من يدفع المليار؟
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
ليس المليار الأول ولن يكون الأخير، ذلك المليار من الأسلحة التي منحتها الولايات المتحدة لأوكرانيا لزيادة صلابة موقفها في الحرب الروسية، حيث تخوض واشنطن حرب قاسية بدماء أوكرانية، وتكتفي باعطاء الأوامر ورسم الخطط التي على القارة الأوروبية تنفيذها بما فيها تلك المؤامرات المُعيبة على القارة نفسها، وكان آخرها العطل الذي أصاب نورد ستريم الناقل للغاز الروسي لألمانيا، وتم تبادل التهم بين الدول رغم ان منطقة الخراب المدبر عمداً تم في منطقة تقع تحت حماية الولايات المتحدة، وهذا يعني ان واشنطن تعرف من قام بهذه الفعلة أو أنها مجرد “فزاعة” تسلل البعض وألحق الخراب بالخط دون علمهم، وفي الحالتين ما حصل يقلل من قيمة الولايات المتحدة وقدرتها العسكرية وحتى التآمرية.
نعود لمليار الاسلحة وما سبقه من مليارات لتوفير قدرات عسكرية إضافية وجديدة لأوكرانيا، فالمليار الجديد لا يعرف أحد من سيتبرع بتغطية قيمته، والمليار ليس برقم كبير على الولايات المتحدة التي تنفق مئات المليارات دون رقابة من الكونغرس، لكنه يفتح أبواب الانتقاد للرئيس بايدن وقدرته على إدارة البلاد التي تمر بمرحلة عصيبة في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة انتشار الفقر، وسوء العلاقات الخارجية مع عديد الدول بما فيهم حلفاء سابقين لواشنطن أخذوا يتململون من الفعل الأمريكي غير المبرر، ويذهب البعض إلى أن واشنطن تريد من منح المليار لأوكرنيا فتح أسواق جديدة لأسلحتهم في القارة الأوروبية وهو ما سيعود بفوائد مالية ضخمة على الشركات المُصنعة في السنوات القادمة، ويثبت أن الرئيس وطاقمه مجرد موظفين في تلك الشركات.
ويبدو من تصرفات واشنطن الواضحة للجميع، بأنها تقوم بمحاولات لفتح أسواق جديدة لبضاعتها، بعد ان أصيبت دول الشرق الأوسط المُشبعة بالاسلحة الأمريكية بالتخمة، لشرائها ما فاق عن حاجتها من الاسلحة الأمريكية، وأصبحت غير قادرة على إيجاد أماكن لتخزين أسلحة لا تحتاجها، لذا كان لا بد من البحث عن أسواق جديدة قابلة لاستهلاك، ولا يوجد أفضل من السوق الأوروبي لدول كانت تعتمد على الأسلحة الروسية وهي في غالبيتها كانت جزء من الاتحاد السوفيتي، ودول أخرى كانت ممنوعة من بناء الجيوش كالمانيا وايطاليا، وهذه الدول تحتاج للإنفاق على البناء العسكري بعد شعورها بالخطر وأنها مهددة بالفناء، وهو شعور لم يصاحبها منذ الحرب العالمية الثانية في ظل الأمان الذي كان ينتشر، لذا كان لا بد من إشعال حرب لجعل الدول الأوروبية تتهافت على البضائع الأمريكية، لتبدأ مرحلة جديدة من التسلح في القارة الأوروبية وبذلك عادت مصانع الأسلحة الأمريكية تعمل بكامل طاقتها، لتكتمل دائرة الحصار الأمريكي للقارة الأوروبية العاجزة عن ايجاد حلول تمنحها حرية القرار.
آخر الكلام:
المليار رقم متواضع في عالم تجارة الأسلحة، والأماني أن لا يكون على نفقة الدول العربية التي اعتادت أن تشكل الغطاء المالي للعديد من صفقات الولايات المتحدة.