في مستقبل المشهد السياسي العراقي.. المجهول والأزمة!
بقلم: حسين دعسة
النشرة الدولية –
عاد مشهد الارتباك والخوف ينتشر في القراءات السياسية والامنية التي تتابع الأوضاع الداخلية والخارجية والإقليمية، في وقت قالت فيه بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، إنه بعد عام على الانتخابات العراقية، الأمم المتحدة تدعو الجهات الفاعلة إلى الانخراط في حوار بهدف تلبية احتياجات الشعب العراقي.
البيان “الإشكالي”، لبعثة (يونامي) في العراق، وضع الأمم المتحدة في مواجهة مع الإدارة العراقية (…)، أو ما أطلقت عليه البعثة بـ [الجهات الفاعلة].
خلاصة البيان، الدعوة إلى: الانخراط، في حوارٍ دون شروط مسبقة والاتفاق بشكلٍ جماعي على النتائج الرئيسة من خلال تقديم تنازلات تعيد التأكيد على هدفها المعلن ألا وهو تلبية احتياجات الشعب العراقي وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وفاعلة.
.. (يونامي)، لفتت إلى أن العراقيين توجّهوا قبل عام إلى صناديق الاقتراع على أمل رسم مستقبل جديد لبلاده.
أُجريت الانتخابات بصعوبة بالغة، بحسب وصف البعثة، وانها: “جاءت نتيجة للضغط الشعبي من خلال احتجاجات عمّت أرجاء البلاد ولقي فيها عدة مئات من الشباب العراقيين حتفهم وأُصيب الآلاف”.
*طريقٍ نحو الاستقرار السياسي.
اعتبرت الأمم المتحدة، من خلال بعثتها، ان الطريق نحو الاستقرار في العراق، مسألة “وقت” قد يكون ضائعا الآن، وأنه: ليس لدى العراق الكثير من الوقت، “فالأزمة التي طال أمدها تنذر بمزيد من عدم الاستقرار والأحداث الأخيرة دليلٌ على ذلك. وتهدد أيضا سُبُل عيش المواطنين. وعليه، يمثل إقرار ميزانية 2023 قبل نهاية العام أمرا ملحا”.
كما كشفت عن الجهود الدؤوبة (…) التي بُذلت في الأسابيع والأشهر الماضية لجميع الجهات الفاعلة للشروع في طريقٍ نحو الاستقرار السياسي، ولكن دون جدوى، مشددة على أن الوقت قد حان الآن بأن تتحمل الطبقة السياسية المسؤولية ومطابقة الأقوال مع الأفعال، وخلال حديثها في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، جددت الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق، جنين هينيس-بلاسخارت دعوتها للقادة العراقيين إلى أهمية الشروع في مسار نحو تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، كي يبعدوا البلاد عن حافة الهاوية.
المجموعة العمومية للأمم المتحدة، استمعت إلى نتائج البعثة التي صدمت المجتمع الدولي ودول المنطقة والإقليم، بالذات القول: أن بمقدور أي زعيم عراقي أن يجر البلاد إلى صراع ممتد ومهلك، كما أن في مقدوره أن يضع المصلحة الوطنية في المقام الأول وأن ينتشل البلد من هذه الأزمة.
*برهم صالح يدعو القوى النيابية لتشكيل حكومة
في تزامن واضح مع بيان (يونامي ) دعا الرئيس العراقي برهم صالح، القوى السياسية لإنهاء الأزمات وتشكيل حكومة.
وقال إنه بعد مرور عام على الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من تشرين الأول 2021، دون اكمال استحقاقاتها الدستورية، هو تذكير قاس بما فاتنا من فرص ضائعة، فقد ان الأوان قد آن لإنهاء دوامة الأزمات والتأسيس لحكم رشيد.
في خلاصات أعلنها المشهد العراق، تبدو الأوضاع في العراق وفق ما أفرج عنه المشهد :
*أولا: الاجتماعات الماراثونية والوساطات الاستثنائية
عام مضى على الانتخابات المبكرة وتشكيل الحكومة لازالت متأخرة وفشلت القوى السياسية حل خلافاتها بالرغم من الاجتماعات الماراثونية والوساطات الاستثنائية المحلية.
*ثانيا: ائتلاف إدارة الدولة
اجتماع ساخن جمع القوى السياسية عدا التيار الصدري يوم السبت وتم تثبيت الرأي بوجوب المضي نحو تحديد الجلسة لانتخاب رئيس الجمهورية
الاجتماع، بحسب مصادر المشهد السياسي، قرر ارسال وفد رفيع الى أربيل لمحاورة زعيم الحزب الديموقراطي وحثه على الاتفاق مع الاتحاد الا ان مهمتهم صعبة للغاية
*ثالثا: المشهد الشيعي- الإطار
شهد الإطار، تحولا كبيرا نحو وحدة القرار بعد ان تيقن بعض قياداتهم استحالة تغير المرشح، فاصبح الجميع يغرد على نفس النغمة وهي المضي نحو تشكيل الحكومة، ويعتقد الإطار بإمكانهم جمع النصاب المطلوب مع الشركاء لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وان لم تحضر بعض القوى
*رابعا: التيار الصدري
من واقع الرؤية، يؤكد المشهد، ان لا تغير في موقف التيار ولا حوار مع الاطار، كما أن الإشارات المرنة التي تخرج من قيادات الخط الأول تتناقض مع الموقف المتشدد لزعيم التيار الذي لا يقبل الجلوس مع قيادات الإطار.
