مليشيات الحوثي تهدد باستهداف منشآت الطاقة في السعودية والإمارات مجددا في اعقاب انهاء هدنة إطلاق النار

النشرة الدولية –

في عام 2019، علقت السعودية – أكبر مصدر للنفط الخام بالعالم – نصف إنتاجها من الذهب الأسود بسبب ضربة بطائرة بدون طيار على منشآت شركة أرامكو المملوكة للدولة، تبنتها جماعة الحوثي في اليمن.

قبل أيام، هددت الجماعة ذاتها باستهداف منشآت الطاقة في السعودية والإمارات مجددا في أعقاب انتهاء هدنة وقف إطلاق النار التي استمرت لستة أشهر.

وكتب المتحدث العسكري باسم المتمردين الحوثيين في اليمن، يحيى سريع، على تويتر: “حرصا منا على ألّا تخسر أكثر، يجب نقل استثمارك من دولة معتدية على دولة أخرى، فالاستثمار فيها محفوف بالمخاطر كالإمارات والسعودية”.

وتطالب الجماعة المدعومة من إيران بمنح “الشعب اليمني حقه في استغلال ثروته النفطية لصالح راتب موظفي الدولة”.

ويرى محللون أن الحوثيين يمارسون عملية “ابتزاز سياسي” لأجل تحقيق مآربهم، لكن المؤيدون للجماعة اليمنية يقولون إن ذلك “حقوق مشروعة”.

وقال مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، إن الحوثي “يعتقد أن هذه ورقة رابحة للضغط على كل الأطراف مع هشاشة أسواق الطاقة الدولية والاهتمام الدولي” بقضايا الطاقة حاليا.

في حديثه لموقع قناة “الحرة”، يعتقد المذحجي أن الحوثي “في حال لم يحصل على ما يريد، سيفعلها وهو اعتاد على أن المجتمع يخضع لابتزازه”.

والأحد، انتهت الهدنة التي كانت سارية في اليمن منذ ستة أشهر بعد عدم توصل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين إلى اتفاق على تمديدها، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.

“فاتورة التنازلات القديمة”

وأثار ذلك مخاوف من عودة المعارك في البلد الذي يشهد نزاعا داميا منذ 7 أعوام وأسوأ كارثة إنسانية، بحسب الأمم المتحدة.

ويصف المحلل السياسي السعودي، حسن المصطفى، أن التهديدات من الحوثي بـ “الابتزاز السياسي والأمني”. وقال لموقع “الحرة” إن الجماعة اليمنية تعتقد أن بإمكانها دفع “الرياض وأبوظبي للتراجع والقبول بشروط حوثية غير منطقية وغير عادلة”.

رفض الحوثيون خطة المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، لتمديد الهدنة التي انطلقت على أساس أن تستمر شهرين ثم تم تجديدها على مرحلتين، إلى فترة ستة أشهر وتوسيعها لتشمل نقاط اتفاق جديدة.

لكن الحوثيين طالبوا بدفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين المتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم “بدون تمييز”، ما يعني أن تقوم الحكومة اليمنية بدفع رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا وعسكرييها.

وقال المذحجي إن “ما لم يحصل عليه الحوثي بالسلاح يريد أن يحصل عليه بالابتزاز”.

وأضاف أن “المجتمع الدولي لطالما استجاب لهذه السياسة”، مشيرا إلى أن الأطراف الدولية عليها “دفع ثمن فاتورة سياسة التنازلات القديمة”.

وعلى الجانب الآخر، قال المحلل السياسي، حامد البخيتي، إن مطالب الجماعة اليمنية “مشروعة”، مردفا: “مثلما حققت الأطراف مكاسب سياسية، يحق لأنصار الله أن يحققوا مكاسب تحظى بشعبية في الداخل”.

وقال لموقع “الحرة” إن مطالبات الحوثيين معيشية “تلبي تطلعات المواطن اليمني، لا سيما الرواتب وفتح الموانئ والمطارات … هذه مطالب يفترض على الحكومة الشرعية المطالبة بها”.

وقد تعود المعارك في أي لحظة بعد انقضاء الهدنة الأممية، خاصة قرب مدينة مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال ومفتاح موارد اليمن النفطية، وكذلك تعز التي يحاصرها الحوثيون في جنوب شرق البلاد.

ويرى الباحث في مركز “مالكوم كير-كارنيغي” ومقره بيروت، أحمد ناجي، أن الهدنة “فشلت بسبب خلل التوازن في طرفي معادلة الحرب”.

في حديثه لوكالة فرانس برس، يتوقع ناجي “استمرار الاتصالات المكثفة لإقناع الحوثيين بتجديد الهدنة”، ولكنه أشار إلى أنه “في حالة الوصول الى طريق مسدود، فإن الحرب ستشهد جولة جديدة من المواجهات العسكرية أكثر ضراوة من ذي قبل”.

بدوره، رجح البخيتي عودة العمليات العسكرية كأحد الخيارات في حال تم رفض شروط الحوثي”، مشيرا إلى ضرورة “القبول بمطالبات أنصار الله الواقعية”.

ومنذ الثاني من أبريل، سمحت الهدنة التي تم تمديدها مرتين، بوقف القتال واتخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة لليمنيين الذين يعانون من الفقر والجوع.

وخلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون اتهامات بخرق وقف النار، ولم يطبق الاتفاق بالكامل وخصوصا ما يتعلق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز، لكنه نجح بالفعل في خفض مستويات العنف بشكل كبير.

وبينما قال المذحجي إن الحوثيين، برفضهم الهدنة، “حرموا الشعب اليمني من أكبر فرصة وأطول هدنة في تاريخ هذه الحرب”، اتهم المصطفى الحوثيين بالرغبة “في تسيد المشهد السياسي اليمني، حيث يرفضون الحوار الجاد مع بقية الفرقاء رغم أن مصلحة الجميع تقتضي أن يكون الحوار والشراكة السبيل لخروج اليمن من أزمته”.

“الحوثي سيدفع الثمن”

وسبق للحوثيين استهداف المنشآت النفطية في السعودية والإمارات. ففي العام الماضي وأثناء سباق الفورمولا 1 بجدة غرب المملكة، تعرضت منشأة تخزين نفط تابعة لشركة أرامكو لهجوم عبر طائرة مسيرة مما أثار مخاوف أمنية لدى السائقين.

لكن الهجوم الأكبر وقع في العام 2019، عندما استهدف الحوثيون منشآت تابعة لشركة أرامكو في بقيق وخريص، مما قلص من إنتاج السعودية النفطي بواقع النصف، بحسب الشركة العملاقة المملوكة للدولة.

وآنذاك، اتهم وزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، إيران بالوقوف وراء ما أسماه “هجوم غير مسبوق على إمدادات الطاقة في العالم”.

وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي الإماراتي، رعد الشلال، أن الحوثي يمكن أن ينفذ تهديداته بالفعل على منشآت الطاقة السعودية والإماراتية على اعتبار أنه “يتلقى أوامره من طهران”.

وعلى الرغم من أنه اتفق مع الرأي الذي يقول إن الحوثي “يمارس الابتزاز”، إلا أن الشلال يعتقد أن أي هجوم على منشآت الطاقة “سيقصم ظهر الحوثي”.

وقال لموقع “الحرة” إن “العالم يعاني من الطاقة، والمساهمة في زيادة الازمة على شعوب الدول المختلفة بما في ذلك أوروبا سيكون له عواقب عواقبه سياسية وعسكرية سيدفع الحوثي ثمنها”.

وكان الحوثيون قد استهدفوا أبوظبي في مطلع العام الجاري في 3 عمليات منفصلة بطائرات مسيرة أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.

ونددت الإمارات في ذلك الوقت، بما وصفته بـ “اعتداء حوثي آثم” على منشآت مدنية بالعاصمة، بعد مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين في انفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات تابعة لشركة نفط أبوظبي الوطنية “أدنوك”.

وقال الشلال إن “السعودية والإمارات تتعامل مع تهديدات الحوثي على محمل الجد”، مضيفا أن الدولتين “تملكان قوة عسكرية لا يمتلكها الحوثي”. ووصف هجمات الحوثي بـ “الإزعاج” التي ليس لها آثار مدمرة، وفق تعبيره.

من جهته، قال المصطفى إن “السعودية سوف تدافع عن نفسها من خلال منظومة الإنذار المبكر التي تمتلكها، والتي تصد اي صواريخ أو مسيرات تستهدف المملكة”.

وأضاف أن الرياض “لن تقف تتفرج، وقد تعمل على ضرب القواعد العسكرية ومخازن العتاد التي تنطلق منها العمليات العدائية ضد المملكة” حال ضرب الحوثيون المصالح السعودية.

وقبل أيام من انطلاق كأس العالم في قطر التي تستعد لاستقبال أكثر من مليون زائر، تثير تهديدات الحوثي مخاوف من احتمالية التصعيد في المنطقة بعد 6 أشهر من وقف إطلاق النار.

تعليقا على ذلك، قال المذحجي إن الحوثي “يرى أن هناك احتياجا إقليميا لتثبيت الهدنة ولذلك يمارس السلوك الابتزازي الذي سبق له ممارسته”.

 

Back to top button