الفراغ وتصريف الأعمال يحكمان عمل المؤسسات المدنية والعسكرية
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
كما حال الحكومة كذلك هي حال المؤسسات. تطغى صفة تصريف الأعمال على كل المرافق والقطاعات سواء العسكرية منها أو المدنية. بعد أشهر من اليوم سيحال مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم على التقاعد. كان المأمول والمتفق عليه أن يتم التمديد لفترة خدمته كمدير عام مدني لعامين إضافيين في حال أقر مجلس النواب إقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى تأجيل تسريح وتمديد سن التقاعد لمديرين عامين وضباط في الجيش والقوى الأمنية. لكن وعلى مدى جلستين تشريعيتين لم يُعرض الإقتراح على الهيئة العامة لمجلس النواب والأرجح أنه لن يمر لأسباب عدّة، منها السياسي ومنها المتعلق بوضعية مجلس النواب الذي تحوّل الى هيئة ناخبة. لكن مصادر نيابية تقلل من قيمة السبب الثاني لتركز على السبب الأول أي السبب السياسي خصوصاً وأن مجلس النواب يمكنه الإستمرار بالتشريع، لأنّه وفق ما ينص عليه الدستور يعتبر هيئة ناخبة في اليوم الذي تعقد فيه الجلسة الانتخابية بينما يمكن لرئيس المجلس الدعوة الى جلسة تشريعية لتمرير اقتراحات القوانين اللازمة.
الموضوع لا يزال قيد النقاش خصوصاً في ظل اصرار الحزب «التقدميّ الإشتراكي» على تمرير اقتراح القانون الذي تقدم به أحد نوابه الى البرلمان، للتمديد لضباط عسكريين يستفيد منه بالدرجة الأولى رئيس الأركان أمين العرم الذي يحال قريباً على التقاعد.
في حالة العسكريين يمكن تمرير تأخير التسريح بقرار من وزير الدفاع ومن خلال مرسوم عادي ينص على تمديد التسريح، لكن من شأن مثل هذا الإجراء قطع الطريق على إقرار إقتراح قانون التمديد للمديرين العامين، ما يطيح بامكانية التمديد للواء ابراهيم في مهامه لعامين اضافيين.
الصيغة القانونية للتمديد للمديرين العامين وضباط الجيش تواجه اعتراضاً يفوق حجم حركة المؤيدين. تؤكد مصادر نيابية عدم وجود أجواء توافق بين الكتل النيابية على تمرير إقتراح التمديد. الفيتو اذاً سياسي مبني على حسابات سياسية مستقبلية. أواخر شباط المقبل يبلغ اللواء ابراهيم السن القانونية. إذا تعذر تمرير إقتراح قانون التمديد لمديرين عامين على الهيئة العامة لمجلس النواب تكون حظوظه معدومة في الإستمرار في منصبه، علماً أنّ مثل هذا الإقتراح أعدّ لإنصافه وهو المؤتمن على متابعة أكثر من ملف وقضية داخلية بالغة الحساسية. قبيل الإنتخابات النيابية توقع البعض أن يكون اللواء في عداد المرشحين جنوباً لولا نصيحة الحريصين عليه وعلى الملفات التي يتابعها، التي دفعته إلى التراجع عن خيار الترشح. وخلال مفاوضات تشكيل الحكومة ورد اسمه بين الوزراء المحتملين وخصصت له وزارة تتناسب ووضعيته العسكرية والملفات الملقاة على عاتقه. انتهى بلا هذه أو تلك، لكن بقي رجل المهمات الصعبة. له حضوره ودوره سواء في الترسيم البحري أو تشكيل الحكومة، ناهيك عن موضوع النازحين وهندسة العلاقة مع سوريا. لم ينته دوره ولن ينتهي. القصة ليست هنا وانما في البلد عموماً لأنّ نهاية ولاية اللواء تعني إستمرار المديرية بصيغة تصريف الأعمال أو ما تيسر منها.
أصيب متابعو الملف بخيبة لأن احتمالات إقراره تبدو ضعيفة. في خفايا الملف أنّ اتفاقاً حصل بين الثنائي الشيعي على هذا الأمر وقد وضع الاقتراح على مقاسه، لكن الظروف السياسية والنكايات قلّلت من حظوظ عرضه، ولا تزال. لكن السؤال كيف سيتصرف «حزب الله» في هذه الحالة وكيف سيحفظ حق اللواء معنوياً؟ القصة هنا ليست قصة ملء فراغات بل هو نهج سيكون سائداً وقد يطول أمده ويستمر أشهراً طوالاً، وقد نواجه المشكلة ذاتها في حال استمر الفراغ وانتهت ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشغل نائب الحاكم الشيعي مقامه، حينها ستقوم قيامة المسيحيين.
الكرة في ملعب «حزب الله» يقول المقربون. لكن نيابياً ما الذي سيفعله «حزب الله» اذا كان الفيتو على إقرار الإقتراح من حليفه ومن جانب «النواب التغييريين» وغيرهم. فهل يحتاج الملف الى إبرام صفقة؟ لا شيء يمنع ولنا في تجارب الماضي عِبر.