«وانا بييز» -مريدو ما يتمنّون- من هم؟
بقلم: بشار جرار
النشرة الدولية –
يعرفون بالثقافة الأمريكية بالـ «وانا بييز» وقد اجتهدت بترجمتها بمريدي ما يتمنّون. إن قيلت في شخص فهي قطعا لا تعني مدحا، وتقال فيمن تأخذه الأماني بأن يكون شخصا لا يدرك، إلى درجة الوقوع في المحظور ، كأن تكشف تصرفاته أو هيأته أنه أبعد ما يكون عما يدعيه. وبحسب مخرجات تلك الشخصية -المدّعية- تكون ردود أفعال محيطها الاجتماعي بين غافر متعاطف، أو ساخر ساخط.
من الأمثلة على ذلك، مدعي دور المصلح الاجتماعي الذي يريد إصلاح ذات البين مثلا بين جارين متخاصمين ويعلم الناس أنه قاطع رحم منذ سنين عددا!
في حالة كهذا يكون الـ «وانا بي» أقرب ما يكون إلى حال المنافقين والعياذ بالله، الذين «يقولون ما لا يفعلون».
لكن النموذج الأخطر من فئة «مريدي ما يتمنون» في مجتمعاتنا -ليس الأردن وحده- هم «وانا بييز» مهن تتطلب مواهب وقدرات خاصة وسنين طوالا من التعليم والتدريب والممارسة حتى يصبح مثلا مريد الطبابة طبيبا ومريد التحقيق محققا ومريد الصحافة صحفيا.
في ظل العولمة والرقمنة، ظهرت في الصحافة ظاهرة فئة متخصصة أطلقوا عليها اسم الصحافة الاستقصائية، ثم ظهرت صحافة المرافقين وخاصة في العمليات العسكرية – سلما وحربا – المعروفة بـ «إمبيديد جيرناليزم». من أقوى النجاحات التي حققتها الصحافة الميدانية في التغطية إبان حربي البلقان والخليج كانت تلك الصحافة التي يسمح لها وفق شروط خاصة، اصطحاب مراسلي وكالات الأنباء ومحطات التلفزة حتى في أكثر الأماكن خطورة لا بل وفي مهام بالغة الحساسية من الناحية الأمنية. طبعا، يعلم المراسل المرافق أنه صحفي وليس عسكريا، بمعنى مهمته إخبارية تراعي مقتضيات صناع الخبر وأولويات عناصره وإنتاجه وسرده وبثه.
شهد هذا النوع من الصحافة سجالا ما زال قائما حول مدى قدرة المراسل على الحيادية لكن الضربة الأخيرة التي تلقتها الصحافة كانت فيما يعرف بـ «المواطن الصحفي» وهو سيف ذو حدين على المواطنة والصحافة معا ، ولعل في «الربيع العربي» المشؤوم الكثير من العبر.
لكن الظاهرة الأخطر التي تلت «المواطن الصحفي» المتعاون مع وكالات الصحافة ومحطات التلفزة المشهود لها بالمصداقية، هي الانفلات القاتل لظاهرة «الوانا بييز» من (المؤثرين أو الناشطين أو الصحفيين).
تكون جالسا في أمان الله متصفحا «الفيس» أو «التايم لاين» الأردني، لترى تهافتا على ما يظن البعض أنه سبق صحفي! لو عنزة عثرت لسارعوا إلى رفع صورتها أو فيديو لها وكأن «لايكا» أو تعليقا فيه إقالتها من عثرتها! هذا إن صدق الخبر وصدقت روايته أصلا.
أعلم أن العقوبة تردع، وأن الرقابة تنفع، لكن لا شيء في عالم اليوم يجدي مع أولئك الـ «وانا بييز» سوى التجاهل. أعجبني تعليق من أخ على «التايم لاين» الأردني الواعي لشائعة أو حادثة لا تستحق التوقف عندها قوله: أتركوا بينشف لحاله وبموت، مقولة وزير الصحة الأسبق سعد جابر، أسعد الله صباحه وصباحكم جميعا بكل خير..