السعودية انتصرت لذاتها.. وواشنطن عليها ان “تقلع شوكها بيدها”
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
حملة إعلامية مسعورة تقودها الولايات المتحدة بحق دول “الأوبك” وبالذات السعودية، والتي رفضت أن تُلبي طلبات واشنطن بزيادة إنتاج النفط لضرب الاسعار العالمية وإلحاق الضرر بروسيا، وهو قرار غير منطقي كان سيُلحق الضرر الأكبر بالدول المُنتجة للنفط “أوبك” وليس بروسيا وحدها، لتقوم الدول بقيادة السعودية بالإعلان عن تخفيض انتاجها في شهر نوفمبر القادم بمعدل مليوني برميل يومياً، وهو ما سيؤدي إلى الحفاظ على الأسعار وربما ارتفاعها، وهو ما أغضب الرئيس الأمريكي بايدن الذي خرج للعلن يهدد ويتوعد بطريقة هستيرية اثبتت عدم رجاحة السياسة الأمريكية القائمة على نظرية ” من ليس معي فهو عدوي”.
وترتعب العواصم الغربية من القرار كونه جاء في توقيت صعب على القارة الأوروبية والأمريكية بسبب دخول فصل الشتاء وحاجة هذه الدول للغاز والنفط، وكانت الدول الأوروبية تعتمد بشكل شبه كلي على الامدادات الروسية من الطاقة، وهذه الامدادات من المتوقع أن تتوقف في اي وقت بقرار روسي أو بسبب الأعطال المتعمدة في أنابيب النقل والتي لا زال فيها الفاعل مجهول، رغم أن جميعها تقع في المناطق التي تتبع السيطرة الامريكية، لتجد “الأوبك” ان الاستجابة للطلب الأمريكي بزيادة الإنتاج بمثابة انتحار اقتصادي لها، وسيعيدها إلى أزمة كتلك التي حصلت قبل خمس سنوات حين تم إغراق الأسواق بالنفط لعدم توصل دول “الأوبك” لاتفاق مع روسيا وكما حصل في عصر كوورنا، وهي مراحل لا تريد الدول العودة إليها كونها خسرت مليارات الدولارات بسبب تراجع الأسعار، وبالتالي لن تغامر بمستقبلها لأجل أوكرانيا والولايات المتحدة.
وتريد السعودية حماية اقتصادها من تداعيات الأزمات التي تصنعها الولايات المتحدة، وهذه حق لها لأن لديها مشاريع عملاقة تقوم بها ولا تريد أن تتوقف هذه المشاريع فجأة كما حصل سابقاً بسبب تراجع أسعار النفط، وهذه المشاريع في راي السعوديين أهم من توفير الخدمات المجانية لواشنطن وصناعة الأعداء من حرب لا ناقة للسعودية فيها أو جمل، وتريد واشنطن زيادة الإنتاج لضرب عصفورين بحجر واحد، بزيادة مخزونها الاستراتيجي بشراء نفط العالم باسعار رخيصة، ولضرب سعر النفط الروسي لتؤثر عليها اقتصادياً، وهذان أمران ليس للسعودية ودول “أوبك” شأن فيهما كونها ليسوا بشركاء بقرار الحرب وليس من واجبهم زيادة المخزون الأمريكي.
ويدرك العقلاء ان ثمن هذه الحرب سيكون مرتفعاً جداً وسيدفعه كل من يشترك فيها، وهذا ما حصل مع القارة الأوروبية التي بدأت بالأنين والشكوى منذ الآن، بل وتلطم خديها لأنها سارت وراء الولايات المتحدة في قراراتها بإيقاظ الدب الروسي الذي كان يركز على النهضة المحلية، وربما هذا أمر لا تريده واشنطن فحركت الناتو والرئيس الدمية زيلانسكي لوخز الدب النائم، لتدفع القارة جريرة ايقاظ بوتين من غفوته.
وظن بايدن أن صوت العويل الروسي سيجتاح العالم وربما يعلن بوتين حرب في شتى الاتجاهات فتضعف الدولة ويتزايد أعدائها، لكن روسيا شكلت تحالفها الخاص وبدأت بعملية محددة الوجة عسكرياً وشاملة اقتصادياً، لتكون النتائج عكس توقعات واشنطن حين ارتفع الصراخ والعويل الأوروبي دون أن تطلق عليهم روسيا طلقة واحدة، فالشتاء قادم والمستقبل قاتم وواشنطن تعاملت معهم على أنهم زبائن محتاجون لغازها فوضعت اسعار تعجيزية، كما رفضت السعودية أن تكون بيدقاً بيد بايدن، فأخذت قرارها بما يتناسب مع مصلحتها فيما على واشنطن أن تتحمل جريرة أفعالها المعيبة والتي تقوض السلم العالمي.
آخر الكلام:
لقد ثبت بما لا يدع مجال للشك أن قوة النفط قد تفوقت على قوة الدولار والإعلام والسلاح، كون النفط هو الحياة وبدونه ستعود القارة الأوروبية وأجزاء من الولايات المتحدة وكندا للعصر الجليدي، ليتأكد الجميع أن هذه الدول مجرد نمور من ورق وفي أفضل حالاتهم مجرد فزاعات لا ترعب الطيور التي تحط على رأسها.