20 فناناً يوثقون في دبي «وقائع آسيا المؤلمة»

النشرة الدولية –

الإمارات اليوم – ديانا أيوب –

من النصوص والرسومات واللوحات والأعمال التركيبية وكذلك الفيديو والصوت، قدم 20 فناناً أعمالهم التي ترصد وقائع وأحداثاً مؤلمة، وتحولات صادمة في دول جنوب آسيا، وذلك في معرض جماعي افتتح أخيراً في مركز جميل للفنون بدبي، حمل عنوان «مقترحات نصب تذكاري للتقسيم»، تحت إشراف القيّم مرتضى فالي.

يستطيع أن يتأمل المتلقي الأشكال المتباينة للنصب التذكارية التي كان يمكن لها أن تقام، فيما لو طلب من المشاركين تقديمها، إذا عمدوا معالجة الأحداث السياسية من خلال رؤى فنية تتخطى في هذا الحدث التاريخي كل الوقائع المؤلمة.

يشارك في المعرض الذي يستمر حتى 19 فبراير، فنانون معروفون وأصوات ناشئة تظهر في الشرق الأوسط لأول مرة

يأتي المعرض كما لو أنه العين الشاهدة على الأحداث التي وقعت منذ ما يقارب 75 عاماً، لاسيما أن عدد الشاهدين على هذه الأحداث يتضاءل مع مرور الزمن، فالمعرض أشبه بمستودع عاجل يجمع التواريخ والأفكار في عملية تخليد مستمرة ودائمة التغير. ويرصد الفنانون من خلال الرسومات والتراكيب الصوتية أو الفيديو، الأحداث التي وقعت في أعقاب الحكم الاستعماري البريطاني، وذلك في عام 1947، حين أدت هذه الفترة الحاسمة إلى التقسيم، ونشأ عنها أشكال التشتت والهجرة والصراع وبناء هويات معقدة امتدت لعقود. تجسد الأعمال الموجودة في المعرض، الندوب التي حفرت في مجتمعات وشعوب شبه القارة الهندية، حيث يتولى الفنانون مهمة تصوير النصب التذكارية لحدث تختلف فيه الآراء وتتراكم حوله التفسيرات المتضاربة.

وتؤكد مقترحات الفنانين استحالة أن يُعبر نصب تذكاري واحد أو رواية موحدة عن كل تلك الأحداث، فالأعمال تحمل الأشكال الساخرة، وكذلك الجدية والمؤلمة، أو حتى الغارقة في الشكل الرسمي، فهي تحملنا على متن الذاكرة والماضي إلى توغل عوالم فنية مختلفة. وقدم الفنان عزيز هزاره، مجموعة صور فوتوغرافية تشير إلى أنواع الألعاب التي كان أفراد البلوش والبشتون يلعبونها أثناء انتظارهم لعبور الحدود العسكرية، بينما يدعو العمل التعاوني للفنانة شيلبا غوبتا أكثر من 100 شخص لرسم خريطة لبلادهم من الذاكرة، ويعكس في الأخير تجمعهم الهش لتغيير الحدود القومية والانتماء.

في المقابل نجد الفنان فهد بركي يعتمد وبشكل كبير على السخرية في عمله، ليسلط الضوء على التناقض بين المثل العليا وكيفية تطبيقها. تأتي الأعمال بمجملها كأسلوب تراكمي يعالج الذكرى، حيث تعرض مجموعة من الأعمال الجديدة إلى جانب القديمة، مُترجمة من اللغة الإنجليزية إلى البنغالية والهندية والكانادية والأردية، وموزعة في أرجاء المعرض، وخصوصاً من خلال مشاركات سيهير شاه وشيلبا غوبتا بمقترحات جديدة بعد 11 عاماً من مقترحاتهم الأولى، وقد تناولت المقترحات الجديدة المشهد السياسي المتغير من جهة، والأساليب الجديدة في ممارساتهم الفنية من جهة أخرى.

وتحدث القيم على المعرض مرتضى فالي، لـ«الإمارات اليوم»، وقال: «في أغسطس الماضي، حلت الذكرى 75 للتقسيم الذي حصل في العام 1947، حين فصلت الهند وتم تأسيس باكستان، وقد شهدت الأحداث الكثير من العنف، وكان لهذه الوقائع الكثير من الجوانب المأساوية، إذ كان لافتاً بالنسبة لي أنه ليس هناك من متحف يخلد هذه الحادثة، ولهذا طلبت من الفنانين العمل على هذا الموضوع». وأضاف فالي: «يوجد في المعرض الكثير من الرسومات (سكيتش)، والتي تعتبر بداية أي عمل فني، وهذا يعود إلى أن العنوان الرئيس للمعرض هو مقترحات نصب تذكارية، وهذا يقود إلى أن الأعمال الموجودة هي مشروعات قابلة للتطور والتغير».

ونوه بأن الفن حين يتحدث عن السياسة يقدم الكثير من الأحداث بشكل جديد ومختلف، فالسياسة تبني رؤية الأوطان، والفن يعمل على تقديم الأوطان بأشكال أكثر نعومة، وكذلك بشكل يحرض على التفكير الأصح ورؤية الوقائع من منظور جديد. وأكد أن العمل على جمع أعمال من وسائط شديدة التباين، كان مهمة معقدة، ولهذا تم جمعها بشكل يتيح للمتلقي رؤية الاختلاف في الوسائط وفي تعاطي الفنانين معها. برامج عامة يرافق معرض «مقترحات نصب تذكاري للتقسيم» مجموعة من البرامج العامة الموسعة مثل المناقشات والندوات والأفلام وفرص تعليمية متنوعة لجميع الأعمار، خلال فترة المعرض التي تستمر ثمانية شهور. ويذكر أن القيم على هذا المعرض مرتضى فالي المقيم في نيويورك، والذي يسهم بانتظام في برامج فن جميل، كان قيما فنياً لعرض مركز جميل للفنون الافتتاحي عام 2018 «خام»، وغيرها من المشروعات مع بينالي الشارقة.

زر الذهاب إلى الأعلى