انتخابات نقابة المعلمين اللبنانيين في زمن الإنهيار: قلّة مرشحين وكثرة مصاعب
بقلم: نوال الأشقر

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

ربما هي المرة الأولى التي يجري خلالها معلمو المدارس الخاصة في لبنان عمليّة حسابية، لتقدير كلفة انتقالهم من منازلهم إلى حيث مراكز الإقتراع، من أجل الإدلاء بأصواتهم في انتخابات المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في المدارس الخاصة، وما إذا كانت النقود المتبقيّة بحوزتهم كافية لذلك. ليس في ذلك أيّ مبالغة، بعدما تآكلت رواتب العاملين في القطاع التعليمي ومجمل القطاعات، بفعل انهيار الليرة، وارتفاع أكلاف النقل، لتقضم الجزء الأكبر من الرواتب. هذا التوصيف ليس سوى مؤشر، يُظهر الظروف المعيشية الصعبة، التي يعيشها المعلمون، بكافة فئاتهم.

في ظلّ هذه الأوضاع يخوض المعلمون الإنتخابات النقابية، لإنتخاب المجلس التنفيذي المؤلّف من 12 عضوًا، بينهم النقيب. كرّة نار بانتظار الفائزين، الذين سيجدون أنفسهم أمام تحدّيات غير مسبوقة، بعدما أصبح راتب المدرّس يساوي فاتورة الإشتراك بالمولّد الكهربائي. “نحن أمام معركة صمود حقيقيّة” يقول أحد المدرّسين المرشّحين لعضوية المجلس، متحدثًا عن معاناة يعيشها المعلمون، دفعت بعدد منهم إلى الهجرة، بعدما فقدوا الأمل بالإنقاذ. لافتًا إلى أنّ عددًا من المدارس الخاصة لم يدفع المستحقات المتوجبة لصندوق التعويضات، وقد نتج عن ذلك عدم تقاضي المتقاعدين رواتبهم، وقدّ تمّ إعطائهم شيكات لا يمكن صرفها، وعدد هؤلاء لا يستهان به، فضلًا عن صرف التعويضات للمتقاعدين بموجب شيكات مصرفيّة، وفي ذلك معضلة تهدد صندوق التعويضات.

Doc-P-996012-638002153156171535.jpg

التحدي الثالث وهو الأكثر خطورة، يكمن في النواحي الإستشفائية “إذ أنّ شركات التأمين تطلب فريش دولار لقاء بوالص التأمين، وهو ما ليس بمقدور المعلمين. كلّ هذه المشاكل تنتظر المجلس التنفيذي الجديد، خصوصًا أنّ هناك عتبًا على المجلس الحالي، كونه لم يواكب التحرّكات النقابيّة والمطلبيّة، علمًا أنّ نقابة المعلّمين كانت رأس حربة في السنوات السابقة ضمن هيئة التنسيق النقابية”، كما يقول أحد معلمي الخاص.

أقفل باب الترشيح على 34 مرشحًا، انسحب منهم خمسة، هم: كريستيان الخوري، جورج حداد، شربل دميان سمير أبو شقرا، وريتا الأبيض. “هؤلاء الخمسة مدعومون من التيار الوطني الحر” وفق مصادر مطلعة على سير الإنتخابات، “بالتالي قد يؤشر انسحابهم إلى عدم خوض التيار الإستحقاق الإنتخابي”.

تخوض الإنتخابات، لائحة شبه مكتملة برئاسة الرئيس السابق لنقابة المعلمين نعمة محفوض، الذي شكّل لائحة من 11 عضوًا، مدعومة من عدد من الأحزاب والمؤسسات التربوية. لائحة “نقابيات نقابيون بلا قيود” وهي غير مكتملة تضم خمسة مرشحات، هنّ: نهى عسيران، ديانا أبو زينب، ياناريم السمراني، ميشلين يعقوب ولونا سمور.

موعد الدورة الأولى، غدًا الأحد في 2 تشرين الأول، والأرجح عدم توافر النصاب، فتُنظّم الدورة الثانية الأحد في 9 تشرين الأول المقبل، وتكون قانونية بمن حضر. عدد الناخبين يبلغ حوالي 12 ألف معلمة ومعلم في كلّ المحافظات. ورغم العدد الكبير، ليس هناك من حماس بينهم للمشاركة في الإستحقاق، بدليل عدد المرشحين الخجول نسبيًا، وفق المصادر، التي تعيد ذلك إلى الأوضاع المالية الحرجة “العمل النقابي يحتاج إلى قدرة ماليّة، للتنقل بالحد الأدنى”.

محفوض لم يعلن لائحته بعد وفي اتصال مع “لبنان 24” يشير إلى جملة عوامل  أخذها بالإعتبار في تأليف لائحته “العامل الأول تمثيل المجمّعات التربوية في اللائحة، كالمدارس الكاثوليكية والمقاصد والإنجيلية والإيمان وأمل والمصطفى وغيرها من المؤسسات التربوية. العامل الثاني تمثيل المحافظات في المجلس التنفيذي، والعامل الثالث هو الإستقلالية في أخذ القرار، بمعنى  أنّ هناك على الأقل سبعة مرشحين مستقلين داخل اللائحة”. وردًا على سؤال عن تحالفه مع الأحزاب قال نعمة “نعم هناك بعض الحزبيين، بالنهاية هذه هي تركيبة البلد، يمكن أن أؤلف لائحة من غير تمثيل سياسي، وتحصد مئتي صوت فقط ،وتسقط . يضيف “لكن التيار الوطني الحر غير موجود في لائحتي، وهناك حزب آخر يمثل السلطة غير موجود”. تابع محفوض “ما أسعى إليه هو إيصال مجلس تنفيذي يكون صوتًا صارخًا، دفاعًا عن حقوق معلمي المدارس الخاصة، وهي أكبر فئة مظلومة في جهنّم هذا، خصوصًا أنّ وزير التربية تمكّن من تأمين 90 $ لمعلمي القطاع الرسمي العام الماضي، ومساعدة اجتماعية، وهذا العام ضُرب راتبهم بثلاثة أضعاف، وهذه الزيادات لا تشمل معلمي القطاع الخاص”. عن تقاضي هؤلاء فراش دولار بنسب متفاوتة، قال محفوض “هناك مدارس تعطي 100 $ أو 200$ أو أكثر في بيروت وجبل لبنان وصيدا، لكن هناك بالمقابل مدارس خاصة لم تدفع أي مبلغ بالدولار، منها مدارس عكار على سبيل المثال”.

محفوض يحذر من انهيار القطاع التربوي وارتدادات ذلك على مستقبل الأجيال والبلد “ولا بد من المحافظة على أهل الكفاءة بهذا القطاع عبر إعطائهم الحد الأدنى من متطلبات المعيشة ومقومات العيش”.

بالمقابل المرشح النقابي انطوان مدور يدرس خيار الإستمرار في المعركة، ولا يبدي حماسة للبقاء. وفي اتصال مع “لبنان 24” مساء الجمعة يقول “استمراري بالترشح رهن التطورات والظروف، الإجتماعات متواصلة، وقريبًا نأخذ قرارًا نهائيًّا بالإنسحاب أو بالإستمرار”. مدور لا ينفي دعم التيار الوطني الحر له “ولكن لم أترشح للإنتخابات باسم التيار”.

في التحضيرات الفاصلة عن موعد الإستحقاق، يعمل المرشحون على استنهاض همم الناخبين، خصوصًا أنّ المشاكل والتحديات جسيمة، وتتطلب وجود مجلس نقابة فاعل.

 

زر الذهاب إلى الأعلى