هل تتجه تونس نحو “شتاء ساخن”؟… تحذيرات من انفجار اجتماعي
النشرة الدولية –
تتصاعد التحذيرات في تونس من انفجار اجتماعي يوسع خارطة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة وذلك في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار المنتجات الغذائية في الأسواق.
وتتعمق هذه المخاوف مع “اقتراب” السلطات التونسية من إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يطالب هذا البلد بإجراء إصلاحات توصف محليا بـ”المؤلمة”.
احتجاجات متفرقة
شهد حي “دوار هيشر” الشعبي القريب من العاصمة تونس، الأحد الماضي، مظاهرات احتجاجا على ارتفاع أسعار عدة مواد غذائية واختفاء بعضها من المتاجر.
ويعد “دوار هيشر” أحد أكثر الأحياء الشعبية بالعاصمة التي تزداد فيها معدلات الفقر والبطالة.
وتعيش تونس على وقع اضطرابات واسعة في التزود بلائحة طويلة من المواد الاستهلاكية على غرار السكر والقهوة والزيت النباتي والحليب وغيرها.
وقبل أيام انتشرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تظهر تدافعا للفوز بأكياس سكر، رغم استيراد السلطات لكميات إضافية بآلاف الأطنان من هذه المادة قادمة من الجزائر والبرازيل.
وفي مرناق التابعة لمحافظة بن عروس جنوب العاصمة، احتج أيضا، مؤخرا، مجموعة من الشباب كردة فعل على انتحار بائع فواكه متجول تقول عائلته إنه تعرض لمضايقات من قبل الشرطة البلدية.
وقالت السلطات الأمنية إن شهادات ترجح أن الشاب انتحر بسبب مشاكل عائلية غير أنها فتحت مع ذلك تحقيقا لكشف حقيقة ما حدث.
وتأتي هذه التطورات الاجتماعية بالتوازي مع مواصلة الحكومة مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي لإمضاء اتفاق تمويل جديد يساعد البلاد على الحد من تداعيات أزمتها الاقتصادية.
اتفاق “قريب” مع النقد الدولي
ورجح محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، قبل أيام، أن تتوصل بلاده لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في غضون الأسابيع المقبلة.
وذكر العباسي في تصريحات لرويترز أن “قيمة القرض لا تزال قيد التفاوض وأعتقد أنه سيتراوح بين ملياري دولار وأربعة مليارات دولار، ونأمل أن نتوصل إلى اتفاق خبراء في الأسابيع المقبلة”.
وكانت حكومة نجلاء بودن قد وقعت اتفاقا مع اتحاد الشغل ذي التأثير القوي، في خطوة رجحت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني أن ستساهم في حصول تونس على تمويل من صندوق النقد الدولي بحلول ديسمبر المقبل.
ويطالب الصندوق تونس بإجراء “إصلاحات عميقة” من بينها خفض فاتورة رواتب موظفي القطاع العام وخفض تكلفة الدعم خاصة في الجوانب المتعلقة بالطاقة.
غير أن هذه الإصلاحات لا تحظى بموافقة النقابات والهيئات الممثلة للعمال التي تخشى من تداعياتها على المقدرة الشرائية للمواطنين.
وقدّر قسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل في وقت سابق، أن يؤدي رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات إلى دخول نحو 450 ألف شخص جديد في دائرة الفقر.
هل تتوسع دائرة الاحتجاجات؟
ويرجح مراقبون أن تقود السياسات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي كتقليص تكلفة الدعم والحد من التوظيف في القطاع العمومي إلى توترات اجتماعية جديدة تنذر بشتاء “ساخن”.
كما يحذر هؤلاء من التداعيات السلبية للزيادات المتتالية في أسعار المواد الاستهلاكية وتزايد معدلات الفقر والبطالة، الأمر الذي قد يشعل فتيل احتجاجات اجتماعية واسعة.
وفي هذا السياق، رجح النائب السابق بالبرلمان فؤاد ثامر “وقوع تحركات واسعة للعاطلين عن العمل والفئات المتضررة من الزيادات المتسارعة في أسعار المواد الغذائية”.
وأضاف ثامر في تصريح لـ”أصوات مغاربية” إن “مدخول العائلات لم يعد تغطي بالكاد سوى نصف المصاريف وقد أصبح الوضع المعيشي “لا يطاق” خاصة من ناحية غلاء الأسعار”.
ومن وجهة نظر المتحدث ذاته فإن “وقوع الاحتجاجات أمر طبيعي في ظل الأوضاع الحالية وقد يتحول الأمر إلى انفجار اجتماعي” داعيا السلطات إلى “الالتفات إلى معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية”.
في المقابل، يرى رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي أنه “لا يمكن التكهن بعد بالمسار القادم للاحتجاجات وإلى أي مدى يمكن أن تصل هذه التحركات الاجتماعية”.
وقال الرياحي في تصريح لـ”أصوات مغاربية” إن “المواطن لم يعد يتحمل أي زيادات جديدة في الأسعار لكن رغم ذلك هناك أمل في تحسن الأوضاع الاقتصادية بعد العشرية الصعبة التي عاشتها البلاد”.
وأشار إلى “وجود انتظارات شعبية كبيرة في اتخاذ السلطات لحزمة من الإجراءات ذات الطابع الشعبي، خاصة مع ارتفاع تكلفة عيش العائلة الواحدة في تونس إلى نحو 1300 دولار شهريا”.
وتعيش تونس منذ سنوات على وقع أزمة اقتصادية حادة في ظل ارتفاع نسبة التضخم إلى ما يعادل 8.6 بالمئة بينما تجاوزت معدلات البطالة حاجز الـ15 بالمئة.
ونهاية أغسطس الفائت، كشف استطلاع رأي أن أزيد من 60 بالمئة من التونسيين يرون أن الأوضاع المالية والمعيشية لأسرهم باتت أسوأ مما كانت عليه خلال العام الماضي.
المصدر: أصوات مغاربية