كرة مجنونة .. تكشف حُمق من نظنهم عُقلاء
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
كرة مجنونة بآدائها ونتائجها وبطريقة تقديمها، مجنونة حتى أنها تجعل الكثيرين يعشقونها كونها تُعيدهم إلى مرحلة المراهقة وربما الطفولة، فيختفي أصحاب الفكر والمشورة في أزقة الجماهير ونصبح غير قادرين على تميز العقلاء من الجهلاء، ففي كرة القدم الكل يتساوى ليس في رقي الثقافة ورجاحة الفكر وروعة المتعة، بل يتساوون في الحُمق والتعصب والعصبية لنكتشف ان من كنا نظنهم راجحي العقل ما هم إلا مجموعة من المراهقين ينتظرون دورهم للتعبير عن ذاتهم، وهذا أمر لا نجده إلا في الدول العربية الطارئة على كرة القدم، والدليل ان أي منها لم يظفر بلقب العالمي ولا كاس القارات، وأعظم انجازاتهم الفوز ببطولة قارتي افريقيا وآسيا وبطولات أنديتها.
وهنا ندرك ان الفجوة ما بين الكرة العربية التي تتلقى الهزائم أمام الفرق العالمية القوية واسع وكبير، وكنا نظن أننا نحتاج لسنوات طوال من العمل العلمي المنهجي لتقليص هذه الفجوة، لكن الصورة الشاملة تجعلنا ندرك أننا نتراجع كوننا نتقدم بسرعة السلحفاء فيما الدول المتقدمة كرويا تسير بسرعة الفهد، لنجد ان الفجوة تتسع كوننا في العالم العربي سلمنا قيادة الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص لغير أهلها، ولأشخاص غير مختصين في مجالها على عكس الدول الأوروبية والقارة الأمريكية الجنوبية، لنجد أنها خرجت في عالمنا عن نصوص المتعة والجمال والمحبة وتحولت إلى صراع سياسي جغرافي قومي، يقوده باحثون عن مجد وإعلاميون يسعون للظهور، لتفقد كرة القدم قيمتها الحقيقية.
وشعرنا ان العديد من المباريات عبارة عن قنابل قابلة للإنفجار لاسمح الله، ونشعر بأن مآساة أندونيسيا حين مات أكثر من مئة وثلاثين مواطن قد تتكرر في أي دولة عربية، فالجماهير العربية لا تتقبل فكرة الخسارة بل تعتبرها نهاية العالم، وشاهدنا كيف تم الاعتداء على بعض الحُكام عند الخسارة من قبل اللاعبين أو الجماهير، والأهم ان رؤساء الأندية غير قادرين على تحمل الخسارة أيضاً كونهم يبحثون عن الشعبوية المقيته، بدلاً من البحث عن البناء السليم ومصلحة النادي المالية وتحسين وضعه، لذا يبذلون الغالي والنفيس لإبرام عقود بلا قيمة ظناً منهم أنها قد تقودهم للألقاب، وحين يصطدموا بالنتائج تتكشف حقيقتهم، فالفائزون بالألقاب من رؤساء الأندية يعودون لمرحلة المراهقة فلا يعرفون ما يقولون ولا يدركون كيف يتصرفون، والخاسرون يفقدون القدرة على التعبير فيوزعون التهم جزافا، والإعلاميون التابعون يَضلوا ويُضلوا.
ويرافق غالبية مواجهات الأندية والمنتخبات العربية حملات مسعورة على وسائل التواصل الإجتماعي والتي تحولت إلى “وسائل للقطيعة الإجتماعية”، ويرافقها أيضا عبث صهيوني من خلال وحدة “8200” التي تُجيد التلاعب بالعرب، في ظل عدم وجود سياسات عربية لحماية مجتمع الرياضة من التدخلات المراهقة لأهل كرة القدم وعدم قدرتها على التصدي للوحدة الصهيونية، لذا فهي غير قادرة على درء مفاسد المباريات من خلال التركيز على إنسانية كرة القدم وأهمية الترابط الإجتماعي الذي يعتبر أهم من البطولات وحسابات الفوز والخسارة، لتظهر الصورة المؤلمة بأننا كعرب لا نملك الخبرات القادرة على علاج الاختلالات التي تصاحب اللعبة والخوف كل الخوف أن تكون هذه اختلالات مُصنعةٌ ومطلوبة.؟!!
آخر الكلام:
في العالم العربي نفتقد لثقافة كرة القدم القائمة على التسامح والمحبة والبحث عن المتعة، وهذه ثلاثية لا تتناسب مع الفكر العربي الباحث عن السيادة بغض النظر عن النتائج الشمولية مهما كانت كارثية.