الحروف بأصواتها الثلاثة
بقلم: د. خلود الصالح
النشرة الدولية –
سأل الأستاذ طلابه ذات يوم قائلا: “هل لديكم اختبار غداً؟”
فأجابه الطلبة: ” لا.”
فقرر حينها أن يختبرهم في الغد، فأثار قراره استنكار الدارسين. فجاءت كلمة “لا” الرافضة تماماً لقراره.
وحينما خرج بعض المعتصمون من الطلبة على تعسف قرارات الجامعة، هتفت الجموع ب ” لا لا لا” متصديةً لتلك القرارات التي رفضتها رفضاً شديد اللهجة. فلم تكن اللا هي ذاتها التي استخدمها الطلبة لرفض الاختبار ولا هي التي نفت وجود أي اختبار في الغد.
وعلى الرغم من أن الكلمة استخدمت ثلاث مرات مختلفة وبنفس المعني وهو النفي، إلا أن الموقف أو الواقع الاجتماعي للمفردات يؤثر تأثيراً مطلقاً على قوة الحرف والكلمة.
يظن الجميع بأن للحرف صوتاً أو رنة صوتية واحدة résonance وهي تلك التي وثقت ميلاده أولاً ولا يظنون بأن الحروف اذا التقت وتجاورت، يؤثر كلاً منهم في الآخر.
ففي اللغة الفرنسية مثلاً، تنطق كلمة un بطريقةٍ مختلفة عن une بسبب الحرف الأخير والذي يقتضي وجوده على إلغاء الصوت الأصلي للحروف المجاورة.
وبسبب استخدام الكلمات واقترانها بواقعها الاجتماعي، تتغير شدة الحروف وتختلف وطأتها باختلاف انتمائها لموقف اجتماعي ما، تماماً حينما نلتقي بشخص بمحض الصدفة تترجم أحاسيسنا بكلمة : لا! مختلفةً تماماً عن نظيراتها باختلاف المواقف الاجتماعية التي كانت سبباً في وجودها.
يجدر بالذكر أن تمييزنا للحروف يقوم على حدتها، سرعتها، طبقتها وربما أيضاً تكرارها الذي يؤكد على وجودها.