طبيب لبناني “طرابلسي” يتفوّق طبياً بجائزة عالمية

النشرة الدولية –

لبنان الكبير – إسراء ديب –

لم تتوقّع عائلة الطبيب عدنان البكري ابن مدينة طرابلس أن يحقق ابنها الشاب هذا النجاح الساحق في فرنسا، بعد فوزه بالجائزة الأولى في مسابقة أجرتها Bonjour Idée في باريس للابتكارات الجديدة، وذلك بعد جهد كبير بذله في سبيل تطوير فكرة تدعم الخدمات الصحية عالمياً، في وقتٍ احتلّ مشروعه الذي لاقى اهتماماً واسعاً وجاذباً المرتبة الأولى بين 1600 مشروع آخر قدّمته شركات عالمية كـ “غوغل” مثلاً وغيرها من المؤسسات التي تمكّن ابن منطقة أبي سمراء من إثبات نفسه أمامها في احتفالٍ أقيم في باريس مع نيله جائزة هزت الصفحات والمواقع الاخبارية الطرابلسية التي تهافتت على نقل الخبر.

عدنان البكري ابن ثانوية “المربي سابا زريق” الذي توجه إلى فرنسا بعد تخرجه منها في العام 2004، قدّم مشروعه المرتبط بتطوير الطبّ الالكتروني أمام شركات أفريقية وأوروبية، ويكمن في استخدام التكنولوجيا الحديثة لكشف المرضى ومعالجتهم. ابن الأعوام الـ 35 بات رائد أعمال ناجحاً، طبيباً، جراحاً سابقاً وباحثاً في الذكاء الاصطناعي، تخرّج من كليات الطب في مرسيليا وريمس، وأصبح مؤسساً ورئيساً تنفيذياً لمجموعة ReLyfe، المدعومة رسمياً من “وزارة الابتكار والبحث في فرنسا، ومدعومة مالياً من بنك الاستثمار العام الفرنسي”.

البكري: بدأت من الصفر

لا يُخفي البكري صعوبة الفكرة التي بدأ بالتخطيط لها منذ العام 2015، كما لم يتوقّع حصوله على هذه الجائزة التي نافس للحصول عليها أبرز الشركات العالمية. وإذْ يُشدّد على أهمّية المسابقة، يُشير إلى ضرورة التفكير في المرحلة المقبلة المرتبطة بالتنفيذ وتطوير المشروع، “فلا يهمّني التكريم، بقدر أهمّية العمل على المشروع ونشره دولياً، وبعد كلّ الصعوبات شعرت بالارتياح حين رأيت دمعة والدي ووالدتي والفخر الذي شعرا به”، وفق ما يقول لـ “لبنان الكبير”.

ويوضح أن “الفكرة التي بدأت العمل عليها منذ العام 2016، كانت صعبة لكنّها مهمّة للغاية وحصلت على دعم فرنسيّ دفعني إلى التفاؤل، فبعد دراستي للطبّ والجراحة أوقفت معاشي وعملي في المستشفى لأركّز على مشروعي الذي واجهت معه الكثير من الصعوبات، وحين بدأت به وضعت خطة أمامي واحتجت الى شخصيات تعمل معي لمشروع رأى بعض المستثمرين أنه قد يُشكّل خطراً أو عدم ضمانة، كما احتجت الى رأس مال بلغ 10 ملايين دولار، ومن هنا بدأت رحلة الأبحاث المكلفة التي أدّت إلى افتتاحي شركتي في العام 2017”.

ويُضيف: “ركّزت الأبحاث على التنبؤ بمرض السرطان، فمن قبل حين كان يتمّ استئصال ورم في الكلية يزال الورم مع الكلية وننتظر 5 أعوام لرصد ما إذا كانت قد عادت الأعراض أو المرض إليه، لكنّه قد يحتاج الى ما بين 10 إلى 15 عاماً ليظهر المرض مرّة جديدة، ما يعني أنّ السنوات الخمس لم تكن كافية ودقيقة، الا أن التنبؤ يكشف المرض في العضو نفسه لمدّة تصل إلى 15 عاماً، ما دفعني إلى الاهتمام بالذكاء الاصطناعي المرتبط أساساً بالتقنيات ووسائل التواصل التي تختلف بدورها عن الذكاء المرتبط بالطبّ، إذْ نحتاج إلى طريقة جديدة بتقنية حديثة لجمع الإحصاءات، فكلّما ازدادت المعلومات تحسّن الطبّ أكثر، فهناك معلومات عدّة موجودة من المستشفيات وهي مرتبطة بمرض معيّن لكنّها قد تذهب هدراً، وبالتالي إنّ الذكاء الاصطناعي يجمعها سريعاً لتطوير الطبّ والخدمات الطبية”.

ويُتابع قائلًا: “بدأنا بالتوقيع مع كلّ من سويسرا ودول أوروبية، كندا، وأفريقيا (الغابون) للبدء بتنفيذ المشروع مع خصوصية تتمتّع بها كلّ دولة، ففي أفريقيا مثلاً سنواجه صعوبات نظراً الى التركيز في معاملاتها على الورق حتّى اللحظة، ونسعى للوصول إلى الشرق الأوسط لا سيما لبنان مع وجود عقبات تقنية عموماً فيه، وسياسية خصوصاً، لكنّني سأركّز على مدينتي قبل أيّ مدينة أخرى لإصراري على عدم تركها مهملة من خلال خطتين: الأولى تكمن في تقديم خدمات صحية معيّنة مع استشارات بطريقة سهلة، وبدأنا بها عبر إطلاقنا قريباً مكتباً في أبي سمراء. وخطة ثانية عبر مجلس رجال الأعمال الفرنسي اللبناني مع أنطون منسى، بحيث نقوم بإعداد خطّة عمل لتأمين فرص عمل لطرابلسيين عبر الاجتماع مع رجال مال وأعمال طرابلسيين حققوا نجاحات خارج البلاد على قاعدة (علّمني كيف أصطاد)، ويُمكن لأيّ طرابلسي التقدّم عبر المكتب الجديد ليطرح أفكاره ونجري مقابلة معه على أساسها، وهي خطوات نسعى إليها في ظلّ عدم تعاون السياسيين الذين يُبدون اهتمامهم، بلا تحرّك فعليّ. وما ألاحظه أنّ طاقة الانهزام في قلوب الطرابلسيين كبيرة بوجود طموح كبير يستحقّ أن يُدعم تعزيزاً لمشاريع الاستقلال الاقتصادي، بدلاً من تقديم الخدمات الاجتماعية فقط لأنّها لا تحلّ الأزمات من جذورها”.

ويؤكد البكري “صرت غنياً بعد جهد وخطوات كثيرة تعبت فيها وقد بدأت من الصفر، لكن علينا كطرابلسيين التمسّك بطموحنا وعدم التركيز على الشائعات التي تضرب الأمن في المدينة، فلا يجب أن نعير الاهتمام للأقاويل التي تُفسد حياتنا وآمالنا”.

الحاجة إلى الاهتمام الرسمي

اما معن البكري والد عدنان فيعبّر عن فرحه بهذا الخبر الذي وجد أنّه كان يستحقّ اهتماماً رسمياً أكثر على غرار التكريم الذي نالته مثلاً فرقة “ميّاس” التي “نحترم ما قدّمته جداً، لكنّ الإنجاز الطبّي يُعدّ مهماً للغاية ولا بدّ من إعطائه أهمّية”. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “كنّا سنداً لابني وفتحنا له الأفق ليصل إلى طموحه الذي يعكس ما أريده، فقد حلمت طيلة عمري بهذا الاختصاص الذي عجزت عن الوصول إليه بسبب توقفي عن التعليم مع ظروف الحرب وما رافقها من تعب، لكنّ ابني هو مرآتي التي تعكس صورتي وطموحي”.

وعن طفولة نجله، يُؤكّد أنّه منذ صغره أعفي مرّات عدّة من الامتحانات بسبب تفوّقه، ومحبّته للتعليم الذي بدأه في مدرسة خاصّة لينتقل عند وصوله إلى صف السادس إلى مدرسة رسمية كان فيها من الأوائل، “فلم يترك طيلة سنوات دراسته الورقة والقلم وتلقّي المعلومات القيّمة، وأرسلته إلى فرنسا بعد البكالوريا ليُصبح جراحاً، في وقتٍ كنت قد عززت لديه مسبقاً اللغة الفرنسية، وعملت ليلاً ونهاراً لدعمه وأنا أفتخر بكلّ ما وصل إليه”.

Back to top button