توماس فريدمان يرى روسيا الفاشلة ولا يرى نتائج الحرب!
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
.. “إن هذه الحرب يمكن أن تنتهي بطرق مختلفة (..) بعضها أفضل من بعض وبعضها أسوأ، لكن لن تكون أي نهاية منها سهلة؛ هذا حتى بدون النتيجة الرابعة، أي شيء لا يمكن لأحد التنبؤ به”.
.. ولكن عندما، تنشر صحيفة نيويورك تايمز، عن توماس فريدمان، جولة جديدة حول الحرب الروسية الأوكرانية، التي قال إنها تحتاج إلى رؤية جيوسياسية مختلفة : بوتين يزيد الضغط على الغرب لعقد صفقة مع روسيا.
.. بماذا يلوح هذا الصحفي الإشكالية دوما؟.
هل يقرأ المستقبل، ويرى دمار القطبية العالمية بين الولايات المتحدة وروسيا، وصولا إلى صورة حلف الناتو في الغرب الأوروبي المثقل بويلات الحروب، وفقر الطاقة؟ .
*أوكرانيا في الشهر الثامن من الغزو الروسي.
.. قد نحاول فهم ما يريد فريدمان ان يمرره إلى العالم اليوم، وهو يعلم أن تداعيات الحرب، علقت مشانق البشرية لعقود طويلة قادمة، ليس بفعل العقرب، أو دمار المدن الأوكرانية-ساحة الحرب المجنونة-، أو انهيار اقتصاديات العالم بفعل نقص سلاسل الإمداد وفقدان الأمن الغذائي، وبالتالي تكلفة الحرب والتضخم واستشراء موجة الغلاء،؛ ذلك عدا ان أوكرانيا، في الشهر الثامن من الغزو الروسي، تواجه عديد الحقائق، والنتائج الجيوسياسية والعسكرية والأمنية، عدا عن الكوارث الإنسانية،وهي تضع فريدمان، كمحلل سياسي، ضمن قطبية إعلامية بدون شك غربية استخبارية، تجس نبض العالم، وهنا بعض النتائج:
*نتيجة اولي:
بايدن يدين “محاولة الضم” وعقوبات واشنطن تطال “ٌمنقذة” اقتصاد روسيا
أدان الرئيس الأمريكي جو بايدن، بـ”شدة” إعلان روسيا ضم مناطق أوكرانية، في حين أعلنت واشنطن فرض عقوبات إضافية على مسؤولين روس في خطوة قالت أمريكا إنها ستجعل روسيا تدفع ثمنا باهظا وسريعا لمحاولة الضم.
وقال بايدن تعليقا على الخطوة الروسية: “تدين الولايات المتحدة محاولة روسيا الاحتيال عبر ضم مناطق تخضع للسيادة الأوكرانية، تنتهك روسيا القانون الدولي، وتتجاوز ميثاق الأمم المتحدة، وتزدري حق الدول بالعيش بسلام في كافة أرجاء العالم”، وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن هذه الخطوة “تفتقد للشرعية” وأكد أن واشنطن ستواصل الاعتراف بالحدود الأوكرانية المعترف عليها.
*الحقيقة الثانية :
نائب رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، فاديم سكيبيتسكي، تحدث لقناة “آي تي في نيوز” البريطانية عن احتمالية استخدام روسيا “سلاحا نوويا تكتيكيا ضد أوكرانيا”.
ولسنوات، كان هناك قلق أميركي من احتمالية “استخدام روسيا أسلحة نووية تكتيكية”، يشار إليها أحيانا باسم “الأسلحة النووية في ساحة المعركة”.
*الحقيقة الثالثة:
يشير الضم المتعجل لأراض أوكرانية إلى أن جبهات القتال ستمتد الآن عبر “أراض أعلنت روسيا أنها تابعة لها”، وقال بوتين إنه مستعد للدفاع عنها بالأسلحة النووية إذا اقتضى الأمر، وفقا لـ”رويترز”.
وكان خطاب بوتين عند إعلانه عن ضم المقاطعات الاوكرانية، “الأكثر عدائية خلال عقدين من حكمه”، وهو يمثل “تصعيدا دراماتيكي للحرب”، ما يزيد من فرصة الصدام المباشر مع الغرب، وفقا لصحيفة “التايمز” البريطانية.
*الحقيقة الرابعة:
تمثل عملية الضم “جزءا محوريا من أهداف بوتين الحربية”، وتوفر فعليا لموسكو جسرا بريا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 ، والتي تضم أسطولها في البحر الأسود، وفقا لتقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وتشير “وول ستريت جورنال”، إلى أن عملية الضم “تزيد من حدة الأزمة” وقد تؤدي لاتساع نطاق “الحرب البرية الأوكرانية ضد روسيا”.
*نيويورك تايمز، تلميع التحليل ام ترويج الحكاية المتكررة.
.. في المقال الاخير، لتوماس فريدمان، نيويورك تايمز، تفتح ورشة تلميع التحليل، ام انها ترويج الحكاية المتكررة.
.. و الجولة الجديدة للحكواتي فريدمان تقول ان الرئيس الروسي بوتين، يزيد الضغط على الغرب لعقد صفقة مع روسيا،كأن الدبلوماسية الأممية، لم تحاول كثيرا مع الدب الروسي.
ما نقل من تحليلات، أكدت ان صحيفة نيويورك تايمز تحاول رسم صورة من الغضب التي اجتاحت الغرب، بعد إعلان روسيا ضم أربع مقاطعات أوكرانية إليها هي زابوروجيا، خيرسون، دونيتسك ولوغانسك، لكنها لا تستبعد ازدياد الضغوط على أوروبا لعقد صفقة مع روسيا.
