“بصمة” سياسية في إطلاق علم الدّين… و”رفع” رصيد جعجع!
بقلم: إسراء ديب
النشرة الدولية –
لبنان الكبير –
أُطلق سراح النائب السابق عثمان علم الدّين بعد ساعات على توقيفه في وزارة الدفاع بسند إقامة، وذلك بعد انتشار مقطع مصوّر أثبت قيامه بإطلاق النار من سلاح حربي منذ أيّام في منزله خلال مناسبة اجتماعية، الأمر الذي أحدث ضجة واسعة أدّت إلى قطع أهالي المنية الطرقات، مطالبين بالإفراج عنه في أسرع وقتٍ ممكن، فمن جهة اعتبر هؤلاء أنّ “المنية خطّ أحمر وليست مكسر عصا لأحد”، ومن جهة ثانية رأى آخرون أنّ التوقيف لا يُمكن أن يقتصر على نواب ومعنيين من المنطقة والشمال تحديداً، في وقتٍ ينعم فيه معنيون وسياسيون ومسؤولون عن البلاد والعباد بمخالفة القوانين والقيم السياسية التي من الضروريّ أن يتحلّوا بها.
وحُوّل ملف علم الدّين إلى المحكمة العسكرية، بعد تردّد معلومات تُشير إلى قيام رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالتدخل شخصياً بعد إجرائه اتصالات أدّت إلى عملية الافراج هذه، كما لفت مصدر سياسي لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ الرئيس برّي كان قد تلقّى اتصالات عديدة من معنيين في الشمال لحثه على التدخل نظراً الى قدرته على حلّ الموضوع بعيداً عن أيّ إشكالات أو حساسيات كانت حدثت بين المعنيين بمساعدة علم الدّين و”العسكرية”. وقال المصدر: “إنّ النائب الذي كان مؤيّداً ومناصراً لتيار المستقبل في المنية، وبات مناصراً لنهج النائب أشرف ريفي بعد تحالفه مع القوات اللبنانية، وضع في هذا الموقف المحرج بعد إطلاق الرصاص بمناسبة زواج مرافقه الشخصي فراس بيطار، لكن هذه الضربة لم تكن ضربة قانونية أيّ أنّها لم تكن بغية التأكيد على وجود الدّولة، فالتجاوزات النيابية كثيرة حتّى بعد سقوط الحصانة النيابية عنه كونه نائباً سابقاً، بل هي ضربة سياسية جديدة قد ترفع من رصيد سمير جعجع الذي لا يزال خجولاً جداً أو معدوماً شمالاً كما تلفت بعض المعطيات، وهو ما ظهر بعد توجه علم الدّين بالشكر إلى رئيس حزب القوات وإلى معراب التي لم تنم إلّا بعد اطمئنانها عليه”.
أضاف المصدر: “لا يُمكن إغفال أنّ كلّ من تدخل في هذا الملف سواء لجهة توقيفه أو لجهة إطلاقه، فهو يُناصر بشكلٍ أو بآخر ظاهرة السلاح المتفلّت، حتّى لو أظهر استقامة قانونية ما، ولا ندرك حتّى اللحظة ما إذا كان تدخل الرئيس نجيب ميقاتي في الأمر نظراً الى حساسية موقعه الرسمي خصوصاً بعد اتصال أجراه النائب أحمد الخير بميقاتي الذي وعد بالتحرّك سريعاً لحلحلة الموضوع”.
فيما أشار مصدر أمني لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ “تصوير علم الدّين كان إثباتاً ضدّه، ويُمكن للجيش إلقاء القبض عليه لا سيما بعد سقوط الحصانة عنه”.
وفي معطيات لفتت إليها مرجعية سياسية شمالاً، تُشير إلى ضرورة التركيز على بعض نواب المنية السابقين أو الجدد، “فبعضهم يقوم بعمليات تُخالف القوانين وتفرض منطق المحسوبيات من خلال تمرير مشاريع للمجتمع المنياوي من جهة، أو من خلال تغطية الأسلحة المتفلّتة من جهة ثانية، وهذا ما رصده بعض الزائرين لمكاتبهم، وهي طريقة تُسهم في إثبات شعبيتهم على حساب القانون، وذلك بحجة الاهتمام بمصلحة أهالي المنية جميعاً”.
وكان لافتاً مشهد قطع الطرقات الذي نفذه مناصرون لعلم الدّين، ليطغى مشهد آخر بعد عملية إطلاقه ويكمن في إطلاق الرصاص من جديد ابتهاجاً، ما أدّى إلى خسائر مادّية عديدة، كان قد حذر منها علم الدّين في مقطع صوتي حثّ فيه المناصرين على ضرورة التوقّف، لكن كالعادة اشتعلت الأجواء الشمالية بالرصاص الطائش الذي كان سبب توقيف علم الدّين قانوناً.
يُمكن القول انّ الاستنسابية في تطبيق القوانين تبقى مرفوضة تماماً وفق ما يرى الكثير من أهالي المنية، لكن على ما يبدو أنّ عملية رفض إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على أيّ فردٍ يتجاوز القانون بشكلٍ أو بآخر، يبقى مرفوضاً أيضاً في كلّ الملفات، وكان آخر الأحداث التي تُشير إلى هذا الأمر، قيام بعض الشبان بقطع أوتوستراد التبانة احتجاجاً على توقيف أحد الأشخاص، وذلك لبيعه خناجر، سكاكين، وصواعق كهربائية على بسطة في سوق الأحد، وهي بضائع كان يشتريها الأطفال أيضاً، وبعد عملية قطع الطرقات رفض الكثير من الطرابلسيين هذه التحرّكات، مؤكّدين “أنّنا لسنا دولة، ولن نكون مكان الدّولة مهما حدث”، فيما شعر آخرون أنّ “الدّولة كعادتها لا تُطبّق قوانينها إلّا على الفقير الذي يبحث عن قوت يومه”، ورفض البعض الدفاع عمّا أسموه “زعران البلد” وشجعوا على أهمّية تحرّك الدّولة خصوصاً شمالاً للحدّ من التجاوزات الصغيرة قبل الكبيرة.