لماذا فشلت التوقعات في عمان؟
بقلم: ماهر أبو طير
النشرة الدولية –
لم تبق جهة إلا وقالت إن يوم الأحد، هو موعد تغييرات سياسية في الأردن، البعض تحدث عن تعديل، والبعض الآخر تكلم عن تغيير حكومي، وآخرون شربوا حليب السباع وتحدثوا عن أسماء بعينها، قد تخرج، وقد تأتي إلى المواقع الرسمية الأساسية في الحكومة وغيرها.
مر الأحد، ولم يحدث شيء، وقد نلعب نفس اللعبة، ونقول إنه قد تحدث التغييرات اليوم الاثنين، وربما الخميس، أو منتصف شهر 10، وقد نقول أن لا شيء سيحدث، وأننا أمام سيناريو التمديد للحكومة الحالية، أو حتى حكومة جديدة بكل ما فيها، رأسا وفريقا.
المعلومات ليست دقيقة، إذ إن هناك تجفيفا للمعلومات، وربما بعض الوزراء يتصلون بصحفيين ليسألوا إذا ما كانوا سيخرجون من الحكومة، أو لا، فهم لا يعرفون، ويعتقدون أن الصحفيين لديهم مصادر مكينة تسترق المعلومات من الأرض، وتختطف الخطفة، دون أن يتبعهم شهاب ثاقب، على طريقة الشياطين ذات زمن، حتى توقف الأمر لسبب معلوم.
لكن يتوجب هنا قول ما يلي، أولا أن لا أحد يعرف ما هو السيناريو الأخير الذي سيحدث في عمان السياسية، مثلما أن هناك تقصدا لإماتة كل الشهوات لدى السياسيين عبر إتعابهم، وجعلهم ينتظرون دون أن يحدث شيء، فيما تتهاوى مصداقية كثيرين بسبب بث معلومات يقال إنها مؤكدة حول تغيير ما فلا يحدث بشكل دقيق، وليس أدل على ذلك من أننا آخر أسبوعين سمعنا وقرأنا عشرات التقارير التي لم تحدث وأفشلت أصحابها لعدم دقة التنبؤ.
كل ما سبق لا ينفي أن التغيير أو التعديل أو المناقلات أمر وارد، لكننا نتورط كالعادة في لعبة التواقيت والأسماء، ولا نتعلم من كل الدروس، والتسريبات التي ثبت خفة أصحابها.
هناك تغير خطير على الرأي العام الأردني، لا يتوجب إسقاطه من حسابات أحد، فأغلب الناس لا يهمهم أبدا من سيأتي ومن سيغادر، ويفكرون فقط بأسعار البنزين والكاز، وتدبر نفقات البيت والشتاء، وإذا كانت هذه الحالة تعبر عن مشاعر سلبية، إلا أنها تثبت أن الرأي العام الأردني لم يعد يثق بأحد من جهة، مثلما أن أولوياته تغيرت إلى حد كبير، مع إقراره المسبق، أن الكل من حزمة واحدة، وأن التغيير في أي مؤسسة ما لم يترك أثرا على السياسات، فإننا سنكون أمام ذات المشهد لكن بأسماء جديدة، وربطات عنق مقلدة، صينية المنشأ.
في كل الأحوال، الجو كله يوحي باحتمالات متعددة، لكن التوقيت والشكل والأسماء، كلها في علم الغيب، وقد كنا كصحفيين في زمن ما، نصل إلى اسم الرئيس المكلف، قبل أن يعرف أعضاء الفريق المغادر، أن عليهم تقديم استقالاتهم، لكننا في هذا الزمن نهرب إلى التحليل وقراءة السيناريوهات، واستبصار ردود الفعل إزاء اسم مسرب من هنا أو هناك، لغايات قياس قوته أو ضعفه، لكن المؤكد أن القاعدة الشعبية لا تأبه بكل هذه القصة، بل تنتظر أي اسم جديد، من أجل مهاجمته والبحث في أرشيفه، من أجل حرق سمعته، بشكل مسبق.
لقد تعلمنا هذه السنين، أننا ننتظر القصة من اليمين، فتأتي من اليسار، أو ننتظرها ظهرا، فتأتي ليلا، وفي حالات نظنها لا تحدث، فتتنزل مثل الصاعقة بشكل مفاجئ، وكأننا نلاعب بعضنا البعض، في ظل حسابات معقدة ومتشعبة، ليس هنا موقع ذكرها.
والخلاصة، أن الصبر طيب، والترقب فضيلة، والصعود إلى الجبل، بعيدا عن القاع، خير من البقاء وسط زحام المستوزرين والمتنبئين، ومن أتعبه الفضول في عمان الغامضة عام 2022.
تحديد يوم التغييرات، والأسماء، مقامرة خاسرة في حالات كثيرة.
(الغد الأردنية)