«قيم المجتمع».. وتساؤلات الدبلوماسي السابق
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
يتساءل صديق، ودبلوماسي سابق، عن سبب تهرب البعض من فحص البصمة الوراثية، أو الـ D.N.A وكأنهم يخافون من انكشاف أمر لا يودون أن يعرفه أحد؟
هو يرى هذه المعرفة أمرا عاديا وربما مسليا ومفيدا، فما الضرر من تعرف الإنسان على أصوله وجذوره، ومعرفة الشعوب والأنساب وحتى الشخصيات التاريخية التي ينتمي لها، والتعرف على رابطة الدم التي تربطه بهم، ولما قبل ثلاثين جدّا أو أكثر!
ويستطرد الصديق في شرح كيف قام بالفعل، عن طريق موقع شركة معتمدة في أميركا، بإجراء اختبار D.N.A على نفسه من خلال دفع مبلغ 300 دولار، ليرسلوا له زجاجة اختبار صغيرة مع قطعة قطن تغمس باللعاب وتعاد للشركة بداخل الزجاجة، وبعد شهر تقريبا تصله النتيجة، ويتم كل ذلك في سرية تامة!
يقول انه سعد بوصول النتائج، وما ان فتح الموقع حتى ذهل من اتساع جغرافية الدول التي يشملها نسله، وارتباطه بأسماء لا تُحصى في الكويت والجزيرة، ولتتباعد الأسماء لتصل القرابة إلى الجد العشرين وما فوق!
وتبين له من الاختبار أصله، وهذا الأمر ينطبق على كل من يجري هذا الاختبار، حيث سيتعرف على قدامى أجداده، وأين وصلوا في ترحالهم، وبمن اختلطت أنسابهم ودماؤهم!
وخلص إلى القول إن علم «الد إن أي»، علم حديث ساعد في فك كثير من الألغاز وأزاح بكل تأكيد الادعاءات الكاذبة التي يطلقها البعض عن انتماءاتهم، حيث يظهر اختبار اللعاب كل البيانات بصدق ووضوح عاليين!
***
صدر عن مجلس الأمة في 2015 قانون «البصمة الوراثية»، الذي يمكن عن طريقه معرفة خريطة الجينات البيولوجية الموروثة، التي تدل على شخصية فرد ما واختلافه عن غيره، والتي تتمثل في الحمض النووي الكوروموسومي. ولكن جهات ما ارتأت عدم تطبيقه، وبالتالي تقرر قصر استخدامه على الأمور الجنائية وما يماثلها. ورأى الكثيرون أن هناك مبررات «أخلاقية» تستدعي وقف التوسع في اختبارات الحمض النووي، للمواطن، والتي قد تؤدي لكشف أمور أسرية، أو علاقات لا يود البعض لها أن تنكشف في مجتمع صغير يتسم بدرجة حساسية عالية، خاصة فيما يتعلق بالنسب والعرق والأصل، وتنتشر فيه تسميات «أصيل» و«بيسري» وغيرها، والتي بدأت بالاضمحلال مع الوقت!
والخلاصة أن المجتمع، عدا بعض الأفراد الذين لا تعنيهم مثل هذه الأمور، وغالبا لثقتهم بنسبهم، لا يزال على غير استعداد لكشف الأنساب، سواء كانت أسرية أو قبلية، أو حتى أصول جغرافية، ولكل طرف أسبابه، وهذا ما لا نجده بذلك الاتساع، وتلك القوة، بين غالبية الشعوب الغربية التي تهتم بالإنسان كفرد منتج! فما فائدة انتماء فرد لأعلى الانساب ويكون في الوقت نفسه أكثر إجراما من غيره، أو بلا فائدة للمجتمع، مقارنة بطبيب ماهر أو عالم كبير لا يعرف والده، مثلا، وساهم في اكتشاف لقاح أنقذ فيه مئات الآلاف من موت محقق؟ لا شك أن قيم الغرب ونظرتهم للأمور ولقضايا الأصول والفروع تختلف تماما عن نظرتنا! فبوجود دولة قوية وعادلة تصبح الحمية القبلية أو الاحتماء بالقبيلة أو الطائفية غير ذات أهمية. ولكن هل يعرف أصحاب أهل الكهف، أو«ورقة القيم»، مثل هذه الأمور؟