أميرال الطيور محمد علي شمس الدين

النشرة الدولية –

الأفضل نيوز – نسرين عبدالله   –

الشَّاعر اللُّبنانيُّ العامليُّ محمد علي شمس الدِّين، ولد عام 1942م في قرية بيت ياحون في قضاء بنت جبيل بجنوب لبنان، وقد نشأ في بلدة عربصاليم قرب النبطية وفيها كَبُر، وتوفي في أيلول ٢٠٢٢.

حاز شهادة دكتوراه دولة في التاريخ من الجامعة اللبنانية، كما حمل إجازة في الحقوق.

عرَّف شمس الدِّين الشِّعر بأنه، جرحٌ من أقدم جروح الغيب، فأنت تخال نفسك تقبض على عنق الشِّعر، وفي الواقع أنت تقبض على الظلِّ.

تأثر بأبي العلاء المعرّي وأبي حيان التّوحيديّ، وألبير كامو والشيرازي.

آمن بأن القصيدة استحقاقٌ لصاحبها ولقارئها، هي تختار القارئ وليس العكس.

لا تستطيع وأنت تتنقل بين مروج شعره، إلا أن تستشعر تطويع شاعرنا لنواحي التعبير، فمن رَحِم المحنة كانت منحة شاعرنا الحصيف، نقرأ آلامه باستمتاع، ونتجرَّع معه المرارة بتلذُّذٍ.

هو إن ضاق به الكلام هرب إلى الشعر، الذي يفتنه بما فاض عن حاجة التعبير، فيخلق في الكتابة ما تعفّ عنه الآلهة وما يسهو عنه العابرون، ويلقي بشباك لغته على المعاني التي تتشمَّس في العراء.

هو إحدى الشخصيّات القلقة في شعرنا المعاصر، لكنّنا لا نعدم في رؤيته للعالم مخايل الإيمان والحبّ والأمل. لذلك نشعر، ونحن نقرأ شعره، بأنّه قريبٌ منّا، قريبٌ من روحنا اليوم، وهي تواجه عالماً أقلّ أماناً وأكثر جشعاً وعنفاً. يؤمن بأنّ القلبَ البشريَّ هو المستقبلُ، وسوف يهضم الآلة العنكبوتية التي أدخلتنا في حياة قاسية من العلاقات والأسئلة. وما دام الأمر كذلك، فإنّ القصيدة تظلّ حيّةً مثل «برق في ثياب الشجرة»، بعبارته هو، التي يحملها ديوانه وهو في الطريق إلينا.

«الشعر العميق هو شعرٌ استراتيجيٌّ لا يلحق بالحوادث بل يسبقها»، وأنّ مازال أمامه الكثير ليقوله رغم الشيخوخة التي لم تزِدْ قصيدته، بغنائيّتها الخاصة وبرقها الموجع، إلّا خِبْرةً وحيويّةً وشباباً.

بدأ الكتابة باكراً، في الثانية عشرة من عمره، كان أليف البراري والأصوات في ريف ساحر في قريته (بيت ياحون) في الجنوب اللبناني. كان في فردوس ما، حاول التعبير عنه بالكلمات، ومن بعد ذلك حاول استعادته بالشِّعر. بدأْ بالقصص القصيرة، ثُمّ بالحكَم والأقوال المختزلة، ثُمّ وصل إلى القصيدة. القصيدةُ جاءت نتيجة احتكاكه الجسديّ بالعناصر المحيطة به، والإحساسي والعقلي بشؤون كثيرة وكبيرة منها الله، والخَلْق، والرُّوح والحبّ.

سيرته، مكتبة شعرية تخطت النصف قرن لحلاج زماننا، صدر له أكثر من ثلاثين عملًا أدبيًّا، إضافة إلى السيرة والمقالات، حيث لقي شعر شمس الدّين رواجًا واسعًا في لبنان والبلاد العربية، وصدر له عدد من الأعمال الشعرية والنثرية، فضلا عن القصصية والكتابات النقدية والمقالات في عدة صحف ومجلات لبنانية وعربية، نذكر منها:

قصائد مهرّبة إلى حبيبتي آسيا

غيم لأحلام الملك المخلوع

أناديك يا ملكي وحبيبي

الشوكة البنفسجية

طيور إلى الشمس المرّة

أما آن للرقص أن ينتهي

أميرال الطيور

ممالك عالية

النازلون على الريح

اليأس من الوردة

كرسي على الزبد

الإصلاح الهادئ (بحث تاريخي)

غنوا غنوا (قصص للأطفال)

قصة ملونة (قصص للأطفال)

الكشف والبرهان ونقيضه دار الرافدين – 2020 (نظرات في الشعر والرسم والنحت والموسيقى والفلسفة)

أكثر ما يخيفه القصيدة، فمال معها إلى الإيحاء بالصمت أو بالإشارة، وعاش الصراع بين أن يقول ولا يقول.

نبكيك بصوتك…

كأنهم لم يموتوا بل رأوا حلما…

جاوزت حزنك لا بأسا ولا ندما. دمع على الدمع إن خالطته انسجما

لو أن قبرك يدري من يحل به لكان استشرق وجه القبر وابتسما

بك تجلت آية الكلمة..

يقول عنه المستشرق الإسباني ( بدرو مونتابيس ): يبدو لي أن محمد علي شمس الدين، هو الاسم الأكثر أهمية، والأكثر وعدا في آخر ما كتب من الشعر اللبناني الحديث، في هذا الشاعر شيء من المجازفة مكثف وصعب، لاسيما أنه عرضة لكل الاشراك، شيء ما يبعث على المجرد المطلق، المتحد الجوهر اللاصق بالشعر في أثر شمس الدين، وقلة هم الشعراء الذين ينتصرون على مغامرة التخيل، ويتجاوزون إطار ما هو عام وعادي، وهؤلاء لا يعرفون ان مغامرتهم مجازفة كبرى، لكنهم يتقدمون في طريقها.

 

بأمان الله الشاعر المقاوم محمد علي شمس الدين…

وقف على ناصية القلم وكان حرفا على جبين الأرز.

زر الذهاب إلى الأعلى