*خامسا: المشهد الكردي
لا تغيير في المشهد الكردى، ولازال الاتفاق بين الحزبين بعيدا إلا أن الديموقراطي طرح أفكار جديدة حول اختيار مرشح رئيس الجمهورية، ذلك أن الحسم المتوقع، داخل الكتلة البرلمانية، أو داخل برلمان كردستان، ويقول المشهد ان هذه الأفكار، رفضها الاتحاد لانها تصب في مصلحة الديموقراطي ولا تراعي توازن القوى في الإقليم.
*سادسا: موقف المجتمع الدولي.
أصدرت بعثة الأمم المتحدة بيانا صريحا بمناسبة مرور عام على الانتخابات، و ايدت كل من فرنسا وبريطانيا ما جاء في بيان الامم المتحدة باصدار بيان لكل منهما.
عمليا:تحذيرات المجتمع الدولي لا تأتي من فراغ، ولديهم مخاوف كبيرة حول تأخير تشكيل الحكومة وخصوصا بعد مرور عام على الانتخابات والبلد يعيش حالة شلل تام.
.. مع الإشارة إلى أن بيانات المجتمع الدولي تتزامن مع مقررات اجتماع ائتلاف إدارة الدولة وهذا دليل انه تم اتخاذ القرار على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة
*تساؤلات العمة … بلاسخارت!
.. تحت هذا العنوان كتب المحلل السياسي العراقي “مازن صاحب”، تعليقا عل بيان (يونامي)، وقال:
ليست المرة الأولى التي تنتقد فيها ممثلة الأمم المتحدة في العراق ( فشل العملية السياسية) لكن مضمون النقد كان بأوضح العبارات وادقها في إحاطتها الأخيرة امام مجلس الامن الدولي.
“صاحب”، لفت إلى أن الموقف :يأتي هذا الإفصاح المباشر بلغة دبلوماسية قاسية وسط أوضاع تعكس حالة الإحباط عند المجتمع الدولي، فإذا يفترض بالأمة العراقية صعود الجبال حين يستجيب القدر، فان الحلول المطروحة معروفة أما بقيادة العراق بحدوده الجغرافية الدولية المعروفة او ان يعيش بين الحفر حينما لا يستطيع من يتصدى بعنوان ( قادة) التعامل مع بحور الأزمات نحو شاطئ الأمان الإنساني أولا بعنوان كبير (عراق واحد وطن الجميع) .
.. وفي إشارات ذكية قال مازن صاحب، ان بلاسخارت، حددت تساؤلاتها عن ضمانات الانتخابات المقبلة بقولها ((ما هي الضمانات بأن إجراء انتخابات وطنية جديدة لن يذهب سدى مرة أخرى؟ كيف سيقتنع المواطنون العراقيون بأن الأمر يستحق الإدلاء بأصواتهم؟ وما هي التطمينات التي يحتاجها المجتمع الدولي لتقديم الدعم للانتخابات الجديدة؟)) فأنها تعكس وقائع أسسها الآباء المؤسسون لعراق ما بعد 2003 حيث كان الاتفاق على تطبيق مبدأ (الفيدرالية لكردستان والديمقراطية للعراق) ثم انزوى هذا المبدأ من سياقات تطبيق البرامج الحكومية باتجاه حكومة المكونات القومية والطائفية وبات من المقبول أن يتحدث الساسة عن هويتهم الكردية قبل انتمائهم العراقي او نفط الشيعة قبل نفط العراق أو حقوق السنة قبل حقوق العراق، هذا التغييب المتعمد كليا في أخطاء التأسيس الدستورية، يلفت “صاحب” :لم يولد أحزابا عراقية بالعنوان القانوني المتعارف عليه في دولة لها عمق حضاري ومطلوب ارتقاء عنوان سيادتها في الوقت الحاضر تحت عنوان هوية وطنية دستورية.
اعبر المحلل، ناظرا إلى حال العراق اليوم: أن شعارات التحرر والانعتاق نحو فضاءات الحرية التي كان العراقي ينتظرها بعد أصبحت 2003 لم تكن نتائجها إلا محض هراء سياسي بعناوين براقة للديمقراطية بتطبيقات (مفاسد المحاصصة)، بعد أن أزيل منها “تطبيق المواطنة” واستبدلت هويتها بالهويات الفرعية، وانتهت الى حالة افتراء على التاريخ المعاصر!!
.. في الصورة، تحتاج العراق إلى جهد وطني عراقي مشترك، مع التزام عربي إسلامي، دولي، بدعم من الأمم المتحدة، لتكريس دولة العراق المعاصر، القوية، التي تخرج بجهود وطنية من عنق الزجاجة، نحو مواكبة العالم، ذلك أن أزمات دول الجوار والأحلاف الدولية والحرب الروسية الأوكرانية، تترك بصماتها على الوضع الجيوسياسي للمنطقة والإقليم.