هل ستنتخبونهم؟!

أحمد الصراف

النشرة الدولية

 

قامت القبس قبل أيام بنشر مقتطفات من كتاب «تجربتي» للسياسي الكويتي «أحمد عبدالمحسن المليفي»، العضو السابق في حركة الإخوان المسلمين، والنائب والوزير السابق، حيث ذكر أنه يبتغي من سرد قصته تقديم أنموذج للشباب الكويتي الراغب في صناعة القرار، وأن الأمر لا يحتاج على الدوام إلى واسطة أو دعم قبيلة أو عائلة أو نفوذ مالي وحزبي، فهو لم يكن يملك أياً من هذه الأشياء!

وطبعاً، هذا غير صحيح، في غالب الأحوال.

ويستطرد قائلاً إن علاقته بجماعة الإخوان تعود إلى ما قبل نصف قرن، وعندما كان طالباً، وتم استقطابه بالصلوات ودروس الدين في حلقات صغيرة، وحفظ القرآن والسيرة ودراسة مذكرات حسن البنا، كما كان يحرص على حضور درس الشيخ حسن أيوب في مسجد العثمان بمنطقة حولي، وقبل تخرجه اختلف مع الإخوان وترك العمل التنظيمي، وإن استمرت «العلاقات الشخصية معهم».

وفي كلية الحقوق، كانت أول صدمة شعر بها من الإخوان، يوم زيارة السادات لإسرائيل، حيث كان وقتها في مخيم كشفي نظمته الجماعة، وكان المحاضر «طارق السويدان»، حيث تناول زيارة السادات، وأنه يجب إفشالها، مبرراً ذلك بأن القضية الفلسطينية هي الورقة التي نستطيع بها كشف عمالته، وأن لفظ «ورقة» أصابه بدوار وانقلاب في المفاهيم وزعزع ثقته بالإخوان وبيّنت له كيف يفكرون.

ثم ينتقل المليفي لانتخابات عام 1985 وكيف اعترض وقتها على دعم «عبدالله النفيسي»، مرشح الإخوان، لعدم ارتياحه له ولممارسته، لأن النفيسي اعترف في إحدى مقابلاته بأن المشرف على رسالته للدكتوراه كان رجل مخابرات بريطانياً، ونصحه بموضوع الرسالة عن الشيعة في العراق.

ويلفت المليفي إلى تشكيل الإخوان لجنة لدعم النفيسي برئاسة عبدالمحسن العثمان (!!) وآخرين، ولم يرتح للوضع، وحدث ما حذر منه حينما ترك النفيسي الإخوان تالياً، كاشفاً بعض الأسرار والأسماء، وقائلاً إن الإخوان يحبون من يتلاعب معهم وعليهم.

ثم جاء الوقت الذي قرر فيه ترك الإخوان، بعد أن تبين له أن كل حديثهم عن الديموقراطية وحرية الرأي هو للاستهلاك المحلي فقط، لأنه عرف أنهم غير مقتنعين بما يقولون، وغير قادرين على تحمل الرأي الآخر في الجماعة نفسها، فكيف يتقبلون من يختلف معهم من خارجها؟

وتحت عنوان «الإرهاب من تحت عباءة الإخوان»، يقول المليفي إن تربية الجماعة للشباب لا تقوم على الجانبين الفكري والعقائدي فقط، بل كذلك على الجانب العسكري تحت مسمى الكشافة، فهناك المخيمات ذات الطابع العسكري، فيها الشدة والضبط والربط وخشونة الأعمال والمسير الليلي، ولا يتبقى سوى الانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي حمل السلاح وقتال الكفار، مشيراً إلى أنهم كانوا عند العودة منها على درجة عالية من الحماس وعلى استعداد لعمل أي شيء يطلب منهم، وأن الجماعات المتطرفة خرجت من تحت عباءة الإخوان، وأن ولاء الإخوان للحركة لا للوطن!

***

من جانب آخر، أدلى عضو الإخوان الآخر السيد إسماعيل خضر الشطي، الذي يعتبر من أبرع السياسيين الكويتيين، والذي تمكن عن طريق الإخوان المسلمين من أن يصبح نائباً عام 1992، وتالياً رئيساً للجنة المالية فيه، ثم وزيراً للمواصلات سنة 2006، ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، كما تقلد مختلف المناصب المهمة والخطيرة، ومنها رئاسته لفريق تقصي الحقائق في ما يتعلق بخسائر الهيئة العامة للاستثمار في مكتبي لندن وأسبانيا، وهو الفريق الذي خرجنا منه خاويّ الوفاض. كما عمل رئيساً لتحرير المجتمع، لسان حال الإخوان في الكويت، وعضواً في الجمعية الدولية للتعاقدات، ومسؤول الحوار الفكري والحضاري في المكتب السياسي للإخوان!

بحديث لقناة تلفزيونية، قال فيه:

«.. إن طبيعة التنظيم الإخواني أنهم يضعونك داخل الصندوق، لا تخرج منه؛ تفكر، تقرر، وتتحرك داخل الصندوق، والصندوق ضيق»…!

لذلك، عندما تخرج من الصندوق تجد العالم رحباً وكبيراً جداً، أكبر بكثير مما هو داخل الصندوق!!

فإذا كان هذا حال «عاقل الإخوان»، فما حال البقية؟

وإذا كان هذا رأي شخصيتين مهمتين في هذه الحركة ومواقف من يديرونها وحقيقة أفكارهم وأهدافهم، فهل ستنتخبون من يمثلها؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى