أقلام مضيئة للبيع
بقلم: أمل محي الدين الكردي


عندما بدأت الكتابة كان عمري احدى عشر عاماً وكانت عائلتي معجبة بي ومستغربة من طريقتي بالكتابة لصغر عمري ، ولكني أعترف بأني كنت قارئة جيدة وكانت معلماتي يتعجبن مني ،ولا انكر بأني كنت محط اعجابهن وكنت أتالق بهذا بالاعجاب الذي زرع بنفسي الدافع الاقوى لكي اطور ذاتي .

واليوم وانا أشعر بالأسى الكبير واجتاحني تردد من كتابة هذا المقال لأنني أؤمن بما اكتب وأؤمن بشرف القلم والكتابة لأنها مهنة إنسانية قادرة على تحويل مسارات متعددة من عدة جوانب مختلفة بإبراز الحقيقة و توضيح امور متعددة ونشر جوانب مشرقة صادقة وموضوعية واخلاقية .

يقول إبن خلدون في وصف قيمة الكتابة بأنها صناعة شريفة إذ الكتابة من خواص الانسان التي تميز بها عن الحيوان فالكتابة شرف ثمنه غالي لإنها اداة التعبير والتغيير.

عندما يمتلك الانسان المهارة والقدرة التي لا يمتلكها غيره لانها نابعة من عصارة افكاره وتجاربه ومن يمتلك هذه القدرة فهو يمتلك قلماً يحمل فكراً حراً يبحث عن الحرية والعدالة والتواصل الاجتماعي وهو بحد ذاته فن يصنع منه كل العلوم الانسانية وليست كلمات ترص فقط للملىء ورقة وزخرفة.

يقول جارسيا ماركيز :اكتب ليحبني أصدقائي .ويقول لورنس داريل :اكتب لكي احقق ذاتي ومهما اختلفت دواعي الكتابة لدينا تظل في النهاية أداة نَصب من خلالها ثقافاتنا ومعلوماتنا وأحاسيسنا ومشاعرنا الموجودة في ذواتنا فكل قلم مرآه لصاحبه وليس شرطاً ان تروق لنا كتابة الاخرين او يروق للاخرين كتاباتنا .

ولكن اليوم نضع علامات الاستفهام الكثيرة والكبيرة مما نراه من استغلال للمننابر الاعلامية المختلفة والثقافية من بعض الاقلام المباعة من كتاب ذوي حاجة الى المال لأشخاص اصحاب مال لأبراز الاضواء والشهرة والترويج لأهدافهم التي لا نعلم عن البعض أهدافهم واجنداتهم . وللاسف اليوم اصبحت الكتابة مهنة مبتذلة رخيصة تضيع معها الحقائق والانسانية التي يصاحبها عالماً للعلاقات المدفوعة والمصالح والاهداف المشتركة .

نحن اليوم أمام مجتمع مثقف واعي ووسائل التكنولوجيا التي تساعده للعالم ضوئي واضح ،الكاتب اليوم الذي نقرأ له ونضعه نبراس نقتدى به ونستفيد من علمه وقدراته فكيف سنثق به كمجتمع بجميع اعماره عندما ينكشف زيفه وشرائه او العكس بقلم يغير مجرى امور او توضيح وتكون هذه الكتابة والثقافة ضمن اطار رخيص يشترى ويباع .

تلك الكلمات والاقلام التي تكتب من أجل المال لأشخاص وتنشر ما وراءها الا اهانة النفوس ولن نستغرب ان ياتي يوماً وتتكاثر هذه الفئة من الاقلام المعروضة للبيع والشراء من أجل الشهرة او من اجل إعتلاءالمنابر او الصحف التي للاسف البعض منها لا يحسن الاختيار بالاشخاص ، أتمنى ان لا تكون كلماتي قد لا مست قلوب البعض المريضة ولكنني اكتب وانا على دراية بأنني اكتب شهادة حق لعل اصحاب الضمائر من محرري صحف والمنابر الاعلامية والثقافية تصحو لهؤلاء ونخرج الى الاجيال القادمة اقلام حرة لا تشترى ولا تباع . ومع احترامي لاصحاب الاقلام والمنابر الاعلامية والصحف الحرة التي لا زالت محافظة على هذه المهنة الشريفة .

 

زر الذهاب إلى الأعلى