صندوق النقد مستطلعاً الإصلاحات في لبنان: وفي أجندته شطب الودائع وتغييب المحاسبة
النشرة الدولية –
هنا لبنان – ريمان ضو –
عاد وفد صندوق النقد الدولي إلى بيروت، في زيارة هي الثانية لمتابعة تقدم العمل بالإتفاق الأولي الذي وُقّع مع الحكومة، وما تمكنت من تنفيذه على صعيد الإصلاحات المالية والإقتصادية المطلوبة، لاستكمال الإجراءات وتوقيع الإتفاق النهائي.
عملياً، وكما هو معلوم، فإن البرلمان اللبناني لم يستطع حتى الساعة إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة خصوصاً قانون إعادة الإنتظام المالي وهيكلة المصارف والكابيتال كونترول.
وحده إقرار الحكومة مشروع قانون الموازنة لعامي 2023 و 2024، نقطة قوة يستطيع الجانب اللبناني التسلح بها لإيهام وفد صندوق النقد أن الإتفاق على السكة الصحيحة.
هذا وتشير مصادر متقاطعة ممن التقوا بعثة صندوق النقد لموقع “هنا لبنان” أن “الزيارة تقييمية لما وصل إليه المسار المطلوب والذي ينص عليه الاتفاق الأولي بين الصندوق والدولة اللبنانية”، وتقر المصادر بأن الصندوق يدرك أنّه يتعامل مع حالة فريدة من نوعها، لناحية قيمة ديون الدولة، أو لناحية التقاعس في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، وقدرة التماشي مع الشروط التي يطلبها من خلال التشريعات التي ينبغي إقرارها.
من هنا تضيف المصادر، أن “زيارة صندوق النقد لن تحدث أي اختراق فعلي، وقد تنتهي كما الزيارة السابقة بتحذير أطلقه رئيس الوفد ارنستو راميريز زيغو بأن التقاعس في تطبيق الإصلاحات من شأنه أن يدخل البلاد في أزمة لا نهاية لها.
ومن ناحية أخرى، فالأخطر في ما يحمله صندوق النقد ما ينصّ على شطب الودائع وعدم التوزيع العادل للخسائر وتحديد المسؤوليات، وهو ما ظهر جلياً من خلال كلام رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بعد لقائهما وفد صندوق النقد الدولي بأنّ “مقاربة صندوق النقد تقضي بوضع خطّ بين الماضي واليوم”.
الخبير السابق في صندوق النقد الدولي رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية منير راشد أشار في حديث لـ “هنا لبنان” إلى أن “الصندوق يطالب بشطب الودائع لتغطية الخسارة المالية لمصرف لبنان والتي تقدر بأكثر من 73 مليار دولار، وهي ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، مشيراً إلى أن شطب ودائع المصارف في مصرف لبنان سيقابله شطب التزامات المصارف التي هي أموال المودعين”.
وانطلاقاً من خبرته الطويلة في العمل في صندوق النقد الدولي يؤكد راشد الذي التقى منذ شهر بوفد الصندوق الموجود في لبنان، بأن “الصندوق مصرّ على ذلك وهو أكد ذلك في الاجتماع الأخير الذي حصل في حزيران لمجلس المديرين التنفيذيين للصندوق حيث جرى التأكيد أنّ الحل هو بشطب الودائع وشطب دين اليوروبوند.
وينطلق الصندوق بمطلبه هذا من ضرورة تخفيض الدين من 500 % للناتج إلى 100%، إذ أنّ الصندوق لا يستطيع إقراض دولة تملك ديناً بهذه القيمة، لأنّها تشكل خطراً على أموال الدول الأعضاء المساهمة”.
ويوضح أنّ “الدولة استعملت أموال المودعين وهي غير مستعدة لتحمل الخسائر، لكنه يستدرك بصعوبة ذلك، لأنه حتى لو جرى إقرار ذلك في المجلس النيابي فإن المجلس الدستوري سيرفض ذلك استناداً إلى المادة 15 التي من شأنها المحافظة على أموال المودعين وممتلكاتهم.
وفي هذا الإطار، يلفت راشد إلى أنّ الاصلاحات المطلوبة ومنها إعادة التوازن للنظام المالي، من شأنها المساهمة بشطب الودائع، مع العلم أنّ إعادة الانتظام المالي يفترض أن تكون من خلال خطة التعافي إلا أنّ الحكومة عمدت إلى التحايل، وبعد رفض خطة التعافي، بمحاولة تمريره ضمن اقتراح قانون قدمه بعض النواب القريبين من الحكومة ورئيسها”.
ومن جهته، يؤكد عضو كتلة الجمهورية القوية النائب رازي الحاج، الذي التقى البعثة الدولية ضمن اللقاءات الدورية للجنة النيابية المختصة التشاور مع صندوق النقد الدولي، لـ “هنا لبنان” أنّ “المطلوب أن يكون هدف التشريعات إطلاق خطة نمو وتعافي اقتصادي لا تكون على حساب الناس وحقوقهم وأموالهم، وإعادة الثقة إلى القطاع المصرفي، مشيراً إلى ضرورة توزيع المسؤوليات وتحديدها بين الدولة والمصارف”.
ويوضح الحاج “أن دور صندوق النقد ليس المحاسبة فهو ليس سلطة قضائية مخولة القيام بذلك، بل مؤسسة دولية تساعد الدولة على الخروج من أزماتها تقنياً ومالياً، من هنا الموقف الرافض لأن يتم محو كل ما حصل بشطبة قلم، فصندوق النقد يدرك حقيقة الواقع المالي فالدولة استعملت 50 مليار، والسياسة النقدية كلفت مليارات الدولارات، إضافة إلى القروض التي تم تسديدها على سعر صرف 1500 ليرة للدولار”.
قد تكون بعثة الصندوق مدركة لصعوبة مهمتها وأنها ستعود خالية الوفاض كما أتت، وأنّ كل ما يحصل هو عملية شراء للوقت ليس أكثر..