لماذا وضعت رئيسة وزراء إيطاليا المقبلة حرفا عربيا على اسمها بصفحة “تويتر”؟
النشرة الدولية –
بعد تصدر حزبها نتائج الانتخابات العامة في إيطاليا سبتمبر/أيلول الماضي، أصبحت زعيمة حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف جورجيا ميلوني أول امرأة مرشحة لرئاسة الحكومة في البلاد.
وقد ركزت وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية التي سبقت فوز حزبها على خلفيته الفاشية، بيد أنها أغفلت جانبا من سياسات ميلوني يتمثل في تعاطفها مع مسيحيي الشرق المضطهدين في الوقت الذي تشيد فيه بالأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط التي تضطهد هؤلاء المسيحيين، وفق ما يراه الكاتب الصحفي والأكاديمي جوي أيوب في مقال له على موقع الجزيرة.
وفي هذا الإطار، أضافت ميلوني حرفا من الأبجدية العربية على معرّف حسابها الشخصي في تويتر، وهو حرف “النون”، في ما يبدو تعبيرا عن تضامنها مع المسيحيين الشرقيين، فقد أصبح حرف “النون” عام 2014 رمزا للتضامن مع الضحايا المسيحيين في مدينة الموصل في وجه الاستهداف الذي تعرضوا له من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، بعد سيطرته على المدينة وممارسته التطهير العرقي بحق الطائفة المسيحية فيها، التي تعتبر إحدى أقدم الطوائف المسيحية في العالم.
وكان التنظيم حينها يكتب حرف النون -الذي هو الحرف الأول من كلمة نصراني- على منازل المسيحيين لتمييزها وتسهيل استهدافها.
وأرادت ميلوني -بإدراج هذا الرمز الذي يعود للعام 2014 الحرف في اسم المستخدم- أن تعلن أنها هي أيضا “نصرانية ومسيحية” شأنها شأن كثيرين ممن شاركوا في حملة التضامن مع مسيحيي الموصل حينها.
ويشير أيوب -في مقاله- إلى أنه يبدو للوهلة الأولى أن هدف رئيسة الوزراء الإيطالية المقبلة هو مجرد المشاركة في حملة تضامنية على الإنترنت من خلال إضافة حرف النون إلى حسابها الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الرمز قد أصبح يستخدم مع مرور الوقت في حملات التضامن مع الضحايا المسيحيين الذين يتعرضون للاستهداف من قبل المتطرفين في مصر ونيجيريا وغيرهما من بلدان العالم.
وفي وضع كهذا، يقول الكاتب إنه من الطبيعي أن يأمل المرء ألا يتم توظيف حملة تضامن بسيطة وصادقة ضد فظائع ترتكب بحق الأبرياء لأغراض شريرة. لكن ذلك هو ما حدث، إذ كلما زاد عنف تنظيم الدولة الإسلامية، زاد اليمين المتطرف في أوروبا محاكاته الخطاب الإقصائي المتطرف للتنظيم، وسعى إلى توظيف ذلك لتشويه المسلمين، خاصة اللاجئين ووصمهم بالإرهاب.
ويشير أيوب، الذي عمل سابقا محررا لشؤون الشرق الأوسط في موقع “غلوبال فويسز” (Global Voices)، إلى أن ميلوني، شأنها شأن العديد من القادة السياسيين اليمينيين في أوروبا، تساند العديد من الدكتاتوريين الذين يدعون أنهم يحمون المسيحيين، ومن أبرز الأمثلة على ذلك مساندتها الرئيس السوري بشار الأسد.
ففي مقابلة معها عام 2018، أشادت ميلوني بالأسد وحلفائه (روسيا وإيران وحزب الله اللبناني) لدورهم في جعل المسيحيين السوريين يشعرون بالأمان.
ويعلق الكاتب في مقاله بأنه يشك في أن ميلوني قد شاهدت “أعياد ميلاد سعيدة يا حمص”، الفيلم الوثائقي القصير لباسل شحادة الذي وثق كيف مرت أعياد الميلاد على المسيحيين في مدينة حمص السورية عام 2011، التي كانت تتعرض للقصف من قوات الأسد.
ويلفت إلى أن شحادة، وهو مسيحي سوري، قُتل بعد بضعة أشهر في قصف للنظام السوري على حمص، وشيعه أصدقاؤه المسلمون والمسيحيون في حين كان تابوته مغطى بعلم الثورة السورية، وقد منع النظام عائلته في دمشق من إقامة مراسم تأبين له في إحدى الكنائس.
واستعرض أيوب -في مقاله- مواقف عديد من القادة الغربيين الذين يساندون القادة الدكتاتوريين في الشرق الذين يستهدفون مواطنيهم من أتباع الديانتين المسيحية والإسلامية، مثل إشادة رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2016، لمساعدته الأسد في تحرير مدينة تدمر السورية من قبضة تنظيم الدول الإسلامية.
وخلص الكاتب إلى أن مواقف التضامن الانتقائية من قبل قادة باليمين المتطرف في أوروبا لا تقتصر على سوريا والعراق، فقد رأى العالم كيف لاذوا بالصمت عندما قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقله، وهاجمت موكب جنازتها، واعتدت على المشيعين الذين كانوا يحملون نعشها. وقال إن متضامني “النون” قابلوا بصمت مطبق اغتيال الصحفية الفلسطينية المسيحية شيرين والهجوم المباشر على مراسم تشييع جنازتها التي جرت وفق طقوس مسيحية مقدسة.