اختبارات إجهاد على 50 مصرفا في أوروبا لمنع تكرار سيناريو ليمان براذرز

النشرة الدولية –

تواجه مجموعة كريدي سويس المالية وضعا صعبا في ظل سلسلة فضائح هزتها وتراجع قيمتها في البورصة إلى أقل من الثلث خلال عام ونصف العام.

وأحيا هذا الوضع في الأذهان ذكرى انهيار مصرف ليمان براذرز الأميركي، الضحية الأولى الكبرى للأزمة المالية التي عصفت بالعالم في عام 2008.

وأصدرت اللجنة الأوروبية حول المخاطر المؤسسية التابعة للبنك المركزي الأوروبي نهاية سبتمبر الماضي إنذارا غير مسبوق منذ أكثر من عشر سنوات إلى القطاع المالي الأوروبي.

ودعت المصارف إلى الاستعداد لـ”سيناريوهات مخاطر قصوى” ازداد احتمال حصولها منذ مطلع العام.

غير أن الخبراء أوصوا بعدم الاستسلام للذعر، معتبرين أن ثاني أكبر مصرف سويسري والنظام المالي المصرفي الأوروبي بمجمله أفصل تسلحا لمواجهة أزمة مما كانا في بداية السنة.

وعند اندلاع أزمة ليمان براذرز عام 2008، قررت إدارة الرئيس جورج بوش آنذاك أن تدعه يغرق على أمل أن تجعل منه مثالا، من دون أن تقدر كل العواقب المحتملة.

وأثار إفلاس الشركة الضخمة مخاوف في السوق من احتمال أن تتبعها مؤسسات أخرى، ما زاد من حدة المصاعب وحمل العديد من الدول على التدخل.

وفي هذا السياق، تم تفكيك شركة فورتيس البلجيكية الهولندية ووُضع فرعها البلجيكي تحت إشراف مصرف بي.أن.بي باريبا الفرنسي.

والأهم أن الدول اضطرت إلى اتخاذ تدابير عاجلة لإسعاف مؤسسات عديدة تعتبر “أكبر من أن يُسمح بسقوطها” إذ كانت ستتسبب في حال إفلاسها بانهيار النظام المالي بالكامل.

ومن بين تلك المؤسسات شركة التأمين الأميركية إي.أي.جي وبنك دكسيا الفرنسي البلجيكي، الذي لم ينجح بنهاية المطاف في تخطي أزمة الديون اليونانية.

غير أن عمليات الإنقاذ هذه كانت مكلفة جدا للمالية العامة ومهّدت لأزمة الديون التي تلتها وفرضت تبني سياسات تقشف مالي ولاسيما في أوروبا.

وبذلت المصارف في العقد الماضي جهودا هائلة لتوطيد متانتها في وجه أي أزمات قد تواجهها.

وقد تم رفع نسبة كفاية رأس المال التي يتحتم على المصارف الالتزام بها لضمان قدرتها على امتصاص خسائر محتملة بموجب القواعد التي وضعتها لجنة بازل للرقابة المصرفية.

وأعلنت كريدي سويس في نتائجها لمنتصف السنة الصادرة في نهاية يوليو الماضي عن نسبة ملاءة قدرها 13.5 في المئة.

وعلى سبيل المقارنة، تصل هذه النسبة إلى 12.2 في المئة لمصرف بي.أن.بي باريبا، و14.95 في المئة لمصرف يونيكريديت الإيطالي و13 في المئة لدويتشه بنك.

وأكد الخبير في وكالة موديز للتصنيف الائتماني آلان لوران أن نسبة الأصول هذه التي تسمح بمواجهة خسائر غير متوقعة “تعززت بقوة” بعد أزمة 2008 وتم تعديل طريقة احتسابها لجهة تشديد القيود على المصارف.

كما تفرض الهيئة المصرفية الأوروبية على خمسين مصرفا كبيرا في القارة الخضوع دوريا لاختبارات إجهاد.

وأظهرت نتائج آخر اختبارات نشرت في يوليو 2021 أن المؤسسات قادرة على امتصاص عواقب أزمة اقتصادية خطيرة دون تكبد خسائر كبرى.

إفلاس الشركة ليمان براذرز أثار مخاوف في السوق من احتمال أن تتبعها مؤسسات أخرى، ما زاد من حدة المصاعب وحمل العديد من الدول على التدخل

 

وفي ظل المخاوف من مفعول دومينو جديد سعى خبراء للطمأنة. وأكد غيوم لارمارو الشريك في شركة كولومبوس كونسالتينغ المكلف بالخدمات المالية لوكالة الصحافة الفرنسية أن كريدي سويس “تبقى مجموعة مالية متينة”.

كما لفتت فانيسا هولتز مسؤولة فرنسا في بنك أوف أميركا إلى أنه في حال قيام أزمة فإن “المتانة المالية للمصارف قوية جدا”، مشددة على أنه “تم استخلاص العبر بصورة جيدة من أزمة 2008”.

ثم إنه في حال إفلاس مصرف فإن القارة الأوروبية “باتت تملك إطارا” للخروج من الأزمة أيا كان حجمها، بحسب ما أكدت في فبراير الماضي رئيسة بنك سانتاندير الإسباني أنا بوتين التي تترأس لوبي المصارف الأوروبية.

وإن حاولت الحكومات كوسيلة أخيرة صرف أموال لإنقاذ مصرف، ثمة قاعدة جديدة تفرض في مرحلة أولى على المساهمين أو كبار الدائنين توفير التمويل، خلافا لما كانت عليه الحال قبل 2008. كما تساهم المصارف في صندوق أوروبي هدفه منع تكبّد دافعي الضرائب فاتورة باهظة.

زر الذهاب إلى الأعلى