.. هنا لم يحدد الرسم الاعلامي، آليات هذا الرأي ومدى جدية الضغوط التي تجعل روسيا، تتابع المحاولة مع الإدارة الأميركية او حلف الناتو، أو أي وسيط إقليمي او اممي.
*تحويل روسيا إلى نسخة أخرى من كوريا الشمالية
توماس فريدمان، يكتب رؤية غربية،افتقدت-مرحليا-لأي قوة تفاوض(..)ويرى بأن بوتين، يعمل من خلال ضم أجزاء من أوكرانيا على تحويل روسيا إلى نسخة أخرى من كوريا الشمالية، ستكون دولة مصابة بجنون العظمة ومعزولة، ولكن على عكس كوريا الشمالية، فإن النسخة الروسية التي ستكون ممتدة على 11 منطقة زمنية – من المحيط المتجمد الشمالي إلى البحر الأسود ومن حدود أوروبا إلى حدود ألاسكا – ستكون أيضا معززة بالآلاف من الرؤوس الحربية النووية.
.. هل صحيح أن أن روسيا، بعد خوضها الحرب اللامنطقية في هذا العصر، لن تكون مجرد تهديد جيوسياسي بل ستلحق الضرر بنفسها؟ بحسب اجتهاد فريدمان:
ولن تبقى موردا موثوقا للطاقة في العالم على المدى الطويل.
يضع فريدمان احتمالات منها:
*أ) :
أن ضم أجزاء من أوكرانيا قد يكون محاولة من بوتين للتوصل إلى تسوية تفاوضية مناسبة. وسيكون من غير المفاجئ إذا أعلن قريباً عن استعداده لوقف إطلاق النار واستعداده لإصلاح خطوط الأنابيب واستئناف شحنات الغاز إلى أي دولة مستعدة للاعتراف بضم روسيا لأجزاء من أوكرانيا.
*ب) :
يمكن لبوتين بعد ذلك أن يدّعي لقاعدته القومية أنه حصل على شيء ما مقابل حربه، حتى لو كانت باهظة الثمن وهو الآن جاهز لوقفها، لكنه سيواجه هناك مشكلة واحدة فقط وهي أنه لا يسيطر فعليًا على كل الأراضي التي يقوم بضمها وهذا يعني أنه لا يمكنه تمرير أي صفقة حتى يتم طرد الأوكرانيين من جميع الأراضي التي يطالب بها الآن وإلا فإنه سيتنازل عما يعتبره أرضا روسية ذات سيادة.
*ج) :
من خلال مطالبة بوتين بأراض لا يسيطر عليها بشكل كامل، تبرز خشية بأنه يضع نفسه في زاوية قد يشعر ذات يوم أنه لا يمكنه الخروج منها إلا بسلاح نووي.
*ج) :
بوتين يجر أوكرانيا وحلفاءها الغربيين نحو مواصلة الحرب في الشتاء عندما تكون إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا مقيدة ويمكن أن تكون الأسعار فلكية، فهل ستتنازل أوكرانيا والغرب ويعقدون صفقة قذرة مع بوتين لوقف حربه؟ أم أن أوكرانيا والغرب ستواجهانه بشكل مباشر من خلال الإصرار على عدم حصوله على أي إنجاز من هذه الحرب والتمسك بمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة؟
*د) :
عدم الانخداع لأنه سيكون هناك ضغط داخل أوروبا للتنازل وقبول عرض بوتين الذي يريد تقسيم التحالف الغربي والخروج بانتصار يحفظ ماء الوجه.
*ه) :
هناك خطرا آخر على المدى القصير بالنسبة لبوتين إذا لم يتنازل الغرب للتوصل إلى اتفاق معه، بل قام بإرسال المزيد من الأسلحة والمساعدات المالية لأوكرانيا، فهناك احتمال أن ينهار جيش بوتين، وهذا ما لا يمكن التنبؤ به.
*و) :
وجود ديناميكية ستدفع روسيا أكثر نحو نموذج كوريا الشمالية، انطلاقا من قرار بوتين قطع معظم إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا الغربية.
*ز) :
روسيا – اقتصاديا ولوجستيا-أصبحت مورداً غير موثوق به أبداً حتى بين بعض أقدم وأفضل عملائها ومنهم ألمانيا وجزء كبير من دول الاتحاد الأوروبي، فهؤلاء جميعًا يبحثون الآن عن إمدادات بديلة طويلة الأجل للغاز الطبيعي وبناء المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.
*ح) :
عالميا، هناك مصادر للغاز قد تكون بديلة عن روسيا، “سيستغرق الأمر من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى تبدأ شبكات الأنابيب الجديدة القادمة من شرق البحر المتوسط والغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة وشمال إفريقيا في استبدال الغاز الروسي على نطاق واسع”.
*ط) :
يعمل بوتين على تآكل أكبر مصدر وربما مصدره الوحيد للدخل المستدام طويل الأجل، بينما يؤدي الضم غير القانوني لمناطق من أوكرانيا إلى استمرار العقوبات الغربية على روسيا أو حتى تسريعها، الأمر الذي سيؤدي إلى الإسراع في تحويل روسيا إلى وضع الدولة الفاشلة.
*لغة الدولة الفاشلة مع الحقيقة.
.. يرى العالم ان الحرب الروسية الأوكرانية، دخلت ساحة كل أزمة وكل قارة، هناك صراع قطبيات وأحلاف تتبادل الأماكن سعيا إلى النجاة، في ظل انهيار قوة الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن وضع رؤى تنهي جدل الحرب، إلى حوار وتفاوض، قد ينهى صراع الأقوياء قبل ضياع الدول والشعوب الضعيفة المهمشة، التي قد تنهار وتعود إلى عصور ما قبل النار والزراعة وحتى لغة المقايضة، إلى ثقافة الجوع والهجرات نحو الفراغ.