أحافير في الحب – 17.. وحين سُئِلتُ … ؟!
النشرة الدولية – كتب الدكتور سمير محمد ايوب –
وحين سُئِلْتُ عنها، قالت باهتمام شديد تشي به عيناها: أصْدِقني القول يا رجل، وقل لي لِمَ هيَ بالتحديد؟!
فقلتُ مبتسما، وشمس الأصيل تكاد تلامس سطح البحر أمامنا: نعم، صادفتُ وُجوهاً كثيرةً، أشكالاً وألواناً وفي كلِّ مكان، ولكنِّي عند العشق عشقتُ مدهشةً انعقد أمامها اللسان، وبالغَ فرحي فخرَّ ساجداً كما كان قد أوصى نزار.
عشِقْتُ مُتصالحةً مع طفولَتِها، ومالكةً لفصولها الخَمْس. ولأنَّها على قيدِ الأملِ والتفاؤلِ لا الملَل، كانت وما تزال تضحك، وإنْ كانت حرائقُ الحروب مُضطرِمةً في دواخلها، وتُزْهرُ وكأنَّها لمْ تَحزَن يوماً حين كان البكاء واجبا بقوة.
عَشِقتُ مَنْ تُدرِكُ أنَّ الحياةَ ليست حُبّاً كلها، بل كلّ الحياة كانت لها أنا، وأنَّ الحبَّ الحق مُكافأةٌ ورزقٌ، له ساعدين وساقين قويين تسعيان، وليس سببا خفيّا ولا ثمنا سِريّا لشيء موهوم، نعم تغارُ بإتقان وهي تثق بي، تعاتب بحكمة ولا تتخلى عني، تفهم بعممق وعدل دون أن تظلم، تدرك ضعفي ولا تمسسه بتشفٍّ او عِتابٍ أو ملامة.
فبات كثيرها وفيروز، رفيقة قهوتي والليل وعزلتي. ننصت معا لوصلات من هديل الحمام المنتشر حولنا، ونرقب بشيء من الحمق قطعانا من أيِّ غمامٍ عابر، ونقتسم معا أيَّاً من دفقات حُزْنٍ أوحَزَنٍ قد تتمرد على ملامح الصبر الجميل وربيع الحياة، معها وكرمى لها، باتت الجروحُ العميقةُ، لا تلتئم إلا برنَّةِ ضحكتها المشوبة بأفراحٍ تستولدها من كل مكان وفي كل مكان، وهي بكل عناوينها دائما اقرب إلينا مما تبدو عليه.