مدنية تابعة للغرب تدعم أوكرانيا، معلنا إعادة انتشار وتموضع ونقل المجموعات العسكرية الروسية في إيزيوم وبلاكليا إلى دونيتسك لتعزيز القوات في تلك المنطقة.

في المقابل، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من الفزع من تهديدات بوتين، لأن ذلك سيُشجعه على محاولة الاستيلاء على المزيد من الأراضي.

وقال زيلينسكي، لتلفزيون بيلد الألماني، «لا أعتقد بأن بوتين سيستخدم الأسلحة النووية. ولا أعتقد بأن العالم سيسمح له باستخدامها».

وعلق مستشار الرئاسة الأوكرانية للشؤون الخارجية ميخائيلو بودولياك: «لا يزال كل شيء يسير وفقاً للخطة، أليس كذلك؟».وفسر زميله أوليكسي أريستوفيتش تحرك الكرملين بأنه يعني أن هناك خسائر كبيرة أجبرت روسيا على اتخاذ هذا الإجراء، وكتب: «هناك أكثر من 100 ألف قتيل وجريح».

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إن الولايات المتحدة «تأخذ على محمل الجد» تهديد بوتين باستخدام الأسلحة النووية، معلناً أن عليه أن يتوقع «عواقب وخيمة» إذا لجأ إلى ذلك.

وقال كيربي: «هذا خطاب غير مسؤول من قوة نووية. نحن نراقب وضعهم الاستراتيجي بأفضل ما نستطيع حتى نتمكن من تغيير موقفنا إذا لزم الأمر. لا شيء يقول حالياً أن هذا الأمر ضروري».

أما الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ فقد وصف خطاب بوتين بأنه تصعيد الصراع وبأن تهديده باللجوء لأسلحة نووية هي تصريحات «خطيرة ومتهورة».

وقال إن بوتين أساء الحسابات وارتكب خطأ جسيماً، مؤكداً أن التعبئة تظهر أن الحرب لا تسير وفق خططه.

وإذ طمأن بأنه لا تغيراً حتى الآن في استعداد روسيا النووي، شدد على أن مثل هذه الحرب النووية يجب ألا تخاض أبداً، وذكر بأن القوات الروسية تفتقر للعتاد والقيادة المناسبة والسيطرة.

واعتبرت وزيرة الخارجية البريطانية جيليان كيجان خطاب بوتين تصعيدا مقلقا يجب أخذه على محمل الجد، بينما رأى وزير الدفاع بن والاس أن «نقض بوتين وعوده بعدم تعبئة شعبه وعدم ضم أجزاء من أوكرانيا اعتراف بأن غزوه يفشل»، محذرا من أنه «أرسل هو ووزير دفاعه عشرات الآلاف من مواطنيهما إلى الموت، بعتاد ضعيف وقيادة سيئة».

وفي ألمانيا، أوضحت الحكومة أن المستشار أولاف شولتس يعتقد أن التعبئة بمنزلة مؤشرات على أن هجوم موسكو على أوكرانيا لم يكلل بالنجاح.

وشدد الاتحاد الأوروبي على أن قرار بوتين ستكون له عواقب من جانبه، ويثبت أنه «في حالة يأس» ولا يسعى إلا إلى تصعيد الأزمة.

الا ان رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى «الرد بهدوء، لا داعي لإشعال النار. يجب ألا نقوم باستفزازات».

ليتوانيا وفنلندا

 

وأعلن وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس أن ليتوانيا قررت رفع مستوى استعدادات قواتها ردا على إعلان روسيا.

بدورها، أعلنت فنلندا أنها تراقب الوضع عن كثب.

الصين

 

وعلقت الصين على القرار الروسي بالدعوة إلى «وقف لإطلاق النار عبر الحوار والتشاور وإيجاد حل يراعي المخاوف الأمنية المشروعة لكل الأطراف في أسرع وقت ممكن».

الآلاف يفرون من التعبئة والمعارضة تحتج على «المفرمة»

 

في إطار محاولة سريعة للهروب من قرار التعبئة الجزئية للقوات المسلحة الروسية، تدافع الروس المشمولون بالاستدعاء إلى السفر للخارج، مما أدى لنفاد تذاكر الطيران ذهاباً إلى تركيا بعد ساعات من خطاب بوتين، كما ازدادات حركة شراء التذاكر إلى أرمينيا وأذربيجان وغيرهما.

في المقابل، دعت الجماعات الروسية المناهضة للحرب إلى احتجاجات في الشوارع على أمر التعبئة. وقال تحالف فيسنا المناهض للحرب «هذا يعني الإلقاء بآلاف الرجال الروس- آبائنا وإخوتنا وأزواجنا – في مفرمة الحرب. الآن، حلت الحرب في كل بيت وكل أسرة».

وفيما دعا التحالف الروس إلى النزول إلى الشوارع في المدن الكبرى، وصف خصم بوتين المسجون حالياً أليكسي نافالني في رسالة مصورة من السجن سجلها ونشرها محاموه، حرب أوكرانيا بأنها إجرامية وفاشلة.

Back to top button