ماذا لو كان حقل “قانا” لا يحتوي على الغاز؟

حتى الآن لم تجر أية عملية للاستكشاف أو الحفر ولبنان يستعد للتوقيع على اتفاقية مع إسرائيل

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

يستعد لبنان للتوقيع على اتفاقية ترسيم حدوده البحرية الجنوبية مع إسرائيل، في خطوة وصفت بـ”التاريخية”. وكان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية قد أعلن، في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، “أن الصيغة النهائية للعرض الأميركي حول ترسيم الحدود مرضية للبنان، وتلبي مطالبه، وتحافظ على حقوقه في ثرواته الطبيعية”. وبحسب وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، فإن “العمل جدي وهذا الملف إيجابي جداً للبنان، ليسمح لنا بالانتقال إلى مكان آخر، ويصبح على طريق الدول النفطية”. لكن لبنان كان قد بدأ اهتمامه بالنفط والغاز منذ عهد الانتداب الفرنسي، إلا أن ظروف الحرب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي، وصعوبة استخراج الغاز حينها، عوامل أخّرت عمليات التنقيب والبحث. ويعود اكتشاف النفط في لبنان إلى العام 1938 حيث أعطي أول امتياز للتنقيب عن النفط إلى شركة “بترول لبنان”، وأكّدت دراسات أن بحره يعوم على غاز يفوق 122 تريليون قدم مكعبة و30 إلى 40 بليون برميل من النفط الخام.

سوسن مهنا

المناطق البحرية الاقتصادية

وتضم المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان 10 مناطق بحرية، وأُسندت عمليات البحث في قطاعين منها (قطاع رقم “4” وقطاع رقم “9”) إلى ائتلاف من ثلاث شركات، هي “توتال” الفرنسية، و”إيني” الإيطالية، و””نوفاتك” الروسية، وانسحبت الأخيرة، في أغسطس (آب) الماضي، أخيراً لتؤول حصتها إلى الحكومة اللبنانية.

وبحسب موقع “الطاقة” المتخصص في أخبار الطاقة، كان لبنان قد أعلن في أبريل (نيسان) 2020، أن عمليات الحفر الأولية في منطقة امتياز رقم “4” قد أظهرت آثاراً للغاز، لكنّها لم تكن تملك احتياطيات تجارية، ولم يبدأ الاستكشاف في منطقة امتياز رقم “9” الذي يقع جزء منه في المنطقة المتنازَع عليها مع إسرائيل، ويقصد بـ “الاحتياطيات التجارية” كميات النفط والغاز المجدية اقتصادياً إذ إن الإيرادات من بيع النفط والغاز تغطي التكاليف، وتحقق عائداً مجزياً للمستثمرين.

كما أطلق لبنان، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، المرحلة الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية، والتي كان قد مدد تقديم طلبات الاشتراك بها من قبل شركات النفط والغاز بحلول 15 ديسمبر (كانون الأول) 2022. وتتضمن المناطق المفتوحة للمزايدة ثماني رقع من أصل 10 رقع إذ جرت المزايدة على الرقعتين “4” و”9″ في دورة التراخيص الأولى. وأكد الباحث في شؤون الغاز والهيدروجين في “أوابك” وائل حامد عبد المعطي في تغريدات عبر حسابه الرسمي في “توتير” أن احتياطيات الغاز في لبنان كافية لسدّ احتياجاته من الطاقة وتصدير الفائض مستقبلاً. وقال إنه “على مدار العقدين الماضيين، جمعت بيانات المسح السيزمي ثنائي وثلاثي الأبعاد في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها 22 ألفاً و730 كيلومتراً مربعاً، وبحسب المعطيات الأولية، 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز في الركن الجنوبي الغربي”. وأضاف “بتقديري، في حال نجح لبنان، خلال السنوات القليلة المقبلة، في استخراج الغاز من مياهه الاقتصادية (المنطقة الاقتصادية الخالصة) سيكون لاعباً مهماً على المسرح الإقليمي، وموقعه الجغرافي يؤهله لذلك”. وأشار إلى امتداد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان على 30 في المئة من حوض “ليفانت” الروسوبي الغني بالغاز.

أماكن تواجد النفط في لبنان

وتكشف دراسات للعالم والمخترع اللبناني الراحل غسّان قانصوه عن وجود كميات من النفط في لبنان، ولا سيما في المناطق الواقعة بين البترون وطرابلس في المياه الإقليمية اللبنانية. وبعد المسح الحديث توصّل الخبراء إلى وجود النفط في ثلاث مناطق لبنانية: البترون – شكا (شمال)، والتي تمتد حتى جبل تربل وفي منطقة راشكيدا البترون، ومنطقتا سحمر ويحمر في البقاع (شرق)، ومنطقة عدلون (جنوب).

حقل “قانا”

وتقع “قانا” البلدة على مسافة 13 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة صور جنوب لبنان. ويقع حقل “قانا” في منطقة يتقاطع فيها الخط “23” مع الخط رقم “1”، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتدّ بعض الشيء أبعد من الخط “23”، وهي المنطقة التي تقع ضمن مساحة 860 كيلومتراً مربعاً، والتي كانت ضمن النزاع مع إسرائيل. و”قانا” هي بلدة في الجنوب اللبناني ارتكبت فيها إسرائيل مجزرة عام 1996 في عملية “عناقيد الغضب”.

وأظهر مسح زلزالي في منطقة قريبة من الشاطئ اللبناني عام 2012 وجود مخزونات من الغاز قدرتها حينها شركة “بريتش سبكتروم” بنحو 25 تريليون قدم مكعبة. وأظهرت عمليات حفر أولية عام 2020 لمناطق بحرية جنوب لبنان وجود مخزونات من دون التحقق من كمياتها. هذه المنطقة موضوع المسح جنوباً باتت تعرف باسم حقل “قانا” أو حقل صيدا – قانا، ويتخطى هذا الحقل المربع رقم “9” والخط “23” البحري. ووفق هذه المعطيات، تتضمن مسودة الاتفاق الأميركي نيل لبنان النفط والغاز من الحقل كاملاً، على أن تعوض شركة “توتال” الفرنسية إسرائيل من أرباحها إذا أثمرت عمليات التنقيب عن كميات من الغاز، وحقل “قانا” هو الذي سيتحول إلى نقطة أساسية في عمليات التنقيب التي ستقوم بها الشركة، لكن العملية هذه ستستغرق بضع سنوات قبل بدء الاستخراج أو الانتاج في ظل غياب البنية التحتية حتى الآن لإطلاق العمل رسمياً في الحقل.

تسمية الحقل

في مقال للعميد المتقاعد والباحث العسكري إلياس فرحات يقول “جرت العادة أن تعبير الحقل النفطي أو الغازي (البحري) يُطلَق على مسطح مائي جرت فيه عمليات متدرجة من مسوحات واستكشاف، ثم حفر وتنقيب واستخراج، وتبين بنتيجة هذه العملية وجود مواد هيدروكاربونية أي نفط وغاز في مكمن معين، وعندها يُعطى تسمية معنية، لكن أن يطلق الاسم على حقل قبل هذه العمليات كلها، فهذا أمر غير مسبوق أبداً. بالتالي، علينا أن نتساءل من اكتشف هذا الحقل؟ ومن أعطاه هذا الاسم؟ ومتى حصل هذا الاكتشاف؟ ولماذا لم يعلن في حينه ولماذا جرى تسريب التسمية (حقل قانا) بحياء وخفر؟ لنبدأ من السؤال البديهي: هل جرت أعمال استكشاف أو حفر في ما يسمى “حقل قانا”؟ يجمع المعنيون أنه لم يجر حتى الآن أي حفر في المسطح المعروف حالياً بـ”حقل قانا”، وهو عملياً قسم من مسطح البلوك رقم 9، مع إضافة إليه جنوب الخط 23، أما حقل كاريش الذي يوضع قبالته، فقد جرت فيه أعمال استكشاف وحفر منذ عام 2018، وتبين وجود مواد هيدروكاربونية فيه، وأخيراً، حضرت عوامة من نوع FPSO من أجل استخراج النفط والغاز المكتشف ونقله”.

تقديرات مخزون حقل “قانا”

وتقتصر التكهنات بوجود غاز في حقل “قانا” على الدراسات والمسوحات الزلزالية، ويقدر خبراء حجم احتياطات حقل “قانا” من الغاز بأنها توازي أو تفوق احتياطات حقل “كاريش” الإسرائيلي المؤكدة، والتي تصل إلى 1.3 تريليون قدم مكعبة. وحتى الآن، لم تجرِ أي عملية حفر أو تنقيب في حقل “قانا”.

في المقابل، أفاد موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي نقلاً عن أربعة مسؤولين حضروا اجتماع الكابينت (المجلس الوزاري الأمني المصغر)، بأن مدير وزارة الطاقة ليئور شيلاط قال إن تقديرات وزارته وشركة “توتال إنرجي”، التي تمتلك امتياز التنقيب عن الغاز في حقل “قانا” المتنازع عليه، تشير إلى أن الربح المحتمل من المنطقة المعنية يبلغ ثلاثة مليارات دولار فقط. كما نقلت القناة “13” عن شيلاط قوله للوزراء “من المحتمل أن يكون حقل قانا جافاً تماماً”. وبحسب “والا”، فقد أوضح شيلاط أن “إسرائيل لن تتمكن من معرفة الأرقام الدقيقة حتى يبدأ الحفر في الموقع”، إذ إن الرقم المعروض كان أقل بكثير من التقديرات الأخرى المنشورة في وسائل الإعلام، ووضعت صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية اليومية الأرباح المحتملة عند حوالى 20 مليار دولار، في حين أنه إذا تمّ العثور على الغاز في الحقل، فسيتم تقسيم الأرباح بين إسرائيل ولبنان و”توتال إنرجي”. لكن بحسب مصادر الشركة الفرنسية “فأمامها ثلاث سنوات لحفر بئر في حقل قانا، وبعدها يظهر حجمه وقيمته وتكاليف استثماره بشكل دقيق”.

Back to top button