فاجعة طرابلس تعكس الحقيقة: هكذا ترانا الدّولة
النشرة الدولية –
لبنان الكبير – إلاعلامية اسراء ديب –
تغلب على ملف غرق زورق المنية قبالة السواحل السورية أجواء من الحزن والغموض الكبيرين، فهذا الزورق الذي حمل معاناة شماليين، سوريين وفلسطينيين لم يتمكّن من الوصول إلى أهدافه، بل أعيد ركابه إلى نقطة الصفر التي لم يتمكّن أيّ منهم من الهروب منها، فمن فرَّ من بطش النظام السوري داخل لبنان وسوريا، فوجئ بزيارة قيل انّها ستحمل رمزية وطنية سورية زائفة، وتتمثل في زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الناجين في “مستشفى الباسل” في طرطوس، وفق ما كانت أفادت قناة “سما” السورية، في وقتٍ يغيب فيه رئيس الجمهورية ميشال عون عن السمع ويتوارى عن الأنظار ليُصدر بيانات واهية لا تُقدّم ولا تُؤخّر في هذا الملف الذي لا يصبّ في مصلحة الوطن.
عموماً، إنّ المقارنة التي تُجرى بين عون والأسد لن تكون أبداً لمصلحة الأخير الذي تفنن نظامه في قتل شعبه وقتل الشماليين في سنوات الحرب القاسية، وبالتأكيد لن تصبّ في مصلحة الرئيس عون الذي سنبكي “دمّاً” عليه قبل رحيله بأيّام.
من يسمع الروايات التي انتشرت أخيراً سواءً من الناجين في سوريا، أو أهالي الركاب، يُدرك حجم المأساة التي وصل إليها الشماليون من إهمال الدّولة وكسرها لكلّ ما يُمكنه تطويرهم، من هنا يجزم مرجع سياسي شمالي بوجود رغبة في إحداث “تطهير” يستهدف أهالي طرابلس والشمال، من خلال خنقهم واستغلال ظروفهم وقتلهم في عرض البحر بحرفية وبالاتفاق مع تجار الموت الذين يُغريهم المال، في ظلّ حاجة المواطنين وتهافتهم على الخروج من البلاد.
ويقول المرجع لـ”لبنان الكبير”: “وردتنا معلومات ونسعى إلى التأكّد منها، أنّ القوارب وهي عبارة عن قوارب صيد تُصنع في احدى المناطق اللبنانية وتُرسل إلى الشمال، ولا ندرك حقيقة هذا الأمر المخيف، وفي جميع الحالات، عملية الهروب هذه لا تحصل إلّا في شمال لبنان، مع العلم أنّ الضربات الاقتصادية والأمنية لا تقتصر على هذه البقعة الجغرافية فحسب”.
ويُضيف: “نحن هنا لا نركّز على نظرية المؤامرة، بل على أزمة نجبر على مواجهتها، وينبغي على القيادات الشمالية السياسية منها والأمنية الاهتمام بهذه الفاجعة وأسبابها والسعي إلى حلّها من جذورها، بدءاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مروراً بوزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، وصولاً إلى الأجهزة الأمنية المغيّبة والتي لا تقوم بواجباتها، والبداية من ضرورة تشديد الرقابة على السواحل، مع إلقاء القبض على تجار الموت الذين يعرفهم القاصي والداني أمنياً، فضلاً عن ضرورة مراقبة بعض ضباط البحرية والبرية، فهي عصابة كاملة ومتكاملة هناك من يحميها براً وبحراً ويتلقى أموالاً طائلة بالدولار الفريش، وهو ما تُشير إليه معلوماتنا بوجود ضباط وعناصر أقلّ رتبة يتقاضون مبالغ طائلة للسكوت عن مرور هذه الزوارق”.
غياب تام
ولا تزال طرابلس تغلي مع الاستمرار في حرق جبل النفايات فيها بلا توقف بدخان أبيض صباحاً، وسحب سود مساءً مع احتمال حصول انفجار حذر منه معنيون، وكان آخرهم النائب إيلي خوري الذي كتب على حسابه عبر “تويتر”: “على إثر اشتعال مكبّ النفايات مجدّداً في طرابلس، وبعد متابعتي المفصلة، تواصلاً مع رئيس اتحاد بلديات الفيحاء حسن غمراوي، ومعنيين مطلعين، والتي أفضت الى تحذير جدي من احتمال حصول انفجار كبير محدق قد لا تحمد عقباه…”، مع العلم أنّ غمراوي نفسه كان قد أشار في مقالٍ صحافي سابق إلى عدم وجود خطر مع سحب الغاز باستمرار.
وفي ظلّ حديث إعلامي مستمرّ وممنهج عن وجود تخبط أمني كانت تُهدّد به طرابلس، فضلاً عن حرمانها “المقصود” منذ أشهر من الكهرباء وقطع المياه عنها، عاد التيار الكهربائي بصورة مفاجئة أمس، الأمر الذي أدّى إلى احتفال مواطنين بعودته إلى إحدى مناطق طرابلس بعد شهر من الانقطاع بحيث استقبله الأهالي بأجواء من الفرح “مستقدمين الطبل والمفرقعات وسط هتافات عمّت الشوارع”، والذي ربطته بعض المرجعيات الطرابلسية بـ “حبكة” يبتكرها الرسميون لتخطي مرحلة الغضب التي وصل إليها الطرابلسيون، “فإذا فكّر المواطن بقضية ما، تُعدّ الدّولة سيناريو آخر لإلهاء الناس عن الملف السابق، وهو خطأ لا ترتكبه الدّولة فحسب، بل المواطن الذي ينسى سريعاً ويتجاوز فعلياً كلّ ما سبق، فهكذا اعتاد وهكذا سيبقى يرضى بالقليل القليل”.
وسط كلّ هذه الأزمات، يغيب المعنيون عن السمع بصورة غريبة، وأبرزهم الرئيس ميقاتي الذي اختتم مشاركته في أعمال الدورة الـ 77 للأمم المتحدة في نيويورك، حيث عقد لقاءات دولية مختلفة، بعيدة كلّ البعد عن هموم مدينته وأهلها الذين يغرقون في بلاد يحكمها بسياسة حكومية يسعى إلى تجديد فشلها مرّة أخرى، خصوصاً في ظلّ غياب الرؤية والمشروع الاقتصادي الذي يمنع الهجرة التي تُهدّد أوروبا مباشرة وتُشكّل ضغطاً فاعلاً عليها، في حين ينتقد طرابلسيون غياب ميقاتي وبعض نواب طرابلس عن هموم مدينتهم.