النظام الإيراني يعزل نشطاء عن العالم بقطع الإنترنت وحجب المواقع
النشرة الدولية –
يتسبب انقطاع الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي في إرباك الاحتجاجات الشعبية الإيرانية وإبطاء زخمها، وهو انقطاع تفرضه السلطات لمنع تدفق المعلومات إلى الخارج.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن إيران في عهد الرئيس المتشدد، إبراهيم رئيسي، كثفت الرقابة على الإنترنت من خلال تعطيل الشبكات الافتراضية الخاصة وعرقلة التشفير على تطبيقات المراسلة وتقييد عمليات البحث في غوغل.
ولأكثر من عقد من الزمان عمل القادة الإيرانيون على تعزيز السيطرة على الإنترنت من خلال بناء شبكة محلية خاصة بهم على غرار الصين مع تقليد نسخ من محرك البحث العملاق قوقل وتطبيق إنستغرام، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقال محمد مساعد، وهو صحفي استقصائي إيراني تم اعتقاله مرتين لنشر محتوى عبر الإنترنت تعتبره الحكومة مرفوضا، “كانت الحكومة تسيطر على كل شيء … لكن على الإنترنت، كان لدى الناس فرصة لقول ما يريدون وإظهار من هم حقا”.
ويمكن للإيرانيين مشاهدة صورا للحياة الفاخرة التي يعيشها أبناء كبار المسؤولين في الخارج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت ينهار فيه الاقتصاد الإيراني وتتدهور مسائل حقوق الإنسان، وفقا للصحيفة.
وساعد الغضب المتزايد على الإنترنت في تأجيج موجات متتالية من الاحتجاجات ضد “رجال الدين المستبدين” الذين يحكمونهم وبلغت ذروتها هذا الشهر في مظاهرات على مستوى البلاد تحدت أسس الجمهورية الإسلامية.
في غضون يوم واحد، انضم ربع مليون مستخدم على إنستغرام إلى وسم عن الشابة، مهسا أميني، التي توفيت بعد إيقافها من قبل شرطة الأخلاق خلال منتصف الشهر الحالي.
وتم نشر الهاشتاغ الذي يحمل اسمها على تويتر وإعادة تغريده والإعجاب به أكثر من تسعة ملايين مرة. واستخدم العشرات من الرياضيين البارزين، بمن فيهم نجوم المنتخب الوطني لكرة القدم، علي كريمي وسردار أزمون، ومشاهير ومخرجون بارزون مثل، أصغر فرهادي، وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن دعمهم للمتظاهرين الأسبوع الماضي.
وقالت الحكومة إنها ستواجه تداعيات منها حظر النشاط المهني. ونقلت وكالة “إيسنا” عن محافظ طهران محسن منصوري قوله، الخميس، “سنتخذ إجراءات ضد المشاهير الذين ساهموا في تأجيج أعمال الشغب”.
وقال أمير رشيدي، مدير الحقوق الرقمية والأمن في مجموعة “ميان” ومقرها الولايات المتحدة، “أدركوا أن هذا هو المكان الذي يضربون فيه وعليهم السيطرة عليه”.
وذكرت وكالة “فارس” الإيرانية للأنباء أن “نحو 60 شخصا” قتلوا منذ بدء التظاهرات في حين تشير منظمة “إيران هيومن رايتس” ومقرها أوسلو إلى مقتل ما لا يقل عن 76 شخصا.
“كسر العزلة”
وتندد منظمات غير حكومية بقمع المحتجين، بينما تشهد شبكات الإنترنت انقطاعات في الخدمة، وتعطيل لتطبيقات واتساب وإنستغرام، في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن إجراءات تدعم “تدفق المعلومات بحرية للشعب الإيراني”.
وقالت مجلة “الإيكونيميست” إن المساعدة الأكثر حيوية التي يمكن أن تقدمها الحكومات الغربية لـ “مقاومي إيران الشجعان” هي التأكد من أن العقوبات لا تمنعهم من الوصول إلى خدمات الإنترنت أو أدوات مثل الشبكات الافتراضية الخاصة التي تساعدهم على التهرب من الرقابة.
كانت وزارة الخزنة الأميركية، أعلنت في بيان خلال الأسبوع الماضي، تخفيف قيود تصدير التكنولوجيا المفروضة على إيران، وهو ما سيسمح للشركات التكنولوجيا الأميركية بالتوسيع في تقديم خدمات الإنترنت للإيرانيين.
والأسبوع الماضي أيضا، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن في بيان إن الولايات المتحدة تتيح للشركات التقنية “تقديم المزيد من الخدمات الرقمية للناس في إيران.. بدءا من الوصول إلى خدمات الحوسبة السحابية وصولا إلى أدوات أفضل لتعزيز أمنهم وخصوصيتهم على الإنترنت”.
وأضاف أن الخطوات التي أقرتها واشنطن “ستساعد في مواجهة جهود الحكومة الإيرانية الرامية إلى مراقبة مواطنيها وفرض الرقابة عليهم”.
قال المدير التنفيذي لمركز توثيق حقوق الإنسان الإيراني ومقره الولايات المتحدة، شاهين ميلاني، “كان من المهم بالنسبة للكثير من الناس أن يستيقظوا ويروا ما يحدث بالفعل. هذا أمر بالغ الأهمية حقا؛ لأنه لا يوجد منفذ آخر يوفر ذلك”.
وأدى الكشف على الإنترنت عن الانتهاكات والمعايير المزدوجة إلى إثارة السخط والاشمئزاز بين الإيرانيين في السنوات الأخيرة.
وتطرق البعض إلى القمع الوحشي للاحتجاجات المناهضة للحكومة والقانون الذي يطالب النساء بتغطية أجسادهن وشعرهن.
في هذا الصيف قبل انتشار قصة أميني، تم تداول العديد من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي حيث قامت شرطة الأخلاق الإيرانية سيئة السمعة باحتجاز شابات بعنف، حيث اعتبرتهن أنهن يغطين شعرهن بشكل غير صحيح.
يقول نشطاء إيرانيون إن أحد الحلول هو عودة شركات التكنولوجيا الأميركية إلى العمل في إيران بعد التراجع عندما فرض الرئيس السابق، دونالد ترامب، عقوبات أشد على إيران.
وقال تطبيق “سغنال”، إنه يعمل مع مستخدمين متطوعين على ابتكار طرق بديلة للوصول إلى التطبيق وتوزيعه، لكنه واجه عقبات، بما في ذلك من شركات الاتصالات الإيرانية التي تمنع تسليم رموز التحقق عبر الرسائل النصية.
من جانبها، قالت شركة غوغل إنها تعمل على تعديلات فنية للمساعدة في الوصول للموقع، لكن الحلول الأكثر شمولا ليست وشيكة.
وقالت هولي داغريس، الزميلة الإيرانية الأميركية البارزة في المجلس الأطلسي التي كتبت تقريرا عن استخدام الإيرانيين لوسائل التواصل الاجتماعي، إن “الإيرانيين أيضا يرون كيف يعيش بقية العالم ويريدون ذلك أيضا، مضيفة: “والأهم من ذلك، هو أنها الطريقة الوحيدة لسماع أصواتهم”.
بدوره، قال رشيدي: “الأداة الرئيسية التي لدينا لمحاربة سيطرة الحكومة الإيرانية هي كسر العزلة